البلد : نقاط : 200520 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: سلوك الإنسان .. وصناعة المواقف الأحد يناير 04, 2009 2:51 pm | |
| سلوك الانسان .. وصناعة المواقف
د.فيصل غرايبة - يرتبط سلوك الإنسان بالعلم والمعرفة، التي يحصل عليها من خلال التعلم والإطلاع. السلوك في الحقيقة يتم على مراحل داخل الذات، إذ يبدأ بالتصور الذي يشكل البذرة الأولى للفعل، ثم يتكون الميل النفسي أي الاستجابة نحو ذلك التصور، ثم القناعة به و تصديقه، ثم اختياره واختيار القرار الذاتي بالفعل، ثم إصدار الأمر بالفعل، فتحدث الاستجابة الحركية الفعلية للأفكار. يتحول التصور إلى فعل عبر عمليات عقلية ونفسية وعصبية وعضلية معقدة، أما الأفكار والتصورات التي تصنع الموقف والميل إليه، فإن العامل الأكبر في تشكيلها هو العقيدة والثقافة بالإضافة إلى المعلومات والخبرة. فالمعرفة والتأهيل الثقافي المتقدم يحمي صاحبها من السقوط وممارسة الإجرام بشكل عام، كما أن الإيمان بالله والوازع الديني والأخلاقي تساهم في استقامة السلوك وتوازن الشخصية. والإنسان الذي لديه وعي اجتماعي واستنارة فكرية لتصورات الفعل الذي ينوي القيام به، تمده بقدرة على إدراك عواقب العمل السيئ أو الضار بالنفس أو بالآخرين، وكذلك الإنسان المتعلم الواعي يحترم ذاته، ويعرف قيمة وجوده الإنساني ويقدر مسؤوليته الوطنية والمجتمعية والآخرين، فينأى بنفسه عن الأفعال التي تجلب إليه الإهانة أو توقعه تحت طائلة العقاب القانوني أو الإلهي. إلى جانب نبذ المجتمع ورفض الرأي العام. ومن هنا تأتي صعوبة تغيير سلوكه المعتاد، الذي اتخذ صيغة نفسية وسلوكية متكررة. وعلى العكس من ذلك من يعرف الضرر من تعاطي المخدرات والخمر والتدخين وسواها من المسالك الضارة لا يقدم عليها، على العكس من الجاهل بذلك الضرر. إن هذه الحقيقة تتطلب توعية الناشئة بالأمور النافعة والضارة التي تصادفهم في هذه الحياة، وتقديم شواهد و معلومات تدعمها الأرقام والإحصاءات وإفادات المجربين المقلعين أو الناقهين أو التائبين عن الممارسات الضارة أو غير المقبولة اجتماعيا، وليكون ذلك توعية لهم ورادعاً عن مزاولة مثل تلك الممارسات. العلم يوفر للإنسان الوعي بالكون والحياة، وبما يمكنه من التعامل مع الناشئين، كذلك وعي الذات وفهم قيمة الشاب لوجوده، فيتعامل معها تعاملاً موضوعياً بما يحفظ لها كرامتها وسلامتها وحرمتها، ويفهم عن طريق العلم الدوافع والنوازع والانفعالات التي تتحرك في أعماق نفسه. لكي يوجه أفعاله بالتالي الوجهة الصحيحة ويتعامل معها تعاملاً واعياً، ويرفض منها ما يدفعه نحو الشر أو يقوده إلى الضرر أو الضياع، وبالمقابل يستجيب لنوازع الخير والاتجاه السليم. كما يمكن العلم الجيل الجديد من فهم الواقع الذي يعيشه والمحيط الذي ينتمي إليه، فيعرف كيف يتعامل معه، متجنباً المشكلات، وموظفاً ما هو متاح من إمكانيات صالحة ومفيدة.وتشكل العقيدة والقيم الفكرية والثقافية التي يحملها الشاب دافعاً لممارسة سلوك معين. فالقيم المرتكزة على الوجودية المادية تدفع إلى سلوك نفعي يركز على المادة سواء كانت لذة أو مكسباً بغض النظر عن الأخلاقيات المحيطة به أو الباعثة إليه. أما القيم المرتكزة على الروحانيات والمثاليات فهي التي تدفع إلى التسامي عن المكاسب والملذات النفعية المادية وتركز على الأخلاقيات وتجعلها موجهاً للسلوك. الإرادة هي التي تصنع المواقف و القدرة على الفعل أو الترك، وهي خلاصة الموقف الإنساني المعبر عن وجوده، وهي أساس المسؤولية عن الفعل. وإذا ما امتلك الشاب أو المراهق قوة الإرادة يستطيع التحكم بالمواقف والدوافع والرغبات والنزعات النفسية، ويواجه الحوادث والأزمات، ويتمكن من انتقاء السلوك المناسب أمام المثيرات والمغريات والأزمات. فإن سر قوة الشخصية هو قوة الإرادة، وهي التي تؤثر في مدى نجاح الشاب في حياته وتحقيقه لأهدافه ووصوله إلى طموحاته. ويحتاج الشاب و المراهق إلى احترام إرادته الذاتية، ليدخل ميدان الحياة في مجتمع المعرفة قوي الشخصية انتقائي السلوك والمواقف، يفكر ويحسب ويوازن قبل أن يتخذ القرار لاسيما وهو يعيش مرحلة مليئة بالانفعالات والاستثارات. يحتاج فيها إلى مهارات الحصول على المعلومات و معالجتها لتكوين تلك المواقف.
منقول
| |
|