لمسة أمل
لمسة أمل
لمسة أمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسة أمل


 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





البلد : في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟ Jo10
نقاط : 200510
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟ Empty
مُساهمةموضوع: في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟   في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟ Icon_minitimeالجمعة يوليو 16, 2010 2:15 pm



في النفس والمجتمع : هل المال أهمُّ ما في الحياة ...؟ (رسالةُ أبٍ إلــى ابنهِ)



إبراهيم كشت - بنيَّ يا أحبَّ الناس أجمعين ،،
لستُ أزعم أني أملِكُ القولَ الفصل، ولا أدعي أني أحوزُ الرأي القاطع، أو أنطق بالحقيقة التي لا يأتيها الباطل، لكني أجزم أني أكتب إليك مخلصاً، وأُحدثك عن طول خبرة وتأمل وملاحظة وقراءة . فانظر فيما تسمعه مني بعين عقلك، وقلّبهُ على كل وجوهه، وأفحصه بذهنك المتوقّد الناقد، وزنْهُ بمعايير الحقيقة والواقع والمنطق، ثم خذ منه ما تشاء ودَعْ ما تشاء، فإني أعلم أن احترامك لعقلك يأبى عليك حمل فكرة لا تُشبعها شكاً ونقداً .
أما بعدُ، فقد ناقشتني – أيها الغالي - في موضوع المال والثروة والكسب والغنى غير مرّة، وهذا موضوع كثيراً ما تتعدد آراء الناس في شأنه، بل قد يختلف فيه الشخص مع نفسه، فربما كان له رأي وهو فقير فبدّله حين أغناه الله من فضله، وربما كان له رأي يُذيعه في الناس فإذا خلا إلى ذاته قال بغيره، أو كان مقتنعاً بوعيه الحاضر أنه لا يُقيم للمال وزناً، بينما كان لاوعيه المكنون الخفيّ يوجّه سلوكه في منحى آخر لا همّ له إلا المال . وربما كانت لدى المرء قناعة في هذا الأمر ثم مرّتْ به تجربة لم ينفعه فيها مال، أو مرت به تجربة من الحرمان تألّم منها كثيراً لأنه لم يكن يملك لحظتها مبلغاً بسيطاً لسدّ حاجة ملحّة، فقَلَبَ رأيه رأساً على عقب .
وتلك يا بُنيَّ أول حقيقة أُحبُّ لك أن تعرفها بشأن المال، وخلاصتها أن آراء الناس الظاهرة فيه بعيدة غالباً عن الموضوعية، وشديدة التأثّر باعتبارات شخصية، شعورية أو لاشعورية، فقد يذمُّ المحرومُ المالَ ويقلل من قيمته، وَمَثلهُ في ذلك كَمَثلِ الثعلب الذي لم يتمكن من التقاط قطف العنب فقال لنفسه أنه حصرمٌ حامض . وقد يحسَبُ محرومٌ آخر أن المال هو كل شيء وأهم شيء وغاية ما بعدها غاية ؛ لأن من يفقد شيئاً أساسياً يختصر الدنيا كلها في ذلك الشيء، فذاك الذي يتضوّر جوعاً يحسب أن الطعام أهم ما في الحياة، والمحبوس يقول إن الحرية أهم ما فيها، والمهدد بحياته يجزم أن الأمن هو الأهم دائماً، وهكذا .
أما الحقيقة الثانية يا بنيّ، والتي وددتُ أن أقولها لك بهذا الصدد، فهي أن الواقعية تفرض علينا أن نعترف بأهمية المال في الحياة، فهو مهم جداً، لكنه ليس الأهمَّ بشكل مطلق، وهو مهم، لكنه لا يلغي أهمية أشياءَ أخرى في الحياة . نعم، يمكننا أن نشتري بالمال سلعاً وخدمات عديدة، لكننا لا نشتري به أي شيء وكل شيء، إنه يساعد على الوصول إلى الإشباع والأمان والقوة والرفاه وتحقيق الذات، لكنه لا يوصل إليها وحده، وبواسطة المال تبني قصراً، لكن لا تضمن الدفء بين سكانه، وبه تحصل على لوحة ثمينة، لكن لا تشتري القدرة على تذوق الجمال . وبالمال يكثر معارفك وجلساؤك والمتوددون إليك، لكنه لا يزيد من أصدقائك المخلصين . وبه تترفع عن الحاجة إلى فضل الناس ومنّتهم والتذلل إليهم، لكنكَ لن تستغني إذا ملكته عن الحاجة الطبيعية للحنان والود والمحبة والانتماء والاحترام .
أما الحقيقة الثالثة يا بنيَّ، فهي حقيقة علمية، لم آتِ بها من عند نفسي، وإنما هي نتيجة لدراسات منهجية متعددة ومُحكَمَةٍ، قام بها علماء نفس مشهودٌ لهم، وأكاديميون وباحثون مختصّون، على عينات واسعة من شعوب متعددة وطبقات وفئات متفاوتة، وقد خرجَتْ جميع هذه الأبحاث بنتيجة تقول إن أثر المال في السعادة ضئيل، وإنه ليس عاملاً من العوامل الأساسية في تحقيقها، بعد أن يحصل المرء منه (أي من المال) على ما يسدّ حاجاته الأساسية . وإن شئتَ فثمة مراجع يمكن أن أُطلعكَ عليها في نتائج مثل هذه الأبحاث .
