موضوع: أعلام الحضارة - الأصفهاني ... صاحب الأغاني الإثنين سبتمبر 29, 2008 7:07 pm
اعلام الحضارة
الأصفهاني ... صاحب الأغاني
عمر هلسة - هو صاحب الأغاني وصاحب الأغاني لا يخفى على دارس أو قاريء أو حتى مطلعٍ على تاريخنا العربي والإسلامي فهو خير من ترجم لأبرز شخوص ونوابغ العرب وهو خير من كتب الشعر في زمانه. ولد أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد المعروف بالأصفهاني في مدينة أصفهان من أعمال بلاد فارس سنة 284هـ/897م ويرجع المؤرخين نسبه لبني أمية فجده الخليفة مروان بن عبد الله بن مروان آخر الخلفاء الأمويين في الشام، نشأ الأصفهاني في دار علم وفضيلة فكان والده الحسين بن محمد يحرص على طلب العلم والثقافة الشائعة في عصره وكذا كان عمه الحسن بن محمد من كبار كتاب عصر المتوكل وهو الذي تولى تربيته وتعليمه وتشير المصادر التاريخية إلى أن نشأة الأصفهاني كانت في بغداد ولما شب توجه نحو الكوفة مستزيداً من علمائها فأخذ الحديث والتاريخ واللغة عن شيوخها ثم عاد إلى بغداد وبدأ وانكب على البحث والتحليل والدراسة واتصل بأغلب شيوخها وعلمائها. كان الأصفهاني عالِماً بأيام الناس والأنساب والسير كثير الشعر والمحاسن وكان ذا شخصية ثقافية متعددة الجوانب كثيرة المعارف وكان على علاقة وثيقة بالوزراء والسلاطين ومن المقربين للوزير الحسن بن محمد ابن هارون الملهبي وما انقطت أواصر هذه الصحبة الأدبية إلا بوفاة ابن هارون وكان على صلة بابي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة البويهي ولكنها كانت صلة يشوبها التنافس والشحناء حيث كان أبو الفرج يشغل منصب كاتب ركن الدولة آنذاك. جمع أبو الفرج الأصفهاني بين علوم مختلفة كالرواية واللغة والتاريخ والشعر والموسيقى والغناء من جهة وبين الجوارح والنجوم والطب والبيطرة من جهة أخرى وكان لا شك يجمع بذلك المتنافرات ولكن الدارس لشخصيته الأدبية والثقافية المميزة يجد من السهل على نابغة كالأصفهاني الجمع بين هذه العلوم المتضادة وهو صاحب المكانة الاجتماعية العالية في منتديات بغداد الادبية ومجالسها العلمية وإن كان أكثر ما أبدع وأشتهر به هو كتابة التاريخ والسير والأدب. ألف الأصفهاني عشرات الكتب والرسائل والقصائد وصلنا من قصائده الكثير ولكن من مؤلفاته لم يصلنا سوى كتابي مقاتل الطالبيين والأغاني، ولشهرة الأخير ارتبط اسمه بالأصفهاني بعد وفاته وحتى يومنا الحاضر ويعد الأغاني الذي قضى الأصفهاني في جمعه وكتابته خمسون عاماً من أجمل الموسوعات الادبية واعظمها غناء وثروة وضم تراجم لزهاء 300 شاعر وقرابة 60 من المغنيين والمغنيات ويعد لدى صفوة المؤرخين مرجعا مهماً وأساسيّاً في كتابة التاريخ العربي والإسلامي حتى أن وصفه ابن خلدون بأنه ''ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن'' ولكن تحفظ بعض المؤرخين على صلاح الأغاني كمرجع تاريخي وكانت حجتهم بذلك أن الاصل في تأليفه لم يكن تاريخيا بل كان الغرض منه امتاع الاسماع ومؤانسة القلوب وترويح النفوس وتحلية الاذواق ليس إلا، أما مقاتل الطالبيين فترجم فيه لجميع شهداء الطالبيين اي من كان من ذرية عبد المطلب بن عبد مناف منذ عصر النبوة إلى الوقت الذي الف فيه أبو الفرج كتابه في عام 313 هـ سواءا كان المترجم له قتيل الحرب أو صريع السم في السلم وسواء كان مهلكه في السجن أم في مهربه اثناء تواريه من السلطان ومن مؤلفاته المفقودة والتي أتى الأصفهاني على ذكرها في كتابه الأغاني ''أخبار القيان'' و''الاخبار والنوادر'' و''ايام العرب'' و''جمهرة انساب العرب'' و''النغم'' ومجموع الاخبار والآثار. كانت وفاة الأصفهاني في بغداد سنة 356 هـ/967م بعد حياة صاحبة مليئة بالعلم والعمل والتأليف ولم تكن تخلو من اللهو والاستمتاع بطيبات الدنيا ولعل أكبر دليل على عظم موهبته وشأنه أن لم يصلنا منه سوى كتابين اثنين وحقق شهرة امتدت إلى اليوم.