البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: تحسين كفاءة الأبنية حرارياُ! الثلاثاء نوفمبر 27, 2012 2:02 pm | |
|
تحسين كفاءَة الأبنية حرارياً !
عندما يحاول الإنسان أن يشتري خلايا شمسية لبيته بهدف توليد الطاقة الكهربائية النظيفة من الشمس، فإن مواقع الشركات المحترمة على الإنترنت أول ما تنصح أصحاب الأبنية هو رفع كفاءَة الأبنية حرارياً قبل حساب الحمل الحراري الذي يحدد كميات ونوعيات تكنولوجيا الطاقة المتجددة. فماذا نقصد برفع كفاءَة الأبنية حرارياً؟ نقصد بتحسين كفاءَة الأبنية حرارياً ما يلي:- 1) وضع مواد عازلة للحرارة في الجدران والسقوف، سواء من الداخل أو من الخارج، حسب طبيعة المبنى ونمط معيشة سكانه وطريقة استخدامه. ونقصد بمواد العزل الحراري تلك المواد التي تقاوم انتقال الحرارة من خلالها، كالصوف الصخري والصوف الزجاجي والبولسترين والبيرليت والبولي يوريثين وما إليها. 2) تحسين كفاءَة النوافذ والأبواب والفتحات الخارجية بشكل عام في العزل الحراري. 3) منع تسرب الهواء إلى الخارج بكميات كبيرة في فصل الشتاء البارد وتحديد دخوله في فصل الصيف الحار. 4) تخفيض الحمل الكهربائي باستخدام التصميم المعماري المناسب والأجهزة الكهربائية المناسبة التي توفر الطاقة واستخدام اللمبات الموفرة للطاقة وصيانة المضخات والحارقات وما إلى ذلك. ولحسن الحظ فقد بدأت الحكومة بإلزام استيراد الأجهزة الكهربائية ذات الكفاءَة العالية في توفير الطاقة، ونأمل أن تحذو مضخات المياه خذوها حتى لم تكن هناك قاعدة فنية عالمية فلدينا العديد من دور الخبرة القادرة على تحديد ذلك مبدئياً. ولكن، هل هذا يكفي للشروع في تركيب تقانات حديثة لتوفير الطاقة، كاللواقط الشمسية لتوليد الكهرباء أو لتسخين المياه؟ هناك جانب آخر ينبغي العناية به بالقدر نفسه من الأهمية، ألا وهو دراسة إنارة المنزل الطبيعية وكيفية تحقيقها في الغرف والفراغات المختلفة بصورة طبيعية. كذلك ينبغي دراسة حركة الشمس حول البناء في فصل الشتاء والسماح لها بالدخول وإزالة العوائق الموجودة حول البناء للتمكن من تحقيق ذلك، مع مراعاة إغلاق الفتحات الخارجية خلال الليل، باستخدام الستائر بأنواعها، وذلك للحفاظ على الحرارة مخزونة في داخل البيت ومنع فقدانها إلى الخارج في أثناء فترات الليل الباردة، حينما تتدنى درجة الحرارة. أما في فصل الصيف، وعندما تشتد أشعة الشمس ويصبح قرص الشمس أقرب إلى العمود في وسط السماء، فإنه ينبغي الشروع في تظليل الأبنية، إما بالأشجار والمتسلقات المتنوعة أو باستخدام الستائر الداخلية أو الخارجية، إذ إن سقوط أشعة الشمس مباشرة على زجاج الفتحات الخارجية في فصل الصيف يجعل منها أفراناً حارة تبتعث الحرارة إلى الداخل فتجعل من السكن في المنزل غير مريح، كما أنها تزيد من الحمل الكهربائي الضروري لتبريد المنزل وتلطيفه في الطقس الحار. وبناءَ على ما تقدم، فإن نقطة الإنطلاق الأولى في استغلال أي مصدر من مصادر الطاقة المتجددة هي التأسيس الحراري والمناخي المناسب للأبنية، وإلا فإن مصادر الطاقة المتجددة سوف تصبح إما عديمة الفائدة أو عديمة الجدوى الاقتصادية، وكلا الحالين مصيبة يجب اجتناب حدوثها وبخاصة في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية؛ فما الفائدة من وضع سخان شمسي على السطح إذا كانت التمديدات طويلة جداً وغير معزولة حرارياً، فإننا بذلك نفقد كميات كبيرة من المياه قبل وصول المياه الحارة الى داخل المنزل، والتي بمجرد استخدامها مرة واحدة فإنها تعود لتبرد بسرعة من جديد!! وإذا شئنا أن نضرب مثلاً عامياً على ذلك، فنقول: متى رغبنا في السير من النقطة أ إلى نقطة ب في أحد أيام فصل الشتاء الشديد البرودة، فإن أنجع الحلول وأفضلها كفاءَة في استغلال الطاقة هو ارتداء ملابس دافئة وسميكة وألوانها داكنة ولا تمتص المياه، ثم الشروع في السير عبر منطقة معرضة لأشعة الشمس. وهكذا نكون قد رفعنا كفاءَة الطاقة في أجسامنا. ومما لا شك فيه أننا نفعل عكس ذلك تماماً في فصل الصيف الحار، فإننا نختار الألوان الفاتحة والخفيفة والرقيقة، كما أننا نسير في الظل ونحرص على تغطية الرأس بقبعة. هذا تماماً ما نريده في حال الأبنية في فصل الشتاء، حيث المواد العازلة للحرارة هي بمثابة الملابس الصوفية السميكة الدافئة المحكمة المانعة لتسرب الماء والهواء، وحيث حماية المواد العازلة من مياه المطر مهمة للغاية، كاستخدام الاسفلت، فما فائدة معطف سميك دافئ من الصوف إذا تبلل بمياه المطر؟ خلاصة القول إن نقطة البداية في توفير الطاقة هي رفع كفاءَة الأبنية في العزل الحراري ورفع كفاءَتها في التصميم المعماري المناخي، ومن ثم، وبعد التأسيس المتين لهذه القاعدة فإننا نعمل للبحث عن تكنولوجيا الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، كالسخانات الشمسية المتطورة التي لا تفقد حرارة المياه الساخنة في فصل الشتاء، ذات الأنابيب المفرغة، وكذلك نسعى لاستخدام تكنولوجيا أنابيب الإنارة الطبيعية التي تركز أشعة الشمس وتدخلها إلى الفناءَات المعتمة كالتسويات والممرات موفرة بذلك استخدام الانارة الكهربائية اثناء النهار!. ولا يخفى على أحد أن حسابات تكلفة شراء هذه الأجهزة الموفرة للطاقة تضع أصحاب المشاريع في حيرة من أمرهم، هل نستثمر في تكنولوجيا توفير الطاقة، أم أنه ينبغي أن ننتظر قليلاً ريثما تتضح اتجاهات أسعار المشتقات النفطية والاقتصاد العالمي؟ في الإجابة عن التساؤل الأخير نقول: إن الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة مربح على أكثر من صعيد، وبالرغم من أن بعض الاستثمارات مردودها طويل الأمد، فلا بأس في ذلك، فإن الكثير من الاستثمارات طويل الأمد، سواء في سوق العقار أو التجارة، بل إن بعض الاستثمارات الأخرى تفشل في السوق، أما الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة فدائماً يصب في الاتجاه الإيجابي. إن هناك إيجابيات كثيرة تعتبر من صالح الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، منها الراحة الحرارية والطمأنينة النفسية والحد من التلوث وتحسين نوعية الهواء والأحوال الصحية للمواطنين ويحافظ على استدامة مشاريعهم وخفض نفقات إدارتها وما إلى ذلك. فلماذا ننظر دوماً إلى الربح السريع؟ وماذا بشأن واجبنا الأخلاقي تجاه شح موارد الطاقة التقليدية في الأردن؟ وماذا بشأن حقوق الأجيال القادمة وحال هذا الكوكب الذي ينتقل من فترة دفء مناخي إلى فترة أكثر دفئاً، ألا ينبغي أن نقدم قدراً ضئيلاً من المساهمة في تجنب الكوارث التي يتوقع أن تصيبنا إذا استمرت ظاهرة الانحباس الحراري الحالية على المستوى التي هي عليه اليوم؟
منقول
| |
|