البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: شيء من اللغة.. المشيئة واللغة السبت ديسمبر 22, 2012 2:20 pm | |
|
شيء من اللغة.. المشيئة واللغة
د. كامل جميل ولويل-ينزل من السماء بَرَد، فيصيب به تعالى من يشاء ويصرفه عمن يشاء، إن هذه إرادة الله جل وعلا، وهي مشيئة مطلقة تصيب الناس جميعاً في كل أماكنهم وأزمانهم، وقد اشتملت الآية التالية على المشيئة المطلقة وعلى حرف (جر) هو مِنْ وقد أدى معاني دقيقة جداً، قال سبحانه «وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمّن يشاء»، سورة النور (43)، من السماء تعنى البداية، ومن جبال للتبعيض ومن برد للجنس، وقد جاء أسلوب التعبير عن المشيئة متنوعا في مئتين وخمسين آية في القرآن الكريم، وكان من بين هذه الأساليب اثنان متماثلان تماماً في سورتي الإنسان والتكوير، قال سبحانه في سورة الإنسان «إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله ان الله كان عليما حكيما»، وقال جل وعلا في سورة التكوير «إن هو الا ذكر للعالمين لمن يشاء منكم ان يستقيم وما تشاءون إلا ان يشاء الله رب العالمين»، كلا الأسلوبين للحصر والقصر، وما قال البلاغيون حصرا وقصرا الا لان المعنى موجه لشيء واحد فحسب، ان عبارة وما محمد الا رسول، وضعت حصرا وقصرا، لانها حصرت المعنى في الرسالة، هذا هو معنى الحصر والقصر. فكيف نفهم المشيئة الإلهية عندما يكون الاسلوب للحصر والقصر؟ لقد نظرت طائفة من المفكرين والمذهبيين الى ان الانسان ليس له مشيئة، قالوا: ان الله تعالى شاء لك ان تصلي فصليت وشاء لك ان تهمل صلاتك فأهملت، وشاء لك ان تترك القمار فتركت او شاء لك غير ذلك ففعلت، لقد اخذوا بهذا الوجه الذي تستثقله النفوس واستقر في انفسهم ان الانسان لا يملك ارادة، كما استقر في انفسهم ان الله تعالى لم يكشف لنا سر مشيئته، هل نفهم اسلوب الحصر والقصر بهذه الطريقة؟ ان الآية التي في سورة الإنسان تقع ضمن آيات موجهة لفئة محددة من الكفرة الممعنين في الجحود، لقد رأوا المعجزات تجري بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم اصرت على الجحود والنكران، قال سبحانه «إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا، نحن خلقناهم وشددنا اسرهم واذا شئنا بدلنا امثالهم تبديلا»، أليس هذا وعيدا شديدا للجاحدين في زمن رسول الله، وقد حكم عليهم سبحانه بأسلوب قاس عليهم فقال لهم «إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا» ولكن الله تعالى اعرض عنهم الان فقال لهم هذه نهايتكم انكم الان بعد جحودكم ليس لكم مشيئة، وما المشيئة الا لله، فقد ختم على قلوبكم، اما مشيئة البشر العاديين فقد اعطوا الاختيار، قال سبحانه لكل الناس «انا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا»، هكذا نفهم أسلوب الحصر والقصر إنه لوضع محدد.
| |
|