موضوع: قصة الصوم (14) .. صوم سكان القطبين وما جاورهما الأحد سبتمبر 28, 2008 8:48 pm
واحــة الايمـــان
اعداد عبدالله الرعود
قصة الصوم ( 14) .. صوم سكان القطبين وما جاورهما
د. محمد سعيد حوى - لا شك ان رسالة الاسلام جاءت للعالمين والنبي (صلى الله عليه وسلم) بشر ان هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار. واذن لا بد ان يكون لتلك المناطق التي يدوم فيها النهار نصف سنة وكذا الليل كالقطبين والمناطق التي تجاورها والتي يكون النهار فيها احياناً اكثر من عشرين ساعة وكذا العكس وفي بعض المناطق شمال السويد مثلاً يكون الليل مضيئاً بحيث لا يتبين الفجر الصادق وفي بعض المناطق يطلع الفجر قبل غروب الشفق الاحمر. فكيف نتعامل مع هذه المناطق بالنسبة للصوم وينسحب الحكم كذلك على الصلاة قطعا. اننا امام احتمالات اما ان يتعامل المكلف وفق الظاهر وهذا يعني انه لن يصلي في بعض المناطق خلال ستة اشهر الا خمس صلوات وهذا مستحيل وكذا امر الصيام مستحيل واما ان يعفون من الصلاة والصيام مطلقاً لعدم الوقت او عدم القدرة وهذا ما لا يجوز شرعاً. واما ان نهمل الموضوع بدعوى ان النبي لم يفصل لنا وهذا غير صحيح فلا بد اننا نجد في شريعتنا ما يبين ذلك اذ هو للعالمين (صلى الله عليه وسلم) وقد اخبر ان الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار. فاذا كان كل ما سبق مستحيل فلا بد اذن من القول انه لا بد من حكم شرعي مناسب لخصائص الشريعة التي تتصف باليسر والوسطية والاعتدال والواقعية وبما يتفق مع مقاصد الشريعة من فرض العبادات والاحكام. وكان للفقهاء اتجاهان في الموضوع وان اجمعوا على وجوب التقدير. الاتجاه الاول: ان يعتبر في تقدير اوقات صيامهم وفطرهم على وفق البلاد التي نزل بها الوحي أي مكة والمدينة. ومما يساعد على ذلك ان موقع مكة والمدينة متوسط في الكرة الارضية فلا بد ان يمر بها وقت يكون الصيام طويلاً كما في اواخر حزيران حيث يبلغ عدد ساعات الصوم نحواً من ست عشرة ساعة أي ثلثي النهار وهذا اقصى حد، وفي شهر 12 تبلغ عدد ساعات الصوم نحواً من 12 ساعة وهذا ادنى حد فهذا غاية العدل. ومن ثم كل بلد يطول فيها النهار عن 20 ساعة او لا يتميز وقت الفجر او نحو ذلك يفتى لهم بهذا التقدير. الاتجاه الثاني:. ان يقدر وقت الصوم والصلاة بمواقيت اقرب البلاد المعتدلة، بما يحقق الحكمة دون مشقة او ارهاق وفي هذا تيسير على الناس وتحقيق لمقاصد الشريعة ولكي لا تتعطل اقامة الشعائر الاسلامية. وفي نظري سواء اخذ بالاتجاه الاول او الثاني فالمحصلة واحدة اذ رأينا ان اوقات الصيام في مكة تطول وتقصر على مدار العام. اما المستند الشرعي لهذه الفتوى فهو الحديث الذي ذكر فيه الرجال وذكر ان ''لبثته فينا اربعين يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر ايامه كأيامكم''. فقال بعض الصحابة: ''فذلك اليوم الذي كسنة اتكفينا فيه صلاة يوم فقال ''لا'': اقدروا له قدره''. اخرجه مسلم 18/65. وقد تكلم عدد من اهل العلم في هذا منهم: الشيخ حسنين مخلوف شيخ الازهر الاسبق في فتاواه ومحمد شلتوت والعلامة محمد رشيد رضا والشيخ عبدالحليم محمود امام الازهر الاسبق. بل ان ها هنا لفتة اعجازية في القرآن، اذ لما ذكرت الصلاة في القرآن لم تحدد مواقيتها وكذا لما ذكر الصوم قال تعالى: ''فمن شهد منكم الشهر فليصمه'' ولم يقل فليصوموه، لأن لكل انسان شهوره الخاص به لهذا الشهر احياناً.