موضوع: غذاء أطفالنا بين المقلوبة و (تيك أوي ) السبت يناير 03, 2009 12:10 pm
غذاء اطفالنا بين المقلوبة و(تيك أوي)
د. اميمة محمد عمور - على الرغم من أن فترات تناول الوجبات الغذائية الأسرية، والطقوس الخاصة بها،تسهم في تطور مفاهيم شتى، لدى أطفالنا سواء من الناحية الاجتماعية، والأخلاقية، والعاطفية،والذاتية،والعقلية، إلا أنها شأنها شأن غيرها من المظاهر الأسرية قد تعرضت إلى تغيرات كنتيجة لعدد من العوامل. وهكذا ضاعت من بيوتنا فرصة تجمع أفراد الأسرة، مما أدى إلى تقليل الفترة الزمنية والأوقات التي يقضيها الإباء والأمهات مع أطفالهم والفرصة للتواصل والحوار فيما بينهم فلقد كان الأب قديمًا يتناول فطوره في المنزل مع أهل بيته وكان في منتصف النهار، يتناول وجبة الغذاء مع أسرته مجتمعه، ثم تكون وجبه المساء التي تجمع الجميع في دفء عائلي نفتقده هذه الأيام. وخلال هذه الجلسات كانت الأسرة تتواصل فيما بينها، فينقلون القيم الاجتماعية التي يريد المجتمع الحفاظ عليها بين بعضهم البعض، فيسمع الأب أو الأم لمشكلات أبنائهم ويوجهونها، ثم يسمعون الاعتراضات ويردون عليها، في جو من المحبة، والتقبل، والرضا. أما اليوم، فلكل فرد من أفراد العائلة برنامجه وروتينه اليومي الخاص به فبعض الابناء ليله للسهر الطويل يعقبه نوم حتى الظهيرة، يعقبه صحو متعجل، بغرض الذهاب لأي مكان، والفطور: 'تيك أوي'' ويكون المحظوظ من عملت له أمه هذا الـ'تيك أوي' بيديها، بينما يكون الأب قد ذهب للعمل، وربما استيقظ متأخرًا فذهب للعمل رافضًا تناول وجبة فطوره ، معتمدًا على أن السوق به 'تيك أوي''. اما الام فتتناول إفطارها وحيدة شاعرة بالعزلة، هذا إذا كانت ربة منزل، وعند الغداء قد يأتي الأب مبكرًا لتناول الغداء أو لا يأتي لانشغاله، والابن يكون مع أصدقائه، أو في المدرسة أو في النادي، أو يحضر للبيت من دون التزام بموعد يجمع الأسرة كلها معًا، وفي المساء تجد الأولاد خارج البيت يتناولون طعام الـ'تيك أوي' مع أصدقائهم، بينما الأم والأب في المنزل وحدهما .. إن جمعهما عشاء. تسارع الحياة جعل كل من في البيت وكأنه نزيل به فقط،وليس صاحبه أو فردا فيه،ولا تقتصر هذه الظاهرة على طبقة،اجتماعية،أو اقتصادية دون غيرها وإنما تكاد تكون هي طابع الغالب لمعظم أسرنا وحتى لو كان أفراد الأسرة جميعهم في البيت، فالأب يفضل تناول طعامه لوحده في غرفة منفصلة عن أطفاله، بحجة عدم إزعاجه، وبخاصة أذا كانوا صغارا، متجاهلاً أن هذه الأوقات ليست فقط للطعام ولكن هي فرصة لأطفاله للقائه، والتقرب منه . وبالتالي لا يكون من المهم أن تنتظر الأسرة أي فرد من أفرادها لكي تقلب الأم طنجرة المقلوبة فلن ينتظر أحد الاخر . وبهذا تتوسع في مجتمعاتنا، وبين أفراد أسرنا، ظاهرة 'الوجبات السريعة' والتي أضحت فرضًا ،وكأنها ضريبة للحضارة والمدنية الحديثة ندفعها من صحتنا، وصحة وسلامة أحبائنا الصغار، ولكن .. أين الخطر في هذه الوجبات؟ ما ثبت علميًا من هذه المخاطر؟. ـ السمنة المبكرة:والتي يرجع السبب فيها كنتيجة منطقية لتكرار تناول الوجبات السريعة التي تعتمد في تجهيزها على الدهون متعددة الإشباع والأحادية الإشباع، وحيث إن الطفل في مرحلة النمو فإن،الأنسجة المسؤولة عن تخزين الدهون في الجسم سوف تقوم بزيادة أعداد الخلايا الدهنية لتخزين الكميات الفائضة عن حاجة الطفل. واكتشف علماء التغذية أن تناول جرعات متكررة، وعالية من الدهون، والسكريات الموجودة بكثرة في الوجبات السريعة، يمكن أن يتسبب في الإدمان،تمامًا مثل 'النيكوتين، المخدرات...' وذلك لأن الدهون المستخدمة وبعض التوابل تؤدي إلى تغيير في كيمياء الدماغ مشابهة لتأثيرات الإدمان، مما ينتج عنه تعلق الأطفال بهذه الأطعمة وصعوبة التحول إلى نظام غذائي صحي. اويقول الخبراء ان الكسل والخمول ظواهر تنجم عن عادة تناول الاكل السريع حيث أظهرت بعض الدراسات أن الإفراط في تناول الوجبات السريعة، والدهون، والسكريات،يغير من سلوك الطفل ويؤدي للخمول، وقلة الحركة ،وترهل جسمه، كما يؤدي إلى خمول في نشاط العقل .. تتحمل الأسرة المسؤولية الكاملة في تنمية السلوكات الغذائية عند الطفل ، فالتربية الغذائية تعد من أهم مسؤوليات الأسرة وليس هناك طفل يكتشف الوجبات السريعة بمفرده وإنما عن طريق أخذه إلى هذه الأماكن لذلك يجب أن تهتم الأسرة بتربية أبنائها غذائيًا، وأن تحرص على التزامهم بما يعد في البيت، وأن تجعل من وجبات الغذاء الأسرية مناسبة للالتقاء والضحك والاستمتاع ولا تحولها إلى حصة للأمر والصراخ وإسداء النصائح.
السبت يناير 03, 2009 12:10 pm