موضوع: قصة الصوم (10) - كيف نثبت بدء شهر رمضان الجمعة سبتمبر 19, 2008 9:06 am
قصة الصوم (10) - كيف نثبت بدء شهر رمضان
د. محمد سعيد حوى - المشهور في السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم اثبت شهر رمضان برؤية محققة بشهادة شاهد واحد وصام بشهادة ابن عمر، قال ابن عمر: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم اني رأيته، فصامه وامر الناس بصيامه وسنده جيد واخرجه ابن حبان (871). ولا شك ان ابن عمر ثقة ضابط عالم يعتمد على شهادته اما اثباته بشهادة اعرابي لا يعرف من حاله شيء فحديث غير صحيح، وذلك انه روى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني رأيت الهلال، فقال اتشهد ان لا اله الا الله، اتشهد ان محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال يا بلال اذن في الناس ان يصوموا غداً اخرجه الترمذي (691) وغيره. لكن هذا من رواية سماك عن عكرمة ورواية سماك عن عكرمة مضطربة ولا يصح ان يقال يشهد له حديث ابن عمر لأن القضية هنا ان نقول:. انه يثبت بشهادة واحد اذا عرفنا ضبطه وصدقه وعلمه وتحريه كابن عمر، فقد يكون الرجل او الشاهد صادقاً في نفسه لكن امكان التوهم ممكن جداً، وهذا الاعرابي لا يقاس على ابن عمر. وهذه المشكلة التي نعاني منها اليوم فمع كل تقدم وسائل الاتصال والعلم يعود بعض القضاة لاثبات الهلال وفق شهادة اعرابي مع كونه مخالف للامكان الواقعي مدعياً ان رسول الله اثبته بشهادة واحد. وشتان شتان بين الامرين:. 1- شهادة ابن عمر معتبرة جداً. 2- لم يأت شيء من العلم يخطئ ابن عمر. 3- لم يثبت ان النبي اثبت ذلك بشهادة اعرابي. 4- نحن اليوم امام وسائل علمية دقيقة. 5- اذا جاءت شهادة كائن من كان مخالفة للعلم القطعي فكيف نقيس هذه على شهادة ابن عمر، مع اختلاف الواقع وسنتحدث عن الافادة من العلم. اذا كان في السماء غيم:. واذا حال ليلة الثلاثين دون رؤية الهلال غيم او سحاب اكمل عدة شعبان ثلاثين على الارجح عند العلماء، وقد قال صلى الله عليه وسلم الشهر تسعة وعشرون والشهر ثلاثون، فان غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين.. اخرجه البخاري ومسلم بألفاظ متقاربة. وفي رواية اخرى: فان غم عليكم فاقدروا له قدره، ومن هنا، تعددت الاجتهادات فذهب بعض اهل العلم ان كانت السماء مصحية ولم يرَ فنكمل عدة شعبان ثلاثين اما اذا كان في السماء غيم فنقدر له قدره فنصوم اليوم الذي هو محتمل ان يكون 30 من شعبان او الاول من رمضان احتياطاً وقالوا ليس هذا يوم الشك اما يوم الشك فان نصوم يوم الثلاثين من شعبان ولم ير الهلال مع انه ليس في السماء علة وان هذا من باب التحري والاحتياط وليس من باب الوجوب، وقالوا لأن نصوم يوماً من شعبان احب الينا ان نفطر يوماً من رمضان، والى ذلك ذهب ابن عمر وعائشة واحمد بن حنبل. اما صوم يوم الشك الذي نهينا عنه وقال فيه عمار من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى ابا القاسم (اخرجه ابو داود 2334)، فحملوه اذا لم يكن في السماء علة، مع قولهم بعدم وجوب صيام اليوم الثلاثين اذا لم يثبت ولو كان في السماء علة. اما الجمهور فقرروا انه وان كان في السماء علة فلا نصوم يوم الثلاثين من شعبان لا احتياطاً ولا تطوعاً وقرروا ان معنى اقدروا له قدره أي اكملوا العدة ثلاثين بدون فرق بين كون السماء مغيمة او لا. وقال الحنفية من صام يوم الشك على سبيل التردد ان كان من شعبان فهو تطوع وان كان من رمضان فهو فرض، قالوا هذا الصوم باطل. أحاديث كثيرة صرحت وان حال دونه غمامة فأكملوا ثلاثين (ينظر سنن الترمذي - 688 - وابو داود - 2337 - وابن حبان - 873 -). والمهم ان اثبات دخول الشهر بشهادة واحد حال كونها متحققة لا معارض لها من علم ونحوه وكوننا نعرض الشاهد بالضبط التام والعلم والصدق، وقال بعض اهل العلم لا بد من جمع اذا كانت السماء مصحية لانه يمتنع ان يكون ممكن الرؤيا ثم لا يراه الا واحد. اما انتهاء شهر الصوم واثبات هلال شوال. فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ان يثبته بشهادة اثنين فقد جاء بن ربعي بن حراش عن رجل من اصحاب النبي قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم اعرابيان، فشهدا عند النبي بالله، لأهلاّ الهلال امسى عشية، فأمر رسول الله الناس ان يفطروا وان يغدوا الى مصلاهم اخرجه ابو داود (2339) وسنده صحيح. وقال بعض اهل العلم يثبت شوال بشهادة واحد ايضاً وقال آخرون: لا بد من جمع لان يحتاط في الخروج منه اكثر من الدخول فيه والمهم ان تكون الشهادة صادرة عن اهلها لا معارض لها من علم او حساب فلكي دقيق وليست مبنية على الوهم والظن.
الجمعة سبتمبر 19, 2008 9:06 am