البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: النفس في القرآن (4) الجمعة سبتمبر 05, 2008 10:48 am | |
|
النفس في القرآن (4) - لا تجزي نفس عن نفس شيئاً 2/2
عبد الله حجازي - نتوقف لقراءة اعمق وادق، في الاركان الثلاثة التي صاغت القانون الذي قدمته الآية 48 من البقرة واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون هذه الاركان التي جاءت نتائج اعمال سبقتها كونت المقدمات التي اوجبت صناعة هذا القانون الذي جاءت نتائجه ولا هم ينصرون فالمقدمة العمل والحيثية النفي والنتيجة لا ينصرون حدود ترتبت على بعضها البعض، وحتى يمكن بيان ذلك، لا بد من السير مع كلمات هذه الآية التي ماثلت صنوها الآية 123 من البقرة نفسها. ان اتقوا لفظة قدمها النص القرآني، عبر احوال عدة، تتشكل هذه الاحوال من واقع طبيعة المحيط الذي استخدمت فيه اللفظة، وهنا نجد انها جاءت في ظروف تحذير، مما دفع البعض الى وضعها في مصاف الوعيد، اما دلالات التقوى فقد امتدت عبر طيف من المعاني التي بدت بظاهر فقه هذه الكلمة حفظ النفس من مكروه وامتدت لتعبر عن موقف تعبدي حين تنطلق التقوى لتصل الى التزام ما يرضي الله ويرضى عنه وقد قيل فيها المتقي فوق المؤمن الطائع و المتقي من اذا قال، قال لله، ومن اذا عمل، عمل لله .. والمتقون من نزع الله من قلوبهم حب الشهوات ، الى ان نصل في معناها ما قيل انه جماع الخير ، كل هذا قد يقدمه موقف من مواقف صنعتها نصوص او نص قرآني، كما نجد ان احدها جاء على تفصيل وتفضيل في مواقف اخرى، المهم ان التحذير او الوعيد ب التقوى كما جاء في مقدمتي الايتين اللتين خاطب الله تعالى بهما بني اسرائيل، انما جاء رداً على العنت الذي ركب ظهره العناد الموروث للكفر الذي صبغ مسيرة حياة بني اسرائيل. على اننا نجد في الآيتين 48 و123 من البقرة، اجماعاً على ان الجزاء لا يمكن تجييره حين يقع على نفس استوجبته، وان الشفاعة غير واردة او مقبولة الا ممن وهبها الله تعالى اليه، وان العدل الموازي لا يأخذ من نفس وجبت عليها غرامة ترتبت على تضاد مع قواعد ونظم وضوابط عقائدية، كل هذا يفضي الى هزيمة، مقدماتها واضحة تماماً، ذلك ان طلب الجزاء او البحث عن الشفاعة او رجاء قبول العدل، انما يأتي حين يكون العبد في ساحة معركة يخوضها دفاعاً عن مصيره الى عذاب مقيم في جحيم في خلود باق في جنة النعيم. ان الحقائق المطلقة التي حملتها هاتان الايتان، تقدم لنا المنهج الالهي في صياغة ضوابط الحياة، ليست الآخرة فحسب، بل انهما يقدمان ايضاً، نموذجاً يجب ان يحتذى في الحياة الدنيا، وذلك عبر احتكام تشريعاتنا الموضوعة كلها، للعناصر الاساسية الثلاثة التي رسمتها الايتان بتكرار بالوضوح الكامل لا تجزي نفس عن نفس شيئاً، لا يقبل منها شفاعة، لا يؤخذ منها عدل، فاذا كانت هذه هي موازين يوم الحساب الاكبر والاعدل، فهي يجب ان تكون منارات الهداية لموازين العلاقات في الحياة الدنيا، حيث الحراك الحياتي لذرية آدم.
منقول
| |
|