موضوع: أعلام الحضارة - الطبري .. صاحب التاريخ الجمعة سبتمبر 26, 2008 10:52 am
اعلام الحضارة
الطبري .. صاحب التاريخ
عمر هلسة - هو صاحب التاريخ وأبو التفسير ومن عنده تبلورت فكرة كتابة التاريخ عند العرب وأصبح علماً يضاهي كل العلوم، ولولا ضياع بعض ما كتب لكان مذهبه الإسلامي حاضراً حتى يومنا هذه. ولد محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب المعروف بالطبري في طبرستان سنة 224هـ/838م ولم يبدأ بطلب العلم إلا بعد أن شب ووصل حوالي العشرين من عمره فأكثر الترحال ولقي نبلاء الرجال وسمع من مشايخ عصره وله رحلات إلى العديد من مدن العالم الإسلامي آنذاك وكان من أشهر وأعظم المؤرخين و المفسرين ومن الفقهاء المستنيرين أصحاب الفضل وله أهم مراجع التاريخ والتفسير وبرع أيضاً في علوم القراءات والحديث وبكل ما ارتبط بها من مباحث. قرأ الطبري القرآن في بيروت على يد العباس بن الوليد وتفقه على الشافعي حتى أصبح من كبار أصحاب الشافعيّة ولكنه انفرد عنها واجتهد خيراً وأطلق مذهباً مستقلا لم يكتب له الدوام لفقدان مدوناته، وتفرق أصحابه وأتباعه، تنقل الطبري بين المدينة المنورة ومصر والري وخراسان واستقر آخر عمره في بغداد. من أهم كتب الطبري كتاب التفسير وأجمع علماء الدين بكل القرون التي تلت الطبري على عظم قيمة هذا التفسير، وأنه لا غنى عنه لطالب العلم خصوصاً وللأمة عموماً فالطبري بلا منازع هو أبو التفسير وشيخ المفسرين، وعُدَّ تفسيره من أقوم التفاسير وأشهرها، والمرجع الأول للتفسير بالمأثور وله أيضاً تحفة لم يصنع مثلها احد قبله ألا وهو كتاب تاريخ الأمم والملوك والمعروف اليوم باسم تاريخ الطبري والذي جمع به تاريخ كل الأمم السالفة حتى يومه وأخبارهم وحكاياتهم وما وصلنا منهم وعنهم ليكون تجربة انسانية متقدمة في كتابة التاريخ ومن المراجع الأصيلة التي احتفظت بعلو مكانتها لأكثر من ألف عام وبالإضافة للكتابين السابقين ؟أهم كتابين في التفسير والتاريخ- للطبري كتاب ''آداب النفس الجيدة'' وكتاب ''الأخلاق النفيسة'' وكتاب ''اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام'' وكتاب ''فضائل أبي بكر وعمر'' رضي الله عنهما وكتابي ''صريح السنة'' و''لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام'' ووضح بهما مذهبه الذي اختاره وجوّده واحتج له. تعرض الطبري لمحنة شديدة في أواخر حياته بسبب التعصب المذهبي، فلقد وقعت ضغائن ومشاحنات بين ابن جرير الطبري ورأس الحنابلة في بغداد أبي بكر بن داود أفضت إلى اضطهاد الحنابلة لابن جرير، وكان المذهب الحنبلي في هذه الفترة هو المسيطر على العراق عامة وبغداد خاصة، وتعصب العوام على ابن جرير حتى منعوا الناس من الاجتماع به، وخلطوا بينه وبين أحد علماء الشيعة واسمه متشابه مع ابن جرير، وهو ''محمد بن جرير بن رستم'' وكنيته أيضًا أبو جعفر وظل ابن جرير محاصرًا في بيته متعبداً ومؤرخاً وإماماً فاضلاً وابتدأ بتصنيف كتاب تهذيب الآثار ومات قبل اتمامه سنة 310هـ/922م.