البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: آراء العلماء في ذكاء الجنين وتعلمه الإثنين يونيو 11, 2012 3:40 pm | |
|
آراء العلماء في ذكاء الجنين وتعلمه
ياسين الجيلاني - يعتقد البعض، أن الجنين يبدأ التعلم عند إلتحاقه بالمدرسة النظامية، وعندما تبدأ وظائفه الفسيولوجية بالنمو التدريجي، غير أن نتائج الاختبارات الحديثة التي أجريت في جامعة كارولينا الامريكية، أكدت أن الجنين نزّاع إلى التعلم بالفطرة، منذ أن تتهيأ أجهزته العصبية قبل ولادته بعشرة أسابيع على الاقل.. بمثل ما هو نزاع إلى تدريب عضلات يديه وقدميه، منذ تصبح مستعدة للمرانة.. فالحبل السري الذي يربط الجنين بأمه، يزوده بالأكسجين والماء والغذاء ويخلصه من الفضلات. كما يشعر الجنين بالإحساس للاصوات التي تصدر عن الأم وما حولها، أو بنوع الموسيقى التي تستمع إليها. فإذا كانت تلك الأصوات هادئة، شعر الجنين باللذة والطمأنينة، وإنفردت أساريره، ونام نوماً هادئاً.. أما إذا كانت تلك الأصوات صاخبة، شعر بالألم والإنزعاج، عندها يبدأ بالتحرك والضغط على جدران بطن أمه. ومن إحساسه باللذة والألم، يتعلم الجنين كيف يعدل من سلوكه الإنفعالي، وكيف يتكيف فسيولوجياً مع ما يحيط به من متغيرات. أما بعد ولادة الطفل، فإن قدراته العقلية والذكائية، تبدأ بالنمو التدريجي، فعن طريق التجربة والخطأ يتعلم الجنين كيف يرضع من ثدي أمه، وكيف يمسك بالرضاعة، يتعلم الحبو والمشي، فيلمس الأشياء بيديه ويتذوقها بفمه، يتعلم كيف يفتح أبواب الخزائن والأدراج، والكثير من الاشياء عن طريق ألعابه الملونة، البلاستيكية، الخشبية والمعدنية، كالطائرات والقطارات والسيارات الصغيرة ، وجميعاً، تكسبه المعلومات والمهارات في الفك والتركيب والأفكار الجديدة، وبالخبرة يبتعد عن الأشياء التي تؤلمه، كالأواني الساخنة أو الأشياء المريبة له. وفي الحديث عن الذكاء لدى الطفل، فالموضوع لا بد ان يتشعب. لأن مفهوم الذكاء ما زال غامضاً لا يخلو من الالتباس، رغم أن لفظ الذكاء من أكثر الألفاظ شيوعاً بين الناس، ونشير هنا الى بعض تعريفات علماء النفس في الذكاء، التي أهمها «بأنه القدرة على سرعة الفهم»، والفيلسوف ابن سينا يرى أن الذكاء فعل للذهن أو جودة حدس من الذهن تقع في زمن قصير غير ممهل. وقيل إن الذكاء هو سرعة الفهم ورجحان الفكر وكماله، أو القدرة في سرعة تحصيل المعلومات بزمن قصير.. أما العالم شترن الألماني فقال: إن الذكاء هو القدرة على تحقيق التكيف الفعلي بين الشخص وبين المواقف الجديدة، في حين قال العالم الامريكي «ثرمان»، إن الذكاء هو القدرة على القيام بعمليات التفكير المجرد، أما العالم الألماني «كهلر» فقال: إن الذكاء هو القدرة على الاستبصار – عند الحيوان والانسان، ويعتقد العالم الامريكي «كلفن»، إن الذكاء هو القدرة على التعلم، أما «ثورنديك» فقال: ليس هناك شيء اسمه الذكاء العام، بل أن عددا كبيرا من قدرات خاصة مستقل بعضه عن بعض، وإن ما نسميه بالذكاء، ليس إلا متوسط هذه القدرات عند الفرد. وإذا إستعرضنا الألفاظ تلك، التي تدور حول معنى الذكاء، لتبين لنا أن للذكاء درجات متفاوتة من زيادة أو نقصان. فالجنين الذكي يحتفظ بذكائه في مراحل عمره المتتالية، والجنين البليد من العبث ان يرجى له النجابة، وهناك صفات تميز الجنين الذكي من غير الذكي، فالذكي – طفلاً كان أم طالباً، يتميز بأنه أشد يقظة وأسرع في الفهم من غيره، أو انه أقدر على التعلم وأسرع فيه، أو أنه أقدر على الابتكار وحسن التصرف من غيره، وغالباً ما يكون أنجح في الدراسة وفي الحياة، وفي القيام بالأعمال اليدوية أو الفكرية، أو في استخدامه المهارات الحاسوبية أو اتقان استخدام الجداول الإلكترونية ومعالجة الكلمات وتقنيات الرسم وغيرها من المهارات التقنية..غير أن علماء النفس مع اتفاقهم على علامات السلوك الذكي، قد اختلفوا وما زالوا على تعريف الذكاء تعريفاً منطقياً جامعاً مانعاً. لا شك؛ ان هناك فوارق بين سلوك طفل وسلوك طفل آخر، كما أن هناك فوارق بين سلوك الجنين نفسه في ظروف مختلفة، من سن أو تعب أو مرض أو موقف اجتماعي. فمثلاً عندما يقال بان الجنين ذكي أو غير ذكي، فإن القائل لا يصدر أحكاماً تقريرية على أشياء موضوعية، بل يصدر أحكاماً تقديرية أو تقويمية، تقدر قيمة الافعال الذكية، وذلك بالقياس إلى مستوى سيكولوجي واجتماعي معاً، وبالتالي فإن احكامناً على الذكاء ليست بمستوى أحكامناً على علم الرياضيات، الذي يعتمد على المسلمات والبديهيات في كل زمان ومكان. إن ما يهمنا في ذكاء الجنين ما قاله العالم الفرنسي «بينيه» Binet، إن الذكاء يتألف من قدرات أربع هي: الفهم والاختراع والنقد والتوجيه في اتجاه معين، واستبقاؤه فيه. ويعتبر «بينيه» أول من وضع مقياس درجات الذكاء في عملية التعلم، حين كُلف من قبل وزارة المعارف الفرنسية، للتمييز بين الأطفال الأسوياء، وبين من لا يصلحون للدراسة في المدارس الابتدائية، فكان هدفه الأول: ابتكار وسيلة تقيس مستوى الذكاء العام لأي طفل، كما يقيس المتر أطوال الأشياء، وقد وضع مجموعات من الاختبارات كل مجموعة فيها لعمر معين، ابتداءً من سن الثالثة، حيث تتكون كل مجموعة من 4، 5 إختبارات. فإذا نجح طفل في الإجابة عن جميع الاختبارات إلى إختبار عمر (9) سنين مثلاً، وعجز عن الإجابة فيما بعد، كان مستوى ذكائه يعدل مستوى ذكاء طفل (9) سنين، وإن استطاع طفل عمره الزمني (4) سنوات، أن ينجح في اختبار سن السادسة، فهو أذكى بكثير من المتوسط، وإذا كان عمره الزمني (9) سنوات، ولم يرق إلى مستوى سن السادسة، فهو متأخر وربما يكون ضعيف العقل. وهكذا ادخل «بينيه» المقياس الكمي في ناحية عقلية، لم يكن يحلم بها الناس في عهده، فقبله كان من الممكن الإختبار لا القياس. وهناك مقاييس عملية اخرى للذكاء، لا تعتمد على اللغة، منها مقياس «سبيرمان» Spearman، الذي صمم لإنتقاء الطلبة قبل إلتحاقهم بالمدارس أو الجامعات أو الجيش، والذي يقيس التحصيل الدراسي على مجموعات كبيرة من الأفراد، بالإعتماد على معامل الارتباط بين كل واحد منها وسائرها. وحديثاً طبق علماء النفس مقاييس الذكاء على نطاق واسع، فدلت نتائجها على ان الذكاء موزع بين الناس توزيعاً طبيعياً، أي ان السواد الأعظم من الناس متوسطو الذكاء، في حين أن النوابغ وضعاف العقول قلة قليلة، فالذين تزيد نسبة ذكائهم على (140) درجة لا يتجاوزون (1%) من الناس، والذين تقل نسبتهم عن ال (60%) درجة لا يتجاوزون (1%) من الناس، ومن هنا اتفق علماء النفس على ما يلي: من تبلغ نسبة ذكائه (140) درجة أو أكثر، يعد ألمعياً أو عبقرياً، ومن تكون ذكائه من نسبة (120-140) درجة يعد ذكياً جداً، ومن تكون نسبة ذكائه من (110-120) درجة، يعد فوق المتوسط، ومن تكون نسبة ذكائه من (80-90) درجة يعد دون المتوسط، ومن تكون نسبة ذكائه من (70-80) درجة يعد غبياً جداً، ومن تكون نسبة ذكائه أقل من (70) درجة فهو ضعيف العقل، وان كانت نسبة ذكائه أقل من (20- 25) درجة فهو معتوه. مما تقدم يتضح ؛ أن مقدار الذكاء أمر نسبي، يختلف باختلاف الأشخاص، لا باختلاف ظروف الشخص الواحد، وليس هو شيئاً معيناً أو وظيفة خاصة، بل الذكاء هو صفة يوصف بها التفكير والسلوك الإنساني، وان معيار الحكم على وجود هذه الصفة من عدمها، هو في نهاية الأمر معيار اجتماعي، فالذكي هو الذي يصلح للقيام بعمل ما، يكون دون متناول الغبي والأحمق، ولهذا ضربت الأمثال في مشاهير الأذكياء أو مشاهير الأغبياء ، فقيل مثلاً – أذكى من «إياس» أو أحمق من هبنقة» أو أحمق من «ابي غبشان» أو أحمق من «دغي»، ولم تضرب هذه الأمثال إلا في مواقف اجتماعية خاصة. وبعيداً عن مقاييس الذكاء ونسبها عند علماء النفس، إلا أن لكل قاعدة شواذ... فقد دلت بعض التجارب الحديثة، أن الذكاء لا تؤثر فيه ظروف البيