البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: نساء في تاريخ الإسلام ... هاجر الأربعاء أغسطس 03, 2011 11:25 am | |
|
نساء في تاريخ الإسلام
هاجـــر
قضى النبي ابراهيم عليه السلام معظم سنوات حياته دون نسل، فزوجته سارة كانت عاقرا، ومع زيارته لمصر تزوج من هاجر، وكانت مراعاة مشاعر سارة بعد أن وضعت الفتاة المصرية ابنها اسماعيل دافعا لهجرة الأسرة الصغيرة إلى مكة، البلدة الواقعة في منتصف الحجاز، القسم الغربي من شبه الجزيرة العربية، والذهاب إلى مكة لم يكن مجرد رحلة إلى مكان بعيد لتمكين هاجر من العيش في سلام وحرية وإنما جزء من مهمة للنبي ابراهيم ليستأنف تاريخ البلدة الصغيرة ويرفع أركان بيتها المقدس، الكعبة المشرفة، وعليه كان انتقال هاجر بمثابة امتحان كبير لصبرها وتضحيتها، الفتاة القادمة من ضفاف النيل والأرض الخصبة، تذهب إلى واد غير ذي زرع، وفي غياب زوجها تسعى بين جبلين جيئة وذهابا لسبع مرات، قبل أن تفيض زمزم تحت قدميها، لتروي الرضيع الذي قدر له أن يخلف وراءه أمة عظيمة في تاريخ الإنسانية، العرب العدنانية، التي أنجبت الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم -، وبينما اضطلع ابراهيم بالمهمة السماوية تجاه البيت الكريم، كانت لهاجر المهمة الدنيوية القائمة على تعمير مبادئ الحياة في البلدة البدوية. إن الخبرة التي حملتها هاجر من منطقة معمورة ومتقدمة إلى بقعة صحراوية كان لها الأثر في أن تبني معالم مكة، المسكونة من قبيلة جرهم الكبيرة في تلك المنطقة، وكان التقدم الذي ورثه اسماعيل وبنوه فارقا في تاريخ مكة والعرب ككل، وفكرة العمران الذي حملته هاجر جينيا، اختلفت عن فكرة البداوة التي بقيت تلازم الفرع الآخر من نسل ابراهيم، اسحق وأبناؤه، بعكس ما يحاول البعض تصوير العرب كشعب متخلف مقارنة باليهود الشعب المتقدم والمبدع، هذه لم تكن حقيقة طيلة التاريخ، وحتى الوجود اليهودي في يثرب وغيرها لم يكن قائما إلا على وظائف تتعلق بالتنجيم وليس بناء الحضارة، فلم يترك اليهود إطلاقا أية آثار تدل على تقدمهم عن غيرهم من العرب. المحنة تتابعت على هاجر، ولكنها لقيت كل شيء بصبر استلهمته أيضا من تاريخها وأساطير شعبها المصري، فهي تجاوزت قدرة ايزيس على التضحية، فإذا كانت ايزيس قبلت فكرة فقد الزوج والأخ في الأسطورة، فإن هاجر واجهت بشجاعة فكرة فقد الابن، حين أوحى الله لابراهيم بأن يقدم ابنه ذبيحا، كانت مؤمنة أن القدر هو الذي يسير حياتها، وأنها يجب أن تتعامل مع المشيئة الإلهية بما يليق بالإنسان الذي يعرف أن حياته لا تنتهي مع الموت، فالموت لم يكن في حياة المصريين سوى حدث يقع ضمن الحياة، فوراءه خلود الروح ورحلتها اللا منتهية، وعلى ذلك تقبلت فكرة التضحية ووضعت أمرها كله بيد الله تعالى، لتكون الأم التي أورثت الأمة العربية روحها وقيمها الكبرى.
منقول
| |
|