موضوع: في شيء من اللغة السبت فبراير 28, 2009 3:45 pm
فـي شيء من اللغــة
د. كامل جميل ولويل
الاقتباس من القرآن فـي الشعر
سئل الشيخ عزالدين بن عبدالسلام: هل يجوز ان نقتبس من القرآن الكريم في الشعر ونغير نظمه بتقحيم كلمة او تأخير كلمة، فيظل القرآن واضحاً بصورته العامة، ولكنه ليس قرآنا لأننا قدمنا كلمة وأخرنا كلمة في الآية الكريمة، ولنضرب لذلك مثلاً من كلمة الخطيب الفارقي في حلب في عهد سيف الدولة الحمداني، اذ قال: ''هنالك يرفع الحجاب ويوضع الكتاب، وضرب بينهم بسور له باب، لقد ضمن الخطيب الحلبي من سورة الحديد شيئاً يقوي به خطابه، والآية التي رجع اليها هي: ''قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب'' اقتبس شيئاً يعزز قوله، وقد سألني الشاعر الصديق منيف برهم وهو يضمن شعره سورة العصر، وقد افتيت فتيا ميدانية من غير تحقق، أنّ هذا عمل صحيح إذا أردت أن كلام الله أقوى الكلام وتريد ان تعزز به كلامك. اجاب الشيخ عزالدين انه جائز وضرب مثلاً لذلك من سنة النبي واقواله الحكيمة قال: (ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم) قوله: وجهت وجهي، ولكن الآية التي ورد فيها النص في سورة الانعام هي: اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفاً وما انا من المشركين''، ومن دعائه (صلى الله عليه وسلم) (اللهم آتنا في الدنيا حسنة)، وجاء في سياق كلمة لأبي بكر (رضي الله عنه) (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، فجعل الآية جزءاً من منطق الكلام لكنه لم يقصد الى الآية كجزء من السورة، وقال الشافعي وهو إمام لغة قبل أن يكون إمام فقه قال شعراً واقتبس فيه بعض اللفظ القرآني:. فان الله خلاق البرايا : عنت لجلال هيبته الوجوه. يقول اذا تداينتم بدين :الى اجل مسمى فاكتبوه. وكان للباقلاني صاحب كتابي دلائل الاعجاز واسرار البلاغة رأي في هذا التضمين او في ذلك الاقتباس، كما سماه آخرون، قال: إن أئمة البيان جوزوه وجعلوه من أنواع البديع، وسماه القدماء تضميناً والمتأخرون اقتباساً. ونحن في العصر الحاضر نسر كثيراً اذا وجدنا شعراً نوظفه لقوة كلامنا ونحن نزهو ونفخر اذا وجدنا او استطعنا ان نحصل على آيات كريمة نرصع بها كلامنا.