البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: عزل الأبنية حراريا؟ الثلاثاء نوفمبر 27, 2012 2:08 pm | |
|
عزل الأبنية حراريا ؟
د.أيوب أبودية - في موسم الشتاء البارد يتبادر إلى أذهان الكثيرين السؤال التالي: هل نعزل الأبنية عزلا حراريا من الداخل أم من الخارج؟ ومن منهما الأفضل كفاءَة والأقل تكلفة! إن عزل البناء من الخارج ضد الرطوبة وفقدان الحرارة أفضل بكثير من عزل البناء من الداخل، وبخاصة من الناحية الإنشائية، ذلك لأنه في حال العزل الحراري الخارجي يكون هيكل البناء الإنشائي المصنوع من أعمدة وجسور وعقدات خرسانية معزولاً عن التغيرات الكبيرة في درجات الحرارة ونسب الرطوبة التي تحدث خارج البناء بفعل التعرض إلى الأحوال الجوية والمناخية المتغيرة، الأمر الذي يقلل كثيراً من التشققات والأضرار المتنوعة التي تنجم عن الحركة والصدأ والتأكل والتعرية غير المرغوب بها جميعا في حال الأبنية!. لذلك، فإن عزل السطح حرارياً يفضل أن يتم بعد صب العقدة، أي أن يوضع العازل الحراري من فوقها، ولكن هذه الميزة لا تتوافر دائماً في الجدران الخارجية للأبنية كما تتوافر في طبيعة السقوف، لماذا؟ طالما كانت الكثير من أبنيتنا مغلفة من الخارج بالحجر الطبيعي الجميل، فلا سبيل إلى العزل الحراري عند ذاك سوى من الداخل. ولكن العزل الحراري من الخارج له حظه في المنشآت المبنية بمواد أخرى غير الحجر أو الرخام، كمنشأت الطوب أو خرسانة الدك، على سبيل المثال. وتقوم وسيلة العزل الحراري المناسبة للأبنية المقامة من الطوب أو خرسانة الدك على بناء جدار خارجي جديد يفصل بينه وبين الجدار القديم فراغ، حيث تتفاوت سماكة الفراغ الذي ينبغي أن يعبأ بمواد عازلة للحرارة، كالبوليستيرين أو الصوف الصخري أو الصوف الزجاجي أو البيرليت، فيما بنبغي ألا يترك الفراغ فارغاً صافيا، فإن كفاءَة الفراغ الهوائي في العزل الحراري قليلة جداً. وبالمقابل، يقوم عزل الأبنية المغلفة بالحجر الطبيعي أو بالرخام عزلاً حرارياً من الداخل على وضع الطبقة العازلة على الجدار الخارجي من الداخل مباشرة، ثم يبنى خلفها جدار من الطوب المفرغ مثلاً أو يغطى بنوع معين من أصناف الديكور، كألواح الجبس أو الخشب وما إليها. ويراعى، في هذه الحالة، أن يتم حماية العزل الحراري بمواد غير منفذة لبخار الماء، كأغطية البوليتين (النايلون) مثلاً بسماكة مناسبة لمنع تكاثف بخار الماء الموجود في الهواء الداخلي عند منطقة العازل أو من حولها، وذلك بأن توضع الطبقة الصادة للبخار بعد تثبيت العازل الحراري، أي أنها يجب أن توضع من الداخل في حالات الأبنية السكنية الاعتيادية. ويصاحب طرق البناء التقليدية استهتاراً في أهمية العزل الحراري ونقصاً في الكفاءات، وضعفاً في مهارات التنفيذ، نتيجة عدم إيلاء الإشراف المتخصص أهميته اللازمة، ونتيجة عدم توفر الأيدي العاملة الفنية المتخصصة بأعداد كافية. وينجم عن ذلك كله ثغرات في العزل الحراري تسهم في تسرب الطاقة إلى خارج البناء، وفي تشكل جسور حرارية باردة تؤدي إلى تكاثف بخار الماء عليها ونمو الفطريات والعفن وتكاثرها. لذلك، ينبغي أولاً إنجاز العزل الحراري الداخلي كاملاً مع طبقة صد بخار الماء ومن ثم نقوم ببناء الطوب أو وضع الدك الجبس أو الخشب فوقها وتغطيتها. ومن الخطأ وضع العزل الحراري في أثناء بناء الجدار وصب الخرسانة لأن هذه الطريقة ينجم عنها عيوباً كثيرة لم نعد نحتملها في هذا العصر الذي باتت فيه أسعار المحروقات ترتفع بلا هوادة. خلاصة القول في اختيار طريقة العزل الحراري الداخلية أو الخارجية أن هناك حالات متنوعة ينبغي أخذها بعين الاعتبار؛ منها طبيعة البناء وموقعه ومستوى الإشراف الهندسي عليه، فضلاً عن حجم الاستثمار ونوعيته التي غالباً ما يحددها صاحب البناء؛ ومن هنا نخلص إلى ضرورة زيادة وعي عامة الناس لمسألة العزل الحراري لأن القرار النهائي في الأردن هو لصاحب البناء بالدرجة الأولى، أي لصاحب رأس المال أو من ينوب عنه، وليس القرار في العادة للمهندس أو المقاول أو الجهة المانحة لإذن الأشغال، على الأقل في جل المشروعات السكنية. وهذه الثغرة التنظيمية هي في رأينا أهم بكثير من الثغرات والجسور الحرارية الموجودة في جدران البناء وسقوفه!!
| |
|