موضوع: شيء من اللغة الجمعة سبتمبر 05, 2008 1:51 pm
شيء من اللغــة
د. كامل جميل ولويل
هل الواو مجرد حرف عطف؟
النحويون فيما يقول احد شيوخهم الكبار السيرافي الذي كان اول من شرح كتاب سيبويه يجمعون على ان الواو حرف عطف يجمع الاشياء بعضها الى بعض دون ترتيب فاذا قالوا: جاء النحو والادب، او درست المقالة السياسية والمقالة الادبية افاد قولهم جمع هذه الاشياء بعضها الى بعض من غير ترتيب، ويستشهد النحويون على ذلك بذكر آيات من القرآن الكريم تبين ان الواو لا تفيد ترتيب الاشياء فليس فيها المعطوف سابقا على المعطوف عليه وليس المعطوف عليه سابقا في زمنه ووقت حدوثه على المعطوف، وهذه بعض من امثلتهم: قال سبحانه ''ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك'' فذكر النبي (ص) قبل النبيين الاخرين، وقال سبحانه ''يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين'' بدأ بالسجود وانتهى بالركوع، فلم تفد الترتيب في كلا المثلين. وقال سبحانه ''فأنجينااه ومن معه في الفلك المشحون'' المعطوف والمعطوف عليه متصاحبان فالنجاة للجميع في وقت واحد وقال سبحانه ''ولقد ارسلنا نوحا وابراهيم'' بدأ هنا بالسابق ثم اتبعه باللاحق، فهذه الايات تدل على ان الواو تفيد الجمع ولكنه لا تفيد الترتيب فهي ليست كالفاء ولا مثل ثم، لان هذين الحرفين يفيدان الترتيب، قال سبحانه: ''أماته فاقبره ثم اذا شاء انشره'' والترتيب واضح فيهما. هل صحيح ان الواو ليست كأختيها الفاء وثم؟ هل صحيح انها لا تفيد الترتيب؟ الظاهر ان هذا الكلام لم يكن دقيقا، ان حرف الواو يفيد الترتيب، ولكنه ليس ترتيبا محصورا في الزمن فقط، بل يفيد الترتيب في الامور كلها، قد يكون الترتيب زمنا، وقد يكون للاهمية والمقام وربما يكون للاعداد والاوزان، فآية ''ولقد ارسلنا نوحا وابراهيم'' تفيد ترتيب الزمن وآية ''الذين آمنوا وعملوا الصالحات'' تفيد ترتيب الاهمية وهي تملأ القرآن، وأية فأنجيناه واصحاب السفينة'' بدأت بالمقام الاعلى وهو مقام النبي ثم عطفت عليه بصحبه المؤمنين، وأية مريم عليها الصلاة والسلام، بدأت بالسجود كمخاطبة لمريم وهي بالطبع تسجد كثيرا وهي وحدها ولكنها مع الناس تقوم للصلاة، وقد عُبر عن الصلاة بالركوع، تقول الصبح ركعتان والمغرب ثلاث ركعات، وهكذا تجد أي اية فيها الواو، وهكذا فان الواو للترتيب، ان لغتنا لسان عربي فائق الدقة.