والحقيقة الرابعة يا بني، صاغها كثير من الناس في عبارة وتداولوها، حتى غدت لدى من يسمعها بدهيّة، لكنها في الواقع بدهيّة كثيراً ما تكون منسيّة ..! وأُعني بذلك العبارة التي تقول (المال وسيلة وليس غاية)، أنه وسيلة لإشباع حاجات متعددة ومتزايدة وغير محدودة، لكن المشكلة تكون حين تفوتنا هذه الحقيقة، في خضم اهتمامنا بالمال وشغفنا به وعظم القيمة التي نضفيها عليه، فيصبح جمعُهُ وتكديسه (وكَنزه) غايةً في ذاتها، نسعى إليها ونضحي لأجلها، ونفرح لمجرد تنامي أرقام ثروتنا بما يُشبع فينا غريزة التملك، وربما نحرم منه أنفسنا ومن حولنا، شأننا في ذلك كمَثَل جائع وجد الطعام فأكل فشبع، لكنه ظل يكدّس الأغذية ليل نهار، ويبذل في ذلك الوقت والجهد والكلفة، ويضحي بأشياء مهمة أخرى، ليستزيد من كمية تلك الأغذية ويحفظها، استمتاعاً بمنظرها المتراكم، وخشية أن يَقرُصَهُ الجوع مرة أخرى .
أما الحقيقة الخامسة يا بني، فهي جد مهمة، وأتمنى أن تعيها بعمق، ومفادها أن حجم الثروة، والفقر أو الغنى، ليست معياراً لتقييم الناس، فإن كان ذلك المعيار سائداً في الواقع، وبخاصة في المجتمعات النامية، فإنه معيارٌ فاسدٌ يخلو من الصدقية والواقعية والمنطق، ولو أخذ به الناس أجمعون إذن لفسدت السماوات والأرض . فلو كان الناس يُقيَّمون بحجم ما لديهم من مال، لكان أفضلهم أغنياء عصابات المافيا، أما أشخاص مثل مخترع الآلة الطابعة ومخترع التخدير في العمليات الجراحية، وعلماء وفلاسفة وأدباء ومفكرون ومصلحون آخرون، عاشوا وماتوا فقراء، لكنهم أفادوا البشرية كلها، وصنعوا تقدمها، وقللوا آلامها، مثل هؤلاء سيكونون بلا قيمة – ضمن هذا المعيار – بكل تأكيد .
والحقيقة السادسة يا بنيَّ، هي أن المال يقوم بدور أساسي وفاعل في التنمية والتقدم والرفاه بالنسبة للمجتمع، ويسهم في تحقيق القوة والعزّة، لكن في الوقت ذاته، فإن كثيراً من المشاكل وأشكال العنف والجريمة والمآسي التي يعانيها المجتمع يكون سببها المال ..! وبخاصة إذا توجّه تركيز المجتمع إلى المال وحده، ونسي الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية .
أما الحقيقة السابعة، فهي نقطة منطق (قياساً على عبارة نقطة نظام)، وتتمثل في أن قولنا إن المال لا يسبب السعادة مثلاً، ليس معناه أن المال يجلب التعاسة، أو أن الفقر يأتي بالسعادة . وحين نقول إن المال ليس أهم ما في الحياة، فليس معنى ذلك أنه غير مهم . وحين نقول إن المال لا يشتري الصحة لا يعني أنه لا يسهم في علاج أفضل وأمراض أقل . فالمسألة المهمة هنا هي تحكيم المنطق في فهم الحقائق، وعدم القياس الخاطئ عليها، أو الاستنتاج المغلوط منها .
إذن يا بني، فالنظرة الصحيحة، كما هو الشأن في أمور الحياة كلها، هي النظرة المنبثقة من التوازن، الذي يأخذ بالاعتبار أن في الحياة جانباً معنوياً وآخر مادي، يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به، وكلاهما مهم ولا غنى عنه، والتوازن يكون بألاّ يغلب جانب منهما على الآخر، ولا يتغلّب عليه . ودمتَ لأبيك الذي يفوق حبُّهُ لك ما في خزائن الأرض جميعاً من مال ...



منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في النفس والمجتمع : هل المال أهم ما في الحياة...؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في النفس والمجتمع
» في النفس والمجتمع
» في النفس والمجتمع ... المرآة العجيبة داخل نفوسنا
» أغنياء بالقمامة عن المال
» العجماوات خير من علماء يعبدون المال + الله ينظر كيف تعملون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة أمل  :: المنتديات الأدبية :: شخصيات وروايات-
انتقل الى: