موضوع: الذئبة الحمراء .. خلل في الجهاز المناعي الإثنين يونيو 21, 2010 2:42 pm
الذئبة الحمراء .. خلل في الجهاز المناعي
هو مرض من أمراض الجهاز المناعي المزمنة والتي تصيب أعضاء كثيرة من الجسم وأشهرها: الجلد، المفاصل، الدم، والكلى. والذئبة الحمراء مرض مزمن يستمر لفترة طويلة. وتعنى كلمة مرض من أمراض الجهاز المناعي أن هذا المرض يحدث نتيجة خلل في الجهاز المناعي للجسم تجعله بدلاً من حماية الجسم من البكتريا والفيروسات فإن الجسم يهاجم نفسه. ويرجع اسم الذئبة الحمراء إلى أوائل القرن العشرين. وكلمة الذئبة مشتقة من اللغة اللاتينية وهى تصف الطفح الجلدي على وجه المريض، والذي يذكر الطبيب بالعلامات البيضاء الموجودة على وجه الذئب، وكلمة الحمراء مشتقة أيضاً من اللغة اللاتينية وهى تصف لون الطفح الجلدي. ما مدى شيوع هذا المرض؟ الذئبة الحمراء مرض نادر يصيب خمسة في كل مليون طفل سنوياً، وبداية ظهور أعراض المرض نادراً ما تكون قبل سن الخامسة وغير شائعة قبل البلوغ. وتعتبر السيدات في سن الخصوبة (من 15 إلى 45 سنة) هن الأكثر عرضة للإصابة بالمرض وتكون الإصابة بين السيدات إلى الرجال 91 ولكن في الأطفال وقبل سن البلوغ تكون نسبة المرض في الذكور أكثر من الإناث. وتكثر الإصابة بالمرض في أطفال إفريقيا، أمريكا، آسيا. ما هي أسباب المرض؟ لا يزال سبب الذئبة الحمراء غير معروف ولكن المعروف، وكما ذكر سابقاً، أنه مرض من أمراض اضطراب الجهاز المناعي حيث يفقد الجهاز المناعي قدرته على التفرقة بين الأجسام الغريبة وأنسجة الجسم نفسه فيقع الجهاز المناعي في خطأ وينتج أجساما مضادة تهاجم خلايا الجسم نفسه وتقضى عليها على أنها أجسام غريبة. ونتيجة هذا الخطأ يكون حدوث التهاب في أعضاء كثيرة من الجسم كالمفاصل والكلى والجلد. وكلمة التهاب تعنى أن المنطقة المصابة تكون دافئة، حمراء، منتفخة ومؤلمة، واستمرار الالتهاب في هذه الأعضاء يؤدى إلى تلفها وفقدانها وظائفها الطبيعية ولذلك يهدف علاج المرض إلى تقليل الالتهاب. ويعتقد أن تفاعل بعض العوامل الوراثية مع بعض العوامل البيئية هو المسبب لهذا الاضطراب في الجهاز المناعي. ويعتبر اضطراب الهرمونات عند البلوغ أو التعرض لأشعة الشمس أو الإصابة ببعض الفيروسات أو تناول بعض الأدوية من أشهر العوامل التي تؤدى إلى الإصابة بالمرض. هل هو مرض وراثي؟ هل يمكن منعه؟ لا يعتبر مرض الذئبة الحمراء من الأمراض الوراثية إذ أنه لا ينتقل من الآباء إلى الأبناء إلا أنه من الممكن وراثة بعض الجينات التي تجعل الأبناء أكثر احتمالية للإصابة بالمرض. وقد أظهرت الدراسات أنه من الممكن أن يجد طفل الذئبة الحمراء أن فرداً آخراً من أسرته مصاب بالمرض ولكن من النادر أن تجد طفلين مصابين في عائلة واحدة. لماذا أصيب ابني بالمرض؟ هل من الممكن منعه؟. نظراً لأن سبب المرض لا يزال غير معروف وأغلب الظن أن المرض يحدث نتيجة تفاعل بين بعض العوامل الوراثية والبيئية، لذا فإنه ينصح دائماً بالابتعاد عن بعض الأشياء والتي يمكن أن تلعب دوراً في حدوث المرض مثل التعرض لأشعة الشمس بدون كريم واقي، الإصابة ببعض الفيروسات، الشد العصبي، الهرمونات وبعض الأدوية. هل هو مرض معدي؟ لا، فهو لا ينتقل من شخص لآخر عند طريق العدوى. ما هي أعراض المرض؟ تبدأ أعرض المرض في الظهور تدريجياً خلال فترة تتراوح ما بين الأسابيع إلى الشهور وفى بعض الأحيان السنوات، ولعل الشعور بالإجهاد هو من أوائل أعراض المرض كما قد يحدث ارتفاع في درجة الحرارة وانخفاض الوزن وفقدان الشهية في نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالمرض. ومع مضى الوقت تبدأ الأعراض المميزة للمرض وتكون نتيجة إصابة أعضاء متعددة من الجسم مثل الجلد والذي يكون في صورة طفح جلدي، حساسية للشمس، وقرح في الفم والأنف، وقد يأخذ الطفح الجلدي على الوجه شكل الفراشة والذي يظهر عبر الأنف والخدين ويحدث ذلك في نصف الأطفال المصابين بالمرض. كذلك قد يسقط الشعر في بعض الأحيان ويتغير لون الأصابع من الأحمر إلى الأبيض ثم الأزرق عند التعرض للبرد ومن الممكن أيضاً أن يحدث تيبس أو تورم بالمفاصل، ألم في العضلات، أنيميا، صداع، تشنجات أو ألم في الصدر. كذلك قد تتأثر الكلى في بعض الأطفال ويظهر ذلك في صورة ارتفاع في ضغط الدم، ظهور دم أو بروتين في البول أو حدوث تورم في القدمين والجفون. هل يتشابه المرض عند كل الأطفال؟ تختلف أعراض مرض الذئبة الحمراء من شخص لآخر وبالتالي فلا يتشابه المرض عند الأطفال المصابين ولكن تظهر الأعراض السابق ذكرها على فترات مختلفة من حدوث المرض سواءً عند بداية ظهور الأعراض أو بعد فترة من بداية المرض. هل المرض في الأطفال يختلف عن الكبار؟ بوجه عام لا يختلف المرض بين الأطفال والكبار ولكن بينما قد يتغير المرض سريعاً في الأطفال، يكون المرض أكثر شدة عند البالغين. كيف تشخص المرض؟ يعتمد تشخيص المرض على اجتماع ظهور الأعراض مع نتائج الاختبارات وبعد استبعاد الأمراض الأخرى، وللمساعدة في التفرقة بين مرض الذئبة الحمراء والأمراض الأخرى وضع أطباء الكلية الأمريكية للروماتيزم لائحة مكونة من 11 عرض والتي تمثل أكثر الأعراض شيوعاً في مرض الذئبة ولتشخيص المرض يجب ظهور 4 أعراض من بين هؤلاء الأحد عشر عرضاً في أي وقت منذ حدوث المرض ويكون الطبيب المتمرس قادراً على تشخيص المرض وتشمل اللائحة الأعراض التالية: 1- الطفح الجلدي: يظهر الطفح الجلدي على شكل الفراشة ويكون لونه أحمراً ويظهر على الخدين وحاجز الأنف. 2- الحساسية من ضوء الشمس: وتحدث نتيجة تفاعل الجلد عند تعرضه لأشعة الشمس بينما لا تتأثر الأجزاء المغطاة بالملابس بأشعة الشمس. 3- التهاب الذئبة الحمراء الجلدي الدائري: ويظهر على شكل طفح جلدي دائري مرتفع عن ما حوله من جلد ومغطى بالقشور ويظهر في الوجه أو فروة الرأس، الأذن، القفص الصدري أو الزراعيين ويكون أكثر شيوعاً في الأطفال الداكني البشرة. 4- قرح الأغشية المخاطية: وهي قرح صغيرة تظهر في الفم والأنف وتكون غير مؤلمة وقد تؤدى قرح الأنف إلى حدوث فصام أو نزيف من الأنف. 5- التهاب المفاصل: يعانى معظم الأطفال المصابين بالمرض من آلام بالمفاصل والتي قد تتورم أيضاً ولعل أشهر المفاصل تعرضاً للالتهاب هي مفاصل اليد، الرسغ، الكوع، الركبة. ومن الممكن أن تنتقل الآلام من مفصل إلى آخر. كذلك فقد تحدث الالتهابات في نفس المفاصل في الناحيتين من الجسم إلا أنه في أغلب الأحوال لا يؤدى التهاب المفاصل في مرض الذئبة الحمراء إلى حدوث تشوهات مزمنة. 6- التهاب الغشاء البللوري للرئة/القلب: قد يحدث التهاب في الأغشية المحيطة بالقلب والرئة مما يؤدى إلى حدوث آلام بالصدر خاصة مع التنفس وقد يتجمع بعض السائل حول القلب أو الرئة. 7- الكلى: تتأثر الكلى في معظم الأطفال المصابين بمرض الذئبة الحمراء وتتراوح الإصابة ما بين البسيطة والخطيرة. والبداية غالباً ما تكون بدون أعراض ويتم الكشف عنها بعمل تحليل للبول أو تحليل للدم لقياس وظائف الكلى وقد تتطور الإصابة فيظهر دم في البول وتتورم القدمين والوجه. 8- الجهاز العصبي: لعل الصداع هو أشهر أعراض تأثر الجهاز العصبي في مرض الذئبة الحمراء إلا أنه قد تحدث بعض التشنجات أو بعض الأعراض النفسية والعصبية كصعوبة التركيز والتذكر، تقلب المزاج، اكتئاب وتغير السلوك. 9-اضطراب خلايا الدم: في مرض الذئبة الحمراء تتكون أجسام مضادة تهاجم خلايا الدم وحيث أن خلايا الدم الحمراء هي التي تنقل الأكسجين من الرئة إلى باقي أجزاء الجسم يؤدى ذلك إلى تكسير كرات الدم الحمراء وحدوث نوع من أنواع الأنيميا وإذا كان التكسير سريعاً فقد يؤدى ذلك إلى حالة حرجة وخطيرة. أما تكسير كرات الدم البيضاء فغالباً لا يكون خطيراً في مرض الذئبة الحمراء أما تكسير الصفائح الدموية فينتج عنه حدوث كدمات ونزيف فى أجزاء مختلفة من الجسم سواء تحت الجلد أو فى الجهاز الهضمى، البولى، الرحم، أو المخ. 10- الاضطرابات المناعية: المقصود بها الأجسام المضادة الموجودة في الدم والتي تشير إلى وجود مرض الذئبة الحمراء وتشمل: أ- مضادات الأحماض النووية (مضاد د ن أ/ DNA-Anti): وهى أجسام مضادة للمادة الوراثية في الخلية ويمكن تكرار قياس كمية هذه الأجسام المضادة أثناء المرض لأن كميتها تزيد مع مم زيادة نشاط المرض، ولذلك هي تعطى دلالة للطبيب عن نشاط المرض. ب- مضادة س م (Sm-Anti): تحمل هذه الأجسام المضادة اسم أول مريض اكتشف وجودها عنده (سميث) وظهورها يؤكد تشخيص الذئبة الحمراء. ج- مضادات الدهون الفسفورية (antibodies phospholipidAnti): ملحق (1) . د- مضاد أ ن أ (ANA): وهى أجسام مضادة ضد نواة الخلية وتظهر فى كل مرضى الذئبة الحمراء تقريباً ولكن وجودها وحده ليس بدليل قاطع على مرض الذئبة الحمراء إذ أنه من الممكن تواجدها فى أمراض أخرى كما تتواجد في 5% من الأطفال الأصحاء. ما هي أهمية هذه الاختبارات؟ تساعد الاختبارات المعملية على تشخيص مرض الذئبة الحمراء وتحديد مدى إصابة أعضاء الجسم فاختبارات البول والدم الدورية تساعد على تقييم نشاط وشدة المرض، كما تحدد مدى استجابة جسم المريض للأدوية المستخدمة وبيان أية أعراض جانبية قد تظهر خلال فترة العلاج. ويمكن تقسيم الاختبارات المعملية التي يتم عملها لمريض الذئبة الحمراء إلى الآتي:. 1-التحاليل الروتينية:. مثل سرعة ترسيب كريات الدم الحمراء ومعامل البروتين المتفاعل-س وكلاهما يزيد مع الالتهاب. وقد يتراوح مستوى البروتين المتفاعل-س ما بين الطبيعي إلى ارتفاع كبير خاصة عند حدوث بعض الالتهابات البكتيرية. كذلك من المهم عمل صورة كاملة للدم لبيان وجود فقر دم (أنيميا) وعدد صفائح الدم وكرات الدم البيضاء. كذلك قد يظهر فصل بروتينات الدم زيادة في شق الجاما جلوبيولين الدال على حدوث التهاب أو نقصان في الزلال إشارة إلى إصابة الكلى. كذلك من المهم عمل الفحوصات الكيميائية التي توضح مدى تأثر بعض الأعضاء خاصة الكلى (زيادة في مستوى اليوريا والكرياتينين بالدم)، أو الكبد (ارتفاع فى منسوب إنزيمات الكبد)، أو العضلات (ارتفاع إنزيمات العضلات). كذلك تساعد تحاليل البول في تشخيص مرض الذئبة الحمراء ومتابعة المريض لتقييم مدى إصابة الكلى. ومن الأفضل عمل هذه التحاليل في مواعيد منتظمة حتى لو كان المرض غير نشط فظهور كميات كبيرة من الزلال في البول أو كرات دم حمراء قد يشير إلى درجة إصابة الكلى، وفى بعض الأحيان قد يطلب من الطفل المصاب تجميع البول لمدة 24 ساعة كي يتمكن الطبيب المعالج من تقييم شدة إصابة الكلى. 2- الاختبارات المناعية - الأجسام المضادة للنواة (أ ن أ). مضاد الأحماض النووية (د ن أ(. مضاد س م. - مضاد الدهون الفوسفوري. - الاختبارات المعملية لقياس المكمل الثالث والرابع وهذه هي بروتينات موجودة طبيعياً فى الدم ووظيفتها هي المساعدة في تدمير البكتيريا وتنظيم رد فعل الجهاز المناعي في حالة حدوث التهاب، لذلك عندما تكون نسبة هذه المكملات قليلة في الدم يكون ذلك إشارة إلى نشاط المرض وخاصة إصابة الكلى. كما أن هناك بعض الفحوصات الأخرى والتي تساعد على تقييم مدى تأثير مرض الذئبة الحمراء على أعضاء الجسم المختلفة مثل أخذ عينة من الكلى وهو اختبار هام لأنه يعطى معلومات عن نوع ودرجة إصابة الكلى مما يساعد على اختيار العلاج المناسب. كذلك قد يساعد أخذ عينة من الجلد على تشخيص التهاب الأوعية الدموية في الجلد وطبيعة أنواع الطفح الجلدي. كذلك قد يحتاج الطبيب المعالج إلى عمل أشعة عادية على الصدر للكشف عن القلب والرئة، رسم قلب، عمل وظائف التنفس لتقييم مدى كفاءة الرئتين، رسم مخ، رنين مغناطيسي للمخ وأخذ عينات من الأنسجة المختلفة. هل يمكن علاج مرض الذئبة الحمراء وشفاؤها؟ حتى الآن لا يوجد علاج ناجع وجذري للمرض ولكن يهدف العلاج إلى منع المضادات وعلاج أعراض ومضاعفات المرض. وعندما يتم تشخيص مرض الذئبة الحمراء يكون المرض غالباً في أشد مراحل نشاطه، وفى هذه المرحلة يحتاج الطبيب إلى استخدام كمية كبيرة من الأدوية للسيطرة على المرض ومنع تلف الأعضاء، وفى معظم الأطفال يكون العلاج ناجحاً وتتم السيطرة على المرض الذي يبدأ نشاطه في التراجع ويتم سحب الأدوية تدريجياً حتى يحتاج المريض إلى جرعات قليلة أو قد يتم الاستغناء عن العلاج تماماً. ما هو العلاج؟. معظم أعراض الذئبة تحدث نتيجة للالتهاب ولذلك يكون هدف العلاج هو تقليل هذه الالتهابات وبصفة عامة هناك 4 مجموعات من الأدوية هي الأكثر استخداماً في علاج الأطفال المصابين بمرض الذئبة الحمراء وهي:. 1- مضادات الالتهاب غير الكورتيزون: تستخدم هذه الأدوية للسيطرة على آلام المفاصل وينصح باستخدامها لفترات ليست بالطويلة ويتم تقليل الجرعة مع بدء تحسن التهاب المفاصل. وتشمل هذه العائلة مجموعة كبيرة من الأدوية منها الأسبرين (إلا أن استخدامه قل كثيراً فى الآونة الأخيرة كمضاد للالتهاب) ولكنه يستخدم في حالة ارتفاع نسبة مضادات الدهون الفوسفورية لمنع تجلط الدم.