موضوع: شيء من اللغة - يعود الضمير لأقرب أسم الجمعة فبراير 05, 2010 5:55 pm
شيء من اللغة - يعود الضمير لأقرب اسم
د. كامل جميل ولويل - هذه قاعدة سليمة، أن يعود الضمير لاقرب اسم قبله، وذلك مثل: ذهبتُ إلى المكتبة وتناولت كتاباً لأدرسه، فالهاء في كلمة لأدرسه تعود إلى الكتاب، وقال سبحانه: "وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم" سورة النور48، الضمير المستتر في كلمة (ليحكم) تعود إلى الرسول، ونجد مثل هذا شيئاً كثيراً جداً، ولكنّ هذه العودة ليست شيئاً مطرداً. وهنا يوجد تساؤل: لماذا لم تقل الآية (ليحكما) بينهم، مع أن الحكم لله أولاً ثم لرسوله بأمر من الله؟ والجواب على ذلك أن كلمة رسول مرتبطة بالله تعالى لأنه هو الذي أرسله، والرسول هو الذي سيظهر بين الناس فيحل ما أشكل من الأمور، فلا يتم شيء من هذه الأعمال الشرعية إلا بأمر الله. وأما أن عودة الضمير لا تطرد، فللنظر للآية التالية، قال سبحانه في سورة الجمعة: "وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً" آية 11، كلمة (لهو) اقرب إلى الضمير (ها)من كلمة تجارة، ولكن الضمير عاد إلى التجارة، فلم يعد لأقرب اسم، لماذا حدث ذلك؟ هنا تأثر وتأثير، فهم متأثرون باللهو ولكن تأثرهم بالتجارة أكبر، كانت التجارة في الحجاز كله مصدر رزق العرب، ولذلك تؤثر التجارة فيهم تأثيراً كبيراً، فعاد الضمير وهو (ها) وهو ضمير مؤنث إلى كلمة التجارة، لقد تجاوبت اللغة مع ما في نفوس المسلمين أو مع ما نفوس العرب في ذلك العصر، إن هذا يدل ببساطة أن اللغة هي وسيلة للتفاهم. أنظر للآيات التالية فسوف تجد الضمير يعود إلى أقرب اسم عليه، لأنه يتعلق به في المعنى أشد التعلق، قال سبحانه: "ومن يكسب خطيئةً أو اثماً ثم يرمِ به بريئاً" الضمير الهاء في كلمة (به) يعود إلى الاثم لأنه أقرب الأسماء إليه، وبذلك نستطيع ان نعرف السبب الذي جعل الضمير في كلمة يدخله لا يعود إلى الأقرب بل يعود إلى الأبعد، قال سبحانه: "تلك حدود الله ومن يُطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار"، عاد للضمير لله لو أنه يتعلق به أمر دخول الجنة.