اعتاد إخوتنا المدرسون ان يكتبوا على اللوحة: حروف الجر، ثم يبينون اسماء هذه الحروف، ويكتبون امثلة تبين ان الاسم الذي بعد حرف الجر يكون مجرورا بالكسرة مثل: ''من المسجدِ الحرامِ الى المسجدِ الاقصى'' فقد وضعت علامة الجر وهي الكسرة على الاسماء المسجد لانها سبقت بالحرف (من) والحرف (الى). واذا كان الاسم مثنى أو جمعا فهناك تجر الاسماء بياء ساكنة او ياء ممدودة. وإنا جميعا في منازلنا او مدارسنا او مجالسنا يجب ان نشكر لهم صنيعهم الجيد في التعليم، ولكننا نطمع بالمزيد من هذه الفئة الكريمة من فئات المجتمع، ماذا نريد؟ نريد في الجمل التالية ان نميز بين معاني هذه الحروف، قال سبحانه ''وقد أحسن بي اذ أخرجني من السجن، وجاء بكم من البدو'' ما ميزة العبارة: أحسن بي عن أحسن اليّ؟ ترى لغتنا الشريفة أن هناك فرقا يتعلق بالمعاني لكلتا العبارتين، ان عبارة (أحسنَ بي) تدل على ان الاحسان ليوسف عليه الصلاة والسلام مستمر ما كان يوسف حيا، وأما أحسن اليّ تشير الى الغاية التي بلغ اليها الاحسان، وبهذه العين النحوية نتطلع الى استعمال حرف الجر (على) في الآية الكريمة، قال سبحانه ''وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما'' فعباد الرحمن يدركون ان الارض ممر لا ديمومة فيها؟، انهم على الارض، لم يغرسوا فيها أي شيء من أعمالهم، لا يتكبرون لا ينظرون الى الارض على انهم راسخون، ولو جاءت العبارة ''يمشون في الارض'' لافادت (في) نظرتهم الراسخة التي لن تتغير وهذا يدعوهم ليظنو انهم خالدون او سيخلدون، وانظر الى قوله تعالى عن النفخة الاولى ''كل منْ عليها فان'' فالآية تؤكد لهم الزوال فلا أحد سيرسخ في الارض ولا أحد يخلد فيها، انها طريق سائر، فجاء الحرف (على) ليدل على عدم الخلود وعدم الرسوخ و... لأن الآية تشير الى قرب القيامة، فلا قرار اذا ولا تمكين.. ان حروف الجر لها شكل ولها مضمون بل قُلْ لها مضامين، وسوف نكن لاساتذتنا الكرام في نفوسنا كل تقدير لهم اذ يربطون بين شكل اللغة ومضمونها.