موضوع: الصوم منهج حياة (6) - حتى يغيروا ما بأنفسهم الجمعة سبتمبر 12, 2008 10:37 am
الصوم منهج حياة (6) - حتى يغيروا ما بأنفسهم
د. محمد سعيد حوى - تعالوا بنا - ايها الاخوة والاخوات - نتعلم في مدرسة الصوم كيف يكون التغيير الايجابي، كيف يكون معالجة ما قد نراه فينا من تقصير وقصور واخطاء ومخالفات. اذا كان بعضنا يعيش حالة من الحياة الرتيبة المتكررة المملة، كيف يخرج من ذلك. اذا كان بعضنا يعيش محدوداً في اهدافه وتطلعاته، وآثاره في الحياة كيف يخرج من ذلك. ولا شك ايضاً نحن مدعون ان نتساءل ما هي جوانب التغيير المطلوبة في حياتنا، وكيف؟ وما دور رمضان والصوم في ذلك. ما احوجنا ان نزرع في قلوبنا ومن ثم في منهجية حياتنا وسلوكنا جملة من القيم والسلوكيات. فالالتزام بدقة النظام والمواعيد والعمل وحفظ الوقت من القيم الايمانية الرائعة. الا ترى الى حديث رسول الله نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ . وحديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع: عن عمره فيم افناه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من اين اكتسبه وفيم انفقه، وعن جسمه فيم ابلاه اخرجه الترمذي (2341) وقال حسن صحيح. ولشدة كراهية الاسلام لإخلاف الموعد جعله من علامات النفاق البارزة اذا وعد اخلف وحث الاسلام على النظام التام. ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص . علمنا كيف نكون متراصين في صفوفنا في الصلاة، وباختصار ديننا دين النظام والدقة في الوعد والحفاظ على الوقت، وان من شروط تقدم أي امة من الأمم ان تتحقق بهذه القضايا على اتم وجه فيها. واذا رجعنا الى احوال امتنا ونظرنا في بعض اسباب مظاهر التخلف فيها نجد هذا جزءاً من المشكلة. نحن اذن، بحاجة الى التغيير في هذا الجانب، اين رسالة رمضان في هذا الصدد؟. اليس رمضان يعلمنا ان نبدأ الصوم في لحظة محدودة ولينتهي في لحظة محددة اليس الأمة كل الأمة تبدأ وتنتهي معاً. الا يعلمنا الصوم كيف نراقب سلوكياتنا وانفسنا وابصارنا وجوارحنا.. اذن هل يمكن ان نجعل من رمضان مدرسة التغيير في معالجة اخطائنا في قضايا النظام والوقت والوعد. مأساة اخرى. مأساة اخرى نعاني منها اليوم ونحن احوج ما نكون الى التغيير فيها، انها عادة من اسوأ العادات عادة التدخين. هذا السم القاتل، الفتاك فتكاً بالصحة وتلويثاً للبيئة واستهلاكاً للمال، وقتلاً للأرض الصالحة للزراعة مع ماله من اثر سلبي على صفاء روح الانسان واستقامته ايمانياً اذ كل معصية لا بد ان تحدث اثرها السلبي في قلب الانسان وروحه. اذن نحن احوج ما نكون الى التغيير في هذا الامر.. للأسف ان الشعوب الغربية قد استطاعت ان تحدث تغييراً مهماً في هذا الصدد فمنعت ان يكون تدخين في وسائل النقل العامة وفي الاسواق والتجمعات البشرية والمباني العامة والمؤسسات والمطاعم وفرضت اشد العقوبات على المخالفين.. والأهم ان الناس يلتزمون.. وهم في ذلك كله منطلقون من منطلقات دنيوية ومصالح انسانية فكيف لو اجتمع الى ذلك الوازع الديني كما هو الأمر عندنا. لماذا لا نلتزم؟ لماذا نخالف القوانين والتعليمات في ذلك؟ وعندنا من القوانين مثل ما عندهم لماذا اول من يخالف هذه التعليمات من وضعها احياناً؟. نحن بحاجة ماسة الى التغيير في ذلك ان لا نكون اسرى عادة التدخين، ان لا نخالف كحد ادنى التعليمات في ذلك. ان الصوم مدرسة عظيمة في هذا التغيير فأنت تمتنع كحد ادنى 12 ساعة يومياً عن التدخين، اذن.. هي فرصتك، لتغيير نمط حياتك وعلاقتك بالتدخين وانت تمتنع بارادتك ومن غير رقيب الا الله، اذن الصوم فرصتك ان تبني في نفسك وازع المراقبة الداخلية، فلا تدخن في مكان عام ملتزماً بالتعليمات حتى ولو لم يرك احد. هذان نموذجان لدور الصوم في التغيير واود من اخي القارئ ان يفكر معي كيف يكون التغيير الايجابي في شهر الصوم في شتى مجالات الحياة..