الكلمة الاولى منصوبة (سلاماً)، والكلمة الثانية مرفوعة (سلامٌ)، لماذا وما الغرض الذي يؤديه هذا الاختلاف في الكلمتين؟ ايهما أبلغ تأثيرا؟ سلام الملائكة بالكلمة المنصوبة سلاماً، أم سلام ابراهيم بالكلمة المرفوعة سلامٌ؟ أما الكلمة الاولى (سلاماً) فهي منصوبة ولذلك نقدر لها فعلا ينصبها فتكون العبارة القرآنية: نسلم عليك يا ابراهيم سلاماً، او سلّمنا عليك يا ابراهيم سلاماً، أما سلام ابراهيم فهو مرتفع بالابتداء، فتكون العبارة كما يلي: وعليكم سلامٌ، أيّ العبارتين تدل على تحية افضل من أختها؟ ربما كان المعنى الذي قصدته الملائكة تحيةً واضحةً لشخصٍ محددٍ، أي نسلم عليك يا ابراهيم سلاماً، فتكون (سلاماً) توكيدا، كما كانت الاية الكريمة وأكيدُ كيداً، مثل الاية كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون فيكون التكرير اللفظي توكيداً، فالملائكة تؤكد السلام بكلمة (سلاماً) المنصوبة، لان المفعول المطلق من طبيعته ان يؤكد الكلام. وأما المعنى الذي قصده سيدنا ابراهيم (ع) بقوله: سلامٌ، بالرفع، فان له اتجاهين، الاول: الثبوت، أي ان رد ابراهيم ثابت على حال واحد وهو السلام، والسلام لديه شيء ثابت، وكلمة (سلامٌ) مرفوعة لانها ركن من الجملة الاسمية، وهذا النوع من الجمل يدل على الثبات كما يدل على حقائق الاشياء، فالسماء زرقاء، والنهر جارٍ، والشاي لذيذ، الجو بارد، كلها تدل على حقائق من هذه الاشياء المتداولة، فلم يقصد التأكيد، بل قصد رد التحية كقيام بالواجب المتعارف عليه في هذه الحياة وهي امور ثابتة، واما الثاني: فهو رد الرسول ابراهيم (ع) على قوم لا يعرفهم، ولكنه يريد ان يرحب بهؤلاء القوم، فرد عليهم افضل من تحيتهم لقد أخذ بأدب التحية كما علمه ربه، بل كما علم رسله جميعا، قال سبحانه ''واذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها او ردوها، سورة النساء 86، أي لكم مني سلام كضيوف عليّ، السلام سجية مني لكل ضيف وافد.