البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: الصوم منهج حياة (9) - إرادة الصحة والإنتصار الخميس سبتمبر 18, 2008 7:26 pm | |
| الصوم منهج حياة (9) _ ارادة الصحة والانتصار
د. محمد سعيد حوى - لنقرب الى تفكيرنا مفهوم الارادة على طريق النهوض والتغيير ودور الصوم في ذلك، نستعرض هذه الصور الثلاث التي استعرضها من قبل المفكر الاسلامي مالك بن نبي. الاولى: صورة طفل صغير يقود جملاً كبيراً كيف يشاء يميناً ويساراً. والثانية: طفل صغير يقود رجلاً كبيراً من جنسه( معتوها او مجنونا) لا يتمتع بقواه العقلية، فيأمره وينهاه كما يشاء. والثالثة: صورة مستقاة من الصورتين السابقتين وهو ما حدث من استعمار الانجليز للهند، ذلك ان مدلول الصورة الاولى: ان الجمل مع ضخامة جسمه يفقد امام الطفل الصغير امراً مهماً وهو الارادة التي ميّز الله بها الانسان وهذا الطفل مع صغره بارادته اقوى من الجمل بضخامته ومتفوق عليه. واما الصورة الثانية فانها للطفل نفسه يتصرف تصرف السيد مع المسود لأن الرجل الكبير فاقد لارادته بينما الطفل مع حداثة سنه متمتع بها. وهكذا الصورة الثالثة تمثل واقع العلاقة الاستعمارية بين الشعب الهندي (مثلاً) والشعب الانجليزي الذي كانت حكومته تستعمر الهند وتسرق مواردها. فكأنما الطفل في الصورتين هو الانجليزي فرغم قلة عدده نسبياً امام الهند وربما حداثته يتصرف بالأمة الهندية (رغم ضخامة اعدادها وعراقتها في التاريخ) كما يشاء. ما الذي ميّز الانجليزي عن الهندي اذن.. ان الصورتين الاوليين تمثل حالة مرضية، ليس المريض فيها الصبي بل هو الرجل الكبير المعتوه وحالته تتطلب علاجاً سريعاً يعيد له ارادته ورشده. اما لو بقينا نلوم الصبي على سلوكه مع المجنون او المعتوه فان هذا اللوم لن يعيد للمريض رشده وارادته، وكذا الحل اذ وجهنا لومنا للمستعمر او المحتل او الغاصب، طالبين منه ان يكون مثالياً وعادلاً وننسى ان نوجه اللوم لأنفسنا ان اصبنا بداء قابلية الاستعمار اثر فقد حقيقة الارادة. فلماذا نوجه اللوم للآخرين ونحن نتحدث عن مشكلاتنا وتخلفنا وضعفنا. لنقول وراء ذلك الاسلام ارادنا امة قوية ذات رسالة وحضارة تمنح الانسانية العطاء والعلم والعدل.. ولنكون كذلك، وضع لنا منهجاً يقودنا الى التحقق بأسباب ذلك ومن ثمرات هذا المنهج الكبرى بناء الارادة والعزيمة على طريق الرشد والصحة النفسية والايمانية وتأتي عبادة الصوم في الذروة من ذلك تماماً كما اشرت من قبل هل تجد منهجاً يمكن ان يبني الارادة في الانسان كل الانسان مع سهولة ويسر وبساطة كالصوم. والارادة والعزيمة هذه مكون اساسي من مكونات شروط النهضة لأي امة كانت ولعل من هنا، نلحظ لماذا ختمت الآية الثالثة من آيات الصوم لعلهم يرشدون . عود على بدء:. قلنا ايها الاخوة والاخوات:. ان مقومات النهوض: ارادة ومراقبة وصبر مع منهج سليم وقدوة صالحة في ظلال قلب صحيح. واريد ان اقول من وراء ذلك هل رأيت عبادة يمكن ان تبني كل ذلك في الانسان كالصوم. فهو يربي الارادة كما رأينا وينمي فينا معنى المراقبة الذاتية القلبية لله تعالى، وكل ذلك لا يتم الا مع الصبر مقروناً ذلك كله بالثقافة الصحيحة القائمة على التوحيد والعبودية لله. وتصور معي ان امة (ما) تحققت بالارادة والعزيمة وتولد لديها روح المراقبة الذاتية والمحاسبة الدائمة من غير توقف ذلك على وجود رقيب او حسيب بل يكون ذلك نابعاً من ضميرها ودأبت على ذلك صابرة مجاهدة مع انضباط كامل في العمل والقانون والوقت والحياة، وقد وضعت لنفسها اهدافاً عظيمة مستقاة من رسالتها فأي امة ستكون؟!. ان الصوم يحقق ذلك فينا كله مع شرط آخر مهم وهو التطهير بدءاً من اسباب السقوط والانهيار.
منقول
| |
|