البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: هذا بيان للناس - النفس في القرآن (13) "كل نفس .. تجادل عن نفسها "1/2 الأحد سبتمبر 14, 2008 2:10 pm | |
|
هذا بيان للناس
النفس فـي القرآن (13) ''كل نفس.. تجادل عن نفسها'' 1/2
عبد الله حجازي - هذه صيغة، ليس ابلغ منها، تنقل حال البشر يوم القيامة، حين تكون النفوس تعاني نوعاً جديداً من كرب لم تعرفه قبل في الحياة الدنيا، والناس ''سكارى وما هم بسكارى'' لكنهم في حال لم يألفوا لا سببها ولا حقيقتها من قبل، وبني آدم كلهم منذ ابيهم آدم حتى آخر مولود في كرب عظيم، يتطلعون لفرج لا يأتي الا من الله، فما هم فيه جديد حيرة ما خبروهم من قبل ليعرفوه، وما خبره غيرهم ليخبرهم عنه ويدل على طريق فرجه. وحين تبدأ اعمال الحساب في يوم القيامة ''تأتي كل نفس تجادل عن نفسها'' يشتد الخصام بين مكونات هذه النفس، وتشتعل الخصومة بين الجوارح والروح والعقل والمشاعر وكل ما كان من اركان الذات الانسانية الواقفة الآن في يوم المحشر تواجه عملها الذي كان على امتداد حياة دنيا، تنتظر حسبة الميزان ان خيراً صنعته الحسنات فخير، وان شراً صاغته السيئات فشر، شر قد لا يكون بعده خير ابداً فالطريق الى أي من الاتجاهين، الجنة او النار، طريق تنتهي الى خلود لا فناء بعده. عندها ''توفى كل نفس ما عملت'' والوفاء هنا، لا يقوم على مفاهيم العدل التي خبرناها في الحياة الدنيا، ولكن على دعائم رحمة يضعها ''غفور رحيم'' و''رحمن رحيم'' فالغفور الرحيم يسوغ رحمته بالمغفرة يتجاوز فيها عن عمل سيء، والرحمن الرحيم يفيض رحمته الى ما بعد مرحلة التجاوز عن السيئة الى تبديلها الى حسنة، لكن الجدال الذي يدور آنئذ ينطلق من تداعيات هول الحال وغموض الموقف والخوف الشديد من النتائج، واستذكار الحال الذي كانت عليه اعمال الحياة الدنيا، هذه الاعمال التي ستكون موضع الجدال، الذي يتفاقم الى ان يصل الى حال الخصومة بين مكونات النفس البشرية، تتخاصم في ما بينها، على خلفية اتهام كل منها الآخر، بأنه هو السبب الذي جعل النفس في متاهة الخوف من نتائج هذا اليوم الذي لن ينجو احد من الخوف فيه الا من رحم ربك. لكن ''هم لا يظلمون'' ليس هذا الظلم الذي نعرفه في الحياة الدنيا، لا انه ظلم من نوع آخر، اعمق واشد على النفوس، ذلك ان هذه النفوس تكتشف حينئذ، ان قيام العدل وغياب الظلم اياً كان شكله انما يزيد من تعقيد الأمر، فلو ان هناك ظلماً كان وقع على أي نفس آنذاك، عند الحساب في هذا اليوم، لكن امل يرتجى بعدالة قادم في المقبل من الزمان.. توصل الى الحق في ضوء العدل، الا ان مرجعية كل اعمال الحساب اليوم تنطلق من حقيقة انه ''توفى كل نفس ما عملت.. وهم لا يظلمون''، هكذا يأتي القرار نهائياً لا مكان للاستئناف فيه، فالاستئناف ممكن في اطار عدالة اهل الارض الذين لن يقدروا على عدل مطلق يحصن القرار لأنه ''لا ظلم اليوم'' كل هذا والناس.. الناس جميعاً يبحثون عن ملجأ، ويخاصمون في سبيل نجاة، كل انطوى على ذاته، ما عاد غيره يهمه تبرز الأنا كأوضح ما تكون عليه، وابعد بكثير مما كانت عليه في اطار الانانية في الحياة الدنيا.
منقول
| |
|