موضوع: لصوم منهج حياة (8) - نهوض أمة الأربعاء سبتمبر 17, 2008 8:19 pm
الصوم منهج حياة (8 ) - نهوض أمة
د. محمد سعيد حوى - ما من امة عبر التاريخ لها رصيدها الثقافي والحضاري والتاريخي الا وتمر بمراحل من القوة والضعف وما من امة لها رسالة وثقافة وغاية تؤديها في الحياة، وما من امة تحترم تاريخها وثقافتها ورسالتها الا وتود ان تكون في حالة نهوض مستمر واذا ما مرت في حالة ضعف وتراجع تجد مفكريها وساستها وقادتها يعكفون على الدراسات والابحاث لِمَ تخلفنا؟ وكيف يمكن ان نرتقي وننهض. ولا شك ان البحث في هذا المجال من اوجب الواجبات. وهنا نقول: من اولى من امتنا بالنهوض واستدراك هذا الانحطاط الرهيب الذي وقعت في اسره.. وطال رقادها فيه. ولعل من بدهيات البحث في هذا الأمر ان نقول ما اهم اسباب السقوط، ما عوامل النهوض. اسباب السقوط عديدة لكن من اخطرها وخاصة فيما يخص امتنا ان تسيطر على الأمة شهواتها وغرائزها ومن ثم تنصرف الى الدنيا وجمع المال لذات المال والشهوة مع ما سيحدثه ذلك من صراعات وتشققات وفرقة واخلاء الى الارض.. وهذا ما حذر منه (صلى الله عليه وسلم): ما الفقر اخشى عليكم لكن اخشى ان تفتح الدنيا عليكم فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما اهلكتهم . وفي حديث اخر يبين ان اخطر فتنة هي فتنة النساء ويشخص مرضاً آخر صلى الله عليه وسلم تتداعى عليكم الامم كما تداعى الاكلة الى قصعتها، فقيل امن قلة يا رسول الله، قال بل كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل .. (ان الفراغ من كل شيء تعلقاً بالقشور والشهوات). ثم يقول صلى الله عليه وسلم ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقفذفن الله في قلوبكم الوهن، قيل وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت اخرجه احمد وابو داود. لا شك ان الحديث تشخيص كامل للداء، دنيا، مال، شهوات، تفرق، ومن ثم تسلط الاعداء .. عنوان ذلك كله الغثائية. السؤال الكبير كيف نخرج من ذلك؟. وقبل ان اجيب: اقول لو ارادت امة ان تضع خطة نهوض فما هي مقومات هذا النهوض؟ لو ارادت امة ان تتصف بالقوة ما هي مقومات ذلك؟. اذا اريد لجيش ان يحقق انتصاراً في معركة (ما) ما مقومات ذلك كله. لا اظن احداً ينازع ان من مقومات ذلك الاساسية:. - الارادة والعزيمة. - الصبر. - المراقبة. - الضبط في ظلال قلب سليم من خلال منهج سليم وقدوة صالحة. اولاً: الارادة التي تجعل من الفرد والامة احراراً فيما يأخذون ويتركون. الارادة والعزيمة التي تدفع الانسان والأمة الى اتخاذ القرارات الكبيرة في الحياة والاصرار على المضي قدماً نحو الهدف السليم الصحيح الذي يقنع به الانسان او الامة. والقرآن كم وجهنا ان لا نكون مقلدين اسرى لغيرنا اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين أُتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب . وقالوا ربنا انا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل . والنبي صلى الله عليه وسلم يحذر قائلاً لا تكونوا امعة تقولون ان احسن الناس احسنا، وان ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساؤوا الا تظلموا اخرجه الترمذي (2007). اذا لم توجد الارادة الحرة المستقيمة الصالحة الصادقة المبنية على القناعات الراسخة لا يوجد عمل ولا بناء ولا سلوك صحيح. كان شعار الانبياء ان اريد الا الاصلاح ما استطعت فجمع بين الارادة والاصلاح . وهذا من مضمون انما الاعمال بالنيات ومضمون قوله تعالى طاعة وقول معروف، فلو صدقوا الله لكان خيراً نعم صدقوا، اذن ههنا ارادة وعزيمة صادقة مخلصة تقترن بعمل صالح (طاعة وقول معروف). انظر الى قوله تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر، فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين .. (آل عمران: 159). المتأمل في هذه الآية الكريمة يجدها تقر راسباب الاصلاح والتغيير ومن ثم طريق النصر والعزة للأمة. فجاء بعدها مباشرة ان ينصركم الله فلا غالب لكم لنرى ان اساسيات هذا الاصلاح والتغيير:. - قيادة ذات خلق عظيم. - امة متعاونة مع قيادتها ومنسجمة معها. - منهج تعامل قائم على الشورى. - ارادة وعزيمة. - قلوب صالحة عنوانها التوكل على الله. وانت ترى ان واسطة العقد في ذلك كله الارادة والعزيمة. فهي اثر عما سبق وسبب لما بعد.. والحديث في ذلك يطول لكن: السؤال كبير اذا سلمنا ان من اولويات النهوض الارادة، اين الصوم من ذلك. هل هناك عبادة تربي في الانسان معنى وحقيقة الارادة مثل الصوم، يمتنع بارادته ومن غير رقيب ولا حسيب الا الله عن المباحات والشهوات طواعية وحباً. هل هناك منهج في الحياة يربي الارادة في الأمة ببساطة ويسر وعلى مستوى الامة كلها، كالصوم في منهج الاسلام وللحديث بقية ان شاء الله.
الأربعاء سبتمبر 17, 2008 8:19 pm