البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: في شيء من اللغة - فصاحة عمر بن عبد العزيز السبت يناير 24, 2009 11:27 am | |
|
فـي شيء من اللغــة - فصاحة عمر بن عبدالعزيز
د. كامل جميل ولويل - لقد تحدثوا كثيراً تاريخاً وسيرة وعدلاً عن عمر بن عبدالعزيز الذي كان على رأس المئة الهجرية يحكم الدولة الاموية، ويصرف شؤونها باقتدار وعدالة جدد فيها حياة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فسموه الخليفة العادل. وهذه المقالة معينة بشيء بسيط من تأثير عمر بن عبدالعزيز في سلوك الناس وعقائدهم واخلاقهم بالخطابة وفصاحة الكلمة. قال عمر وهو يصعد المنبر يوم الجمعة غير ما سمعته في حياتي كلها في الاردن ومصر والكويت ولبنان وسوريا، هذه البلدان هي التي تلقيت العلم فيها وكنت استمع لخطب الجمعة، ولكن خطبة عمر بن عبدالعزيز لها طابع يختلف كثيراً، فلغته وهي المقصود الاول في هذه المقالة اثرت فيّ لفهم ما قال وما يهدف اليه في ذلك القول، والتأثير هو اول صفات النجاح في الخطبة، ان لم يؤثر الخطيب في الناس فقد دق مسمار الفشل في خطبه، قال عمر: ''اما بعد، ايها الناس انكم لم تخلقوا عبثاً، ولن تتركوا سدى، وان لكم معاداً ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم، فخاب وخسر عبد اخرجه الله من رحمته وحرم جنة عرضها السماوات والأرض''. لم، لن، استعملها للماضي المطلق وللمستقبل المطلق، فان حرف (لم) تنفي العبثية التي تبدو على الناس، ان نظام خلقنا ان نظام معيشتنا، ان تزويد الانسان بهذه الحواس الكثيرة، فان يسمع آلاف الاصوات ويميزها ليس شيئاً عبثياً، وان يرى ما حوله من مظاهر الطبيعة ومظاهر الانسانية، وان يميزها ليس شيئاً عبثياً، اذاً نفي العبثية نفياً مطلقاً، (ولن) حرف يفيد التأبيد، هو للنفي ايضاً ولكنه نفي المستقبل نفياً ابدياً، اذاً من جهز الماضي جهز المستقبل، ما هو المستقبل؟ اجاب عمر: أنّ لكم معاداً ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم، سينزل الله تعالى وفقاً لما يقول سبحانه: ''وجاء ربك والملك صفاً صفاً'' لم يبتعد عمر عن فهمه لقضية كبرى وهي كيف تكون الامور في اليوم الآخر، انها مختلفة جداً عما نحن فيه الآن، لقد تم الفصل، فماذا قال عمر في نتيجة الفصل؟ ''الم تعلموا انه لا يأمن عذاب الله غداً الا من حذر هذا اليوم وخافه، وباع نافداً بباقٍ''، طوبى لهؤلاء الناس، ولم يذكر عمر فئة او فئات من الناس باعت الباقي بالنافد، أي لم تنتبه الا للناقد، أي الذي ينتهي ضمن هذه الخمسين او الستين او السبعين التي تعيشها، وانهى كلامنا عن هذه الخطبة بكلماته هو فما اجمل وما اشد تأثير ذلك الكلام: ''الا ترون انكم من اصلاب الهالكين، ثم انكم في كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً حتى تغيبوه في صدع من الأرض غنيّ عما ترك فقير الى ما قدم'' ثم غلب على عمر الحزن وظن انه يخاطب نفسه فبكى وابكى.. وارجو الله تعالى ان يستلهم خطباؤنا كلامه.
منقول
| |
|