البلد : نقاط : 200500 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: كيف يفسّر العلم سلوك المراهقين ؟ الثلاثاء يوليو 26, 2011 6:19 pm | |
|
كيف يفسّر العلم سلوك المراهقين؟
حسام جميل مدانات - في اللغة، رهق فلان سفه وحمق وجهل وركب الشر والظلم وغشي المآثم. وأرهق فلانا حمله ما لا يطيق، وراهق الغلام قارب الحُلم. والمراهقة هي الفترة من بلوغ الحلم الى سن الرشد. كيف يشعر المراهق، وبماذا يفكر، وهل هو راض عن نفسه وعن سلوك الآخرين تجاهه: هل هو إنسان سوي مستقر أم أنه يمر بمرحلة انتقالية مضطربة؟ تناقش مجلة هذا يهمني الفرنسية هذه الأمور وغيرها في مقالة عنوانها: المراهقون في 10 أسئلة ونستعرض فيما يلي بعض ما جاء فيها:
1) لماذا يبدو المراهق دائما رخوا ومترهلا؟ لا يفتأ الأبوان يكرران على مسامع ابنهما المراهق: انتصب، لا تحن ظهرك.. بلا فائدة. والخطأ ليس خطؤه. بين سن 14 و 16 للفتى ، وبين 12 و 14 للفتاة، يمكن أن يزداد طول أي منهما حتى 25 سم. هذه الطفرة الكبيرة في الطول تسبب توتر روابط العمود الفقري وإجهاد العضلات، فهي لا تنمو بالسرعة نفسها التي تنمو فيها عظامه. ومما يعقد الأمور أكثر أن الأعضاء تنمو بوتائر مختلفة. فاليدان والقدمان تنموان أولا، ثم الذراعان والرجلان، وبعد ذلك الجذع والأعضاء الأخرى. ونتيجة ذلك أن المراهق يبدو كشخص أخرق يفتقد للاتزان.
2) ما تفسير هذه الشهية الكبيرة للأكل؟ ينمو جسم المراهق بمعدل 1سم في الشهر، بينما البالغ يتوقف عن النمو أو يكاد. فإذا علمنا أن البالغ يحتاج ما بين 2000 و 2500 سعر في اليوم، فإن المراهق يحتاج ما بين 3000 و 3500. وهذا يفسر انجذاب المراهق لأصناف طعام غنية بالطاقة، مثل الوجبات السريعة العالية الدهون والميونيز والحلويات. ونظرا لأن عضلات المراهق قد تتضاعف حجما بين سن 12 و 16، فإن جسمه يتطلب الأغذية البروتينية كاللحوم والبيض والألبان. أما الفتيات فإن الأكل يصبح مشكلة مستعصية لدى نسبة كبيرة منهن، إذ يتعرض جسم الفتاة لتغيرات هرمونية عنيفة ولاحتمال الإصابة بالبدانة فيصبح الطعام هاجسا دائما، وقد يتطور ذلك في حالات متطرفة الى الإفراط بالطعام أو الى فقدان الشهية للأكل.
3) لماذا يضطرب نظام النوم والصحو لديه؟ تجاوزت الساعة الثانية صباحا وهو ما زال ساهرا، يثرثر مع أصحابه على الانترنت أو يشاهد مباراة كرة قدم على إحدى الفضائيات، رغم أنه يجب أن يصحو باكرا للذهاب للمدرسة. وإذا كان اليوم التالي عطلة فإنه سيبقى نائما حتى العصر. في المقابل، نجد أن البالغين، وكبار السن بشكل خاص ينتظمون في مواعيد نومهم ويقظتهم. ويفسر ذلك بإن جسم البالغ يبدأ بإفراز هرمون الميلاتونين مع غروب الشمس، وينام بعد ذلك بثلاث أو أربع ساعات. أما جسم المراهق فإنه لا يفرز هذا الهرمون إلا نحو الساعة الحادية عشرة مساء، وهذا يفسر تأخره في النوم حتى الثانية صباحا. لكن المراهق بحاجة الى 9 ساعات من النوم على الأقل، ولهذا السبب فإنه يمضي أيام الأسبوع مرهقا نعسانا. ولا يعوض ذلك إلا بالنوم طوال اليوم في عطلة نهاية الأسبوع. لهذا السبب فإن المعهد الفرنسي العالي للبحوث الطبية اقترح عام 2001 جعل بداية الدوام المدرسي الساعة التاسعة، وتأخير المواد الصعبة الى آخر الدوام. لكن هذا الاقتراح لم يطبق.
4) لماذا يُحب المخاطرة؟ إذا كان المراهق يقود دراجة نارية أو سكوترا، فإنه يميل الى بلوغ السرعة القصوى مخاطرا بحياته وحياة غيره، ويقوم بحركان بهلوانية صعبة على لوحة الانزلاق أو السكيت. وحتى لو سطا على سيارة والده فإنه يقودها بتهور رغم افتقاره للخبرة والمهارة، وعدم امتلاكه للرخصة القيادة. ويقع اللوم هنا أيضا على جسم المراهق. فرغم أن الدماغ يبلغ حجمه النهائي مع بداية المراهقة؛ إلا أن وصلات الأعصاب في الدماغ لا تستقر بالوضع الأفضل إلا بعد ذلك بعشر سنوات. كما أن دماغه يتعرض لفيض من الهرمونات التي تؤثر سلبا على تفكيره المنطقي. والواقع أن الأجزاء التي تنضج أولا لدى المراهق هي المسؤولة عن الكلام والحركة والانتباه. أما الفص الأمامي، وهو المختص بالمنطق والتخطيط ، فإن نضجه يتأخر حتى سن 19 أو 20.
5) لماذا يتضايق من جسده؟ في بداية المراهقة يصبح صوت الفتى غليظا أجش. وسبب ذلك هو أن الأوتار الصوتية تنمو بمقدار الثلث. ويظهر شعر الوجه والعانة، ويتضاعف حجم العضلات. كل ذلك بسبب هرمون الذكورة – تستستيرون، الذي تتضاعف نسبته في الدم ستين مرة مقارنة بما قبل المراهقة. وبالطبع يتزامن هذا مع بدء إفراز المني وبدء الشعور باللذة الجنسية وما يرافق ذلك من شعور بالذنب لدى المراهق في بعض الثقافات. وقد لا تتقبل الفتاة بسهولة مظاهر النضج مثل بروز الثديين واستدارة الردفين. ويترافق ذلك أحيانا بظهور حب الشباب لدى الفتيان والفتيات مما يزيد الشعور بالضيق والخجل من مظهر الجسم. ويزداد نشاط الغدد العرقية، خاصة تحت الابطين، مما يفاقم مشاكل المراهق.
6) لماذا يقع في الحب كل 5 دقائق؟ خلال بضعة أشهر تغير الفتاة فارس أحلامها عدة مرات من بين شخصيات مشهورة ونجوم السينما، أو معلم أو زميل. وبالمثل بالنسبة للفتى. يغرق دماغ المراهق في فيض من الهرمونات تجعله في حالة استثارة دائمة. ويكون نظام السيطرة على العواطف، وهو يقع في القشرة الأمامية من الدماغ، ما زال غير ناضج. وهو لن ينضج حتى سنة 23.
7) لماذا تبدو الفتيات أنضج من الصبيان؟ حتى في سن 13 أو 14، تبدو الفتيات كسيدات صغيرات لكن الفتيان ما زالوا يتصرفون كأطفال أو صبيان. ورغم هذه الظاهرة، فإن الفتاة المراهقة عادة لن تكون ناضجة جنسيا وقادرة على الحمل إلا بعد 3 سنوات من بدء الدورة الشهرية. أما المراهق، فإنه يكون ناضجا وقادرا جنسيا من البداية تقريبا. وتبلغ الفتيات حاليا في سن مبكرة مقارنة مع ما كان الحال عليه قبل قرنين من الزمان. وتفسير ذلك هو تحسن نوعية الطعام، وربما أيضا التلوث البيئي، وخاصة مكونات مواد التجميل والشامبو.
8 ) لماذا يتجمع المراهقون دائما في شلل وجماعات؟ نادرا ما يتنقل المراهق وحيدا. فهو دائما عضو في سربة أو عصبة. ويتشابه جميع أفرادها في سلوكهم. يرغب المراهق في الابتعاد عن عائلته والاندماج في نظام اجتماعي جديد. كما أن هذه الرفقة توفر للمراهق دعما نفسيا هو بأمسّ الحاجة اليه. يميل الفتيان للتجمع في زمر من أربعة أو خمسة، وقد لا يجدون ما يتحدثون به معا. أما الفتيات فيفضلن علاقات أكثر حميمية، صديقة أو اثنتان، ويمضين الوقت في الحديث والثرثرة.
9) لماذا يتطرف في ردود فعله؟ يكفي أن توجه له لوما أو تأنيبا حتى يطرق الباب ويعتصم في غرفته أو يخرج غاضبا. السبب هو، كما ذكرنا سابقا، أن قشرة الدماغ الأمامية المسؤولة عن المنطق، لم تنضج بعد. ويفسر ذلك أيضا عجز المراهق عن تفسير تعابير وجه محدثه تفسيرا صحيحا، فيخطيء في ردود فعله تجاه الآخرين.
10) هل يمر جميع المراهقين بأزمة المراهقة؟ يفضل الخبراء حاليا استخدام تعبير مرحلة بدلا من أزمة لوصف المراهقة. لكن يبدو أن الأزمة الحقيقية هي تلك التي يمر بها آباء المراهقين. فهم يظهرون عجزا كاملا عن التعامل مع أطفالهم الذين بلغوا فجأة وتغير شكلهم وسلوكهم ومزاجهم تماما. والمشكلة أن هذه المرحلة لدى الآباء قد تترافق مع أعراض أخرى خاصة بهم، مثل الصلع أو الكرش لدى الأب أو ظهور التجاعيد وتوقف الحيض لدى الأم. وهذا كله يعقد عملية تكيف الأبوين مع مرحلة المراهقة لدى أبنائهما. يقول 70% من المراهقين الفرنسيين أنهم راضون عن حياتهم، بينما 73% من البالغين يعتقدون بعكس ذلك. أما لدى مراهقينا، فالأمر مختلف لأسباب عدة، منها الكبت الجنسي والاجتماعي والعجز الاقتصادي لدى العديد من عائلات الطبقة الوسطى والفقيرة. مما يجعل المراهقة مرحلة معاناة حقيقية. ونذكر أخيرا هذا القول الساخر، إن سن المراهقة لدينا تمتد من الثانية عشرة حتى الثانية والثمانين. عن: Ca M’interesse
| |
|