البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: نساء في تاريخ الإسلام ... ماريا القبطية الثلاثاء أغسطس 09, 2011 8:42 am | |
|
نساء في تاريخ الإسلام - ماريا القبطيـة
يتغافل كتاب السيرة عن مجموعة من المعطيات في الأحداث التي رافقت انتقال السيدة ماريا القبطية من مصر إلى المدينة المنورة، ويفضلون بوعي أو دون وعي، أن يضعوها في مكانة السرية أو الجارية التي أدى لحملها بابن الرسول الكريم الثالث، ابراهيم، لارتقائها لمرتبة الزوجة، ويبدو أن البعض يغفل أصل هذه الفتاة التي اختارها المقوقس حاكم مصر في هديته التي ترسل إلى النبي الكريم، فمع وصول الفتاتين ماريا وسيرين، ابنتا شمعون المولودتين في إحدى قرى محافظة المنيا الصعيدية، كانت الرسالة التي يحملها مرافقهما للرسول الكريم أنهما من منزل كريم في الأقباط، وأن أبوهما، من سادة الأقباط، ولأنه المقوقس يعرف أن رسالته ستصل إلى رجل على مبلغ عظيم من الفطنة والذكاء والشهامة والكرم، إن لم يكن التمثل والتجسد الكامل لهذه المعاني، وعليه يعرف أن أنهما مبعوثتيه، ستنالان منزلة رفيعة في المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة، ولماذا يرسل المقوقس فتاتين من كبراء الأقباط، فرسوله لن يمضي يوما أو بعض يوم في المدينة، بينما ستبقى ماريا وسيرين لفترة طويلة وتعبران عن الحضارة المصرية كرسالة إلى العرب ككل، وفي الرسالة الخفية التي لم تقل نصا أن الرسول الكريم تلقى عرضا بأن يتزوج أحد الفتاتين ليوطد علاقته مع مصر. إن المقوقس يبتعث عروسا للنيل، ولكن هذه المرة للرافد الجديد الذي سيعطي مصر جانبا آخر من العظمة، احتضانها للحضارة العربية لتكون قائدتها وعاصمتها، فعروس النيل كانت ممارسة مصرية قديمة تهدي لنهر النيل فتاة من الطبقة الأرستقراطية كل عام، كعرفان بفضل النيل على الأمة المصرية، وكان للإسلام فضله الكبير على مصر، فلم تكن ماريا جارية اعتيادية وإنما مبعوثة خاصة جدا للعرب، وأصبحت زوجة للرسول الكريم وأنجبت ابراهيم، وكان لابراهيم خلافا لأخويه القاسم وعبد الله نصيب بأن يعيش قليلا من العمر، وأن تقر به عيني الرسول، وأن يشهده يخطو بين الناس وتعلقت به قلوب المسلمين جميعا، وكان لهذا الوضع أن يعزز من مكانة ماريا في المجتمع الإسلامي ككل، ولم ينتقص رحيل ابراهيم من مكانة أمه بين المسلمين عزيزة وكريمة، أثناء حياة الرسول وبعد وفاته، ودعى الخليفة عمر رضي الله عنه المسلمين في المدينة للصلاة على السيدة ماريا، وكان فتح مصر يقترب بعد ذلك بسنوات، ويتم دون كثير من العناء مقارنة بما جرى في الشام والعراق، لأن المصريون أدركوا بذكائهم الحضاري أن العلاقات مع العرب ستكون مختلفة عن الوضع تحت الحكم الروماني، ولأنهم يعرفون، وعلى الأقل، نخبتهم، أن التصرف الذكي للمقوقس تمكن أن يمد الجذور مع الحجاز مبكرا، فكانت وصية الرسول الكريم بمصر وأهلها، «إذا افـتـتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة و رحما»، وكانت ماريا هي رسولة المصريين إلى رسول الله الكريم.
منقول
| |
|