موضوع: مدن إسلامية -الطائف الأحد أغسطس 14, 2011 11:20 pm
مدن إسلامية الطائف
من الناحية التاريخية يتلازم اسم الطائف مع قبيلة ثقيف، وبين ثقيف وقريش تنافس قديم أفضى إلى دخولهما في الحرب أكثر من مرة، وكان طبيعيا بالمقابل أن تتنافس الطائف مركز ثقيف ودارها، مع مكة التي لقريش من زمن، ولا يمكن الجزم إن كان التنافس بين المدينتين هو سبب صراع القبلتين، أم أن التنافس كان لرغبة ثقيف في استفزاز قريش، وكان طبيعيا أن تتزعم ثقيف حرب الفجار الثانية ضد قريش، ويطلق القرآن على الطائف ومكة، تسمية القريتين، فرأى المشركون في مختلف أنحاء الحجاز أن نزول القرآن على الرسول محمد الذي لم يعرف بالثراء أو الجاه لم يكن مناسبا، والأولى أن ينادي بدين جديد رجل مثل الوليد بن المغيرة زعيم قريش، أو عروة بن مسعود زعيم ثقيف، وكانت الطائف في العصر الجاهلي وفي القرن الأول من العصر الإسلامي مركز سوق عكاظ الأشهر بين أسواق العرب، وكانت إقامته تمثل أحد المناسبات التي تجمع القبائل العربية ضمن إطار تنافسها في مجالات الشعر والبلاغة، إضافة إلى الأنشطة التجارية المعتادة. أخذت الطائف اسمها من السور الذي بناه أهلها من ثقيف، وكانت من المدن القوية في الحجاز، وذهب الرسول إلى الطائف وهو يرجو أن تهتدي ثقيف للإسلام، فلحقه الأذى من أهلها وأطلقوا السفهاء يرمونه بالحجارة، ولكن الرسول يدعو الله أن أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، وكانت دعوته تتحقق بعد ذلك بسنين، ولموقع الطائف القريب من مكة كانت تمثل الوجهة التالية بعد الفتح الكبير، وكانت واقعة حنين آخر لحظات المقاومة الفعلية في شبه الجزيرة العربية، ودخلت ثقيف تباعا في الإسلام، وتحققت دعوة الرسول بأن تحولت إلى واحدة من أكثر القبائل تأثيرا في التاريخ الإسلامي، فرجالها كانوا يمثلون جزءا أساسيا في الجيوش الإسلامية منذ حروب الردة، ومنهم القادة العسكريون الذين تمكنوا من أنجاز فتوحات كبرى مثل محمد بن القاسم والحر بن عبد الرحمن. انتقلت ثقيف من المنافسة مع مكة إلى دور التكامل معها، حيث اعتمدت مكة في استمداد استقرارها ضمن منطقة الحجاز في الجانب الذي يتعلق باستقلالها السياسي وقدرتها على تأمين مواسم الحج، مهما كانت السلطة المركزية المتمثلة في دولة الخلافة ضعيفة، فأصبحت الطائف جزءا من المنظومة المكية، واستمرت ذلك طيلة القرون التي تبعت دخول ثقيف في الإسلام. تقع الطائف حاليا ضمن منطقة مكة المكرمة، ويمنحها موقعها الجغرافي على سفوح جبال السروات المرتفعة مناخا متميزا جعلها بمثابة أحد المقاصد المفضلة لأهالي السعودية حاليا وخاصة في الصيف، فمن النادر أن ترتفع درجات الحرارة في الطائف للمعدلات المرتفعة السائدة في المناطق المجاورة، وكانت الطائف تتميز سابقا، وما زالت بعض أحيائها بالمباني التي تتناسب مع هذه البيئة، وتكثر فيها العمارة القائمة على الطين والأخشاب المزخرفة، التي تتواجه في شوارع ضيقة، وفي الوقت الحالي فإن العمران الحديث أخذ يتوسع في المدينة. من أشهر معالم المدينة قصر شبرا الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، وتم تحويله إلى متحف مفتوح للتراث، وكذلك مسجد الصحابي عبد الله بن مسعود، ويوجد بالمدينة العديد من المنشآت السياحية الحديثة التي تخدم أهلها وزوارها من مختلف أنحاء السعودية.
الأحد أغسطس 14, 2011 11:20 pm