البلد : نقاط : 200510 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: في شيء من اللغة - إسلمي يا دار ميّ السبت ديسمبر 20, 2008 9:45 am | |
|
فـي شيء من اللغــة - اسلمي يا دار ميّ
د. كامل جميل ولويل - درجت العادة على الاخذ بهذا المثل ''خطأ مشهور خير من صحيح مهجور'' وذلك تبريرا لعبارات شاعت وهي لا توافق قواعد اللغة، ومن هذه العبارات قولهم ''يعتبر لاغياً''، فاذا كان قد صدر قرار ورأى المسؤول ان يغض الطرف عنه او ان لا ينفذه، كأن يكون وقع في القرار اخطاء، او رأى انه كان شديدا، فان المسؤولين يقولون ''يعتبر القرار السابق لاغيا''، ا هذا خطأ مشهور، لان كلمة لغا يلغو تعني يثرثر او يقول كلاما غير مفيد، واسم الفاعل من لغا هو لاغي، وما أبعد الثرثرة عن ازالة شيء ما مثل ازالة القرار السابق، ولكن الاحساس اللغوي لا يقبل ذلك، الاحساس يقول الغى هي التي تعني أزال، فاسم المفعول مُلغى، فالقرار مُلغى وليس لاغيا، نحن لا نستطيع ان نوقف العمل بهذه العبارات التي شاعت خطأ، ولكن على الاقل يدرك الكاتب ان الصواب ليس كذلك، وان للغة قواعد جيدة معتبرة والاصل الالتزام بها. وقد لفت نظري استعمال الفعل ''لا زال'' في بطاقات الاعراس، يقولون: لا زالت الافراح في دياركم العامرة، يعنون بذلك ان تدوم أي يصرفون معناها الى الزمن، تدوم الافراح ولا تنقطع، لا ليس كذلك. وحقيقة الامر ان ''لا زال'' ليست للزمن ولكنها للدعاء، فاذا كنت تدعو لاخيك بخير قلت له: لا زال الخير وفيرا لديك، أي ادعو لك بتوفر الخير، او اللهم اجعل الخير وفيرا بين يديك. لقد تعلق قلب الشاعر ذي الرمة في العصر الاموي بفتاة اسمها مي، لقد احبها حبا شديدا فدعا لها بهذه الدعوة. ''الا يا اسلمي يا دار مي على البلى: ولا زال منهلا بجرعائك القطر''. ماذا فعل الشاعر ذو الرمة: دعا ان تظل دار مي دارا واضحة صالحة ولو ان كل الدور التي في تلك المناطق اصبحت بالية متهالكة اطلالا، ودعا ايضا بكلمة (لا زال) ان يسقط المطر على دار مي ومنطقة مي وان يستمر نزوله، فهو يدعو بالفعل (لا زال) لانها للدعاء، واذا اراد الاستمرار فانه يقول (ما زال)، او (لا يزال)، لانهما للاستمرار. قال سبحانه (ولا يزالون حائرين إلا من رحم ربك)، اذا لكل فعل قاعدة ولكننا نسلم ان حركة الحياة لا تعطينا الفرصة لنتحكم فيها، ولكن نحفظ للغتنا أصولها.
منقول
| |
|