موضوع: هل يتجه العالم نحو السلوك الإلكتروني ؟ السبت يونيو 06, 2009 10:03 am
هل يتجه العالم نحو السلوك الإلكتروني؟
تمارا يوسف المراعبة - مع استخدام جهاز الحاسوب بمعطياته والتغيير في طريقة التفكير منذ ختام القرن الماضي، يمكن القول أن السلوك المعلوماتي Information behaviour من أكثر نواحي البحوث ثراء في مجال العلوم الإلكترونية المعاصرة، فقد أولى الباحثون اهتماماً متزايداً بالمستخدم - الانسان وخصائصه،وجرى اعتماد مقاربات مختلفة لدراسة السلوك المعلوماتي (السلوك الالكتروني (Electronic Behaviour لمختلف مجموعات المستخدمين. ويُعتبر كتاب ''نظريات عن السلوك المعلوماتي'' من تأليف كارين فيشر وساندرا إيرديليز ولين ماكشني، الأول في تقديم نظرة شاملة إلى معظم النظريات البارزة والهيكليات المبدئية المتصلة بالسلوك المعلوماتي، حيث يتناول الكتاب مبادئ متنوّعة في هذا الحقل المعرفي الحديث. ويبرز نماذج السلوك المعلوماتي (يرصد كل منها كاتب منفصل) ونظريات مثل oالنظرية البيئية للسلوك المعلوماتي البشريa وoالانتشار المعلوماتيa وoالتمَوْضُعْ الاجتماعيa وoاستجابة القارئ الإلكترونيa وoالبحث الأمثلa وoالقلق في المكتبةa وoنظرية التدفّقa، ويُضاف الى تلك القائمة مبادئ متنوعة مثل oمصادفة المعلوماتa وoوقت الفراغ الجدّيa، ويخلص الكتاب في فصله الأخير إلى نظرية شاملة عن السلوك المعلوماتي في البيئات المختلفة. والسلوك الالكتروني،يمكن وصفه ، بأنه نمط من التصرفات البشرية في الحياة الواقعية يومياً، ولكنها تبدو وكأنها مستندة الى معطيات عالم الحاسوب والانترنت والشبكات الرقمية والاتصالات الرقمية المتطورة والأجهزة الذكية والروبوت وغيرها من معطيات العصر الرقمي...ولا يعني هذا أن نذهب الى موقع مثل Second Life، ونصطنع لأنفسنا شخصية رقمية لتمثيلنا بالأساليب الإفتراضية للحاسوب، فالافتراضية لا تمثل ''سلوكاً إلكترونياً'' بالمعنى الدقيق الذي يقصده هذا المصطلح. أعلنت وزارة الداخلية في بريطانيا أن نسبة الذين يقودون سياراتهم بسرعة عالية وبطريقة مُجازفة، ترتفع بين الشباب الذين يمارسون ألعاباً إلكترونية عن قيادة السيارات مثل لعبة الكمبيوتر ''فورمولا ون''، وفي مثال آخر، تناقلت الصحف صورة لشباب يرقصون في ملهى ليلي في مدينة ''مانشستر'' الانكليزية، لكن أحداً منهم لا يراقص الآخر! ولا يظهر أي انسجام في وضعية أجسادهم، على نحو ما يكون الأمر بين جماعات الرقص، وتسهل رؤية سماعات الأذن في رؤوسهم، ويشير التعليق المرافق للصورة الى أنه ملهى ليلي صامت، لا تُعزف فيه الموسيقى للراغبين في الرقص، بل يترك لكل فرد منهم أن يرقص على وقع موسيقاه الخاصة التي تأتيه من مشغل الموسيقى أو الهاتف الخلوي! حتى الان صار مألوفا في معظم المدارس والجامعات مشاهدة التلاميذ، وقد ثبت كل منهم جهاز الاذن في رأسه ويطرب على موسيقاه!. ومن الشركات والمؤسسات، من استخدمت اجهزة التكنولوجيا الحديثة لضبط السلوك اليومي للموظفين تجاه الالتزام بالدوام والتقيد بمواعيد محددة مثل جهاز البصمة ، فهل هذا هو الهدف من التكنولوجيا؟ إن ذلك يعني أننا نحتاج إلى أجهزة كثيرة ومتعددة الاختصاصات بدءاً من جودة الأداء أثناء وجودنا في العمل وقياس هذه الجودة عبر جهاز آخر ونحتاج إلى جهاز يقيس طبيعة العلاقة مع زملاء العمل وهل هي علاقة تعاون وحرص على نجاح المؤسسة ،وأجهزة كثيرة أخرى تقيس النزاهة والأخلاق والنوايا والوفاء.. ان ضوابط السلوك الاجتماعي وتحقيقها وممارستها مسؤولية أكثر من طرف في المجتمع...وبالتالي فإن مؤسسات المجتمع مطالبة بأن تسهم في ضبط السلوك كي لا نصل الى هذه المرحلة والتي نحتاج فيها إلى جهاز إلكتروني يضبط سلوكنا اليومي...الأمر يبدأ بالنظرة الى التربية على أنها من الأمور المهمة في بناء المجتمع وتطويره. فالتربية عملية اجتماعية ووظيفة أساسية تضمن كحد أدنى توفير مقومات وتطور واستمرار المجتمع، وبالتالي عندما يستطيع المجتمع أن يجعل التصرفات والممارسات الجيدة تتحول الى سلوك يومي فهذا يعني بالضرورة أن المجتمع يسير بالشكل الصحيح ويضمن احترام الأنظمة والقوانين ويمنع خرق المعايير الموجودة ويحقق الانضباط التام. لا نريد التقليل من شأن التقنيات الحديثة لكن يجب أن نتفق في نهاية الأمر على أن السلوك البشري غير قابل للتعديل أو التطوير إلا من خلال العوامل البشرية نفسها لأن الإنسان غير الآلة وما تقدر الآلة على ضبطه في وقت ما يظل مؤقتا.
السبت يونيو 06, 2009 10:03 am