موضوع: هل تحل التهوية مشكلة العفن في الأبنية ؟ الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 4:37 pm
هل تحل التهوية مشكلة العفن في الأبنية؟
يُقصد بالتهوية هنا فتح الأبواب والنوافذ لتغيير الهواء الداخلي. وهذه هي التهوية المباشرة. ولكن هناك تهوية غير مباشرة تتمثل في تسرب الهواء، بفعل ضغط الرياح الخارجية، وذلك من خلال الشقوق الموجودة بين أجزاء الأبواب والنوافذ أو بينها وبين الجدران ومن خلال الشقوق في صناديق الأباجورات وتمديدات الكهرباء وفتحات التهوية والمداخن وما إلى ذلك. وفي الغالبية العظمى من أيام الشتاء الباردة، تكون الرطوبة داخل البناء أعلى مما هي عليه في خارجه، لأنه كلما زادت درجة حرارة الهواء استوعب كميات أعظم من بخار الماء، وذلك نتيجة نشاطات الإنسان نفسه كالاستحمام والطبخ وحرق الغاز والمشتقات النفطية وتجفيف الثياب وعمليات التنفس وإفرازات العرق والتنظيف، فضلاً عن عوامل عديدة أخرى. لذلك، فأن زيادة كمية بخار الماء في الهواء الداخلي وارتفاع درجة الحرارة داخل الأبنية تؤدي إلى ارتفاع قيم ضغط الهواء، الأمر الذي يدفع بالهواء الداخلي الدافئ المثقل بالبخار للانتقال إلى خارج الأبنية عبر الحواجز التي تفصلهما عن بعضهما، كالجدران الخارجية والسقوف. في خلال عملية انتقال الهواء الداخلي المثقل بالبخار عبر هذه الحواجز خلال فصل الشتاء، يتكاثف بعض بخار الماء، أي يتكوّن الندى. كما يتكوّن الندى أيضاً على أسطح ألواح الزجاج الباردة الأكثر برودة، وعلى أسطح هذه الحواجز الباردة عند الأماكن الملائمة لذلك. يحتفظ الهواء الداخلي للمنزل ببخار الماء الناجم عن الأنشطة والعوامل البشرية المتنوعة المذكورة آنفاً. وكلما ارتفعت درجة حرارة الهواء الداخلي بفعل وسائل التدفئة المختلفة ونشاطات الإنسان نفسه، تمدد وقلت كثافته، وبالتالي استوعب كميات أكبر من البخار. وعندما يبرد الهواء المحمل ببخار الماء، كأن يلامس سطحاً بارداً، كزجاج النوافذ، تقل قدرته على استيعاب البخار، فيتكاثف بعضه، ويطلق على النقطة التي يتكاثف عندها بخار الماء اسم نقطة الندى Dew point. ويلاحظ تكاثف بخار الماء على شكل قطرات من الندى على الأسطح الباردة داخل البناء، كزجاج النوافذ والأنابيب التي تنقل المياه الباردة (المزاريب)، وذلك لكونها أبرد الأسطح الموجودة في داخل البناء بحكم اتصالها المباشر مع الجو الخارجي البارد. فإذا تكاثف بخار ماء على أسطح الجدران الباردة من الداخل (لعدم وجود عوازل حرارية في الجدران) يصبح المكان مناسباً لنمو العفن وتكاثره؛ وهذا يعني أن سبب العفن والرطوبة على الجدران لا علاقة له بالجدار من الخارج، إذ يظن البعض أن السبب هو خلل ما في حجارة البناء أو الكحلة وبالتالي فإنها تسمح بتسرب مياه الأمطار إلى الداخل؛ لا، فالسبب داخلي وحسب. فلا داعي لهدر المدخرات على صيانة الكحلة في الحجر أو دهان الواجهات الحجرية بمواد شفافة مانعة لنفاذ الماء لأنها تشوه الحجر ولا تحل مشكلة الرطوبة الداخلية. وللتأكد من أن السبب هو رطوبة داخلية ينتجها أصحاب المبنى في داخل بيوتهم يرجى ملاحظة أحوال أسطح الجدران من الداخل، فإذا تشققت القصارة وسقطت طبقات الدهان فهذا يعني أنها رطوبة آتية من الخارج، أما إذا تراكم العفن وتم تنظيفه ولم يترك أثراً على الجدران فإن الرطوبة ناجمة عن بخار الماء الداخلي. فما هو الحل إذاً، هل التهوية كافية لطرد بخار الماء وإنهاء المشكلة؟ ربما تكون التهوية أحد هذه الحلول، ولكن هذا لا يعني الإفراط في التهوية، فكما ذكرنا سابقاً فإن البيوت الأردنية التقليدية تتيح لهواء البيت بالتسرب إلى الخارج مرة في الساعة الواحدة على الأقل، وقد تزيد أو تقل بزيادة شدة سرعة الرياح أو انخفاضها، فلا بد إذاً من وجود حلول أخرى! خلاصة القول إن الحل يكمن في الوصول إلى حلول جذرية لمشكلة الرطوبة والعفن في الأبنية، أو ربما إلى حلول وسط لها علاقة بعزل البيت حرارياً وتنظيم إنتاجه لبخار الماء وإدارة التهوية وحصر الغرف التي تنتج أكبر كمية لبخار الماء، كالمطابخ والحمامات وصوبات الغاز أو الكاز. ومن الجدير ذكره أن الإفراط في التهوية لا لزوم له، إذ يعني فقدان الكثير من الطاقة في فصل الشتاء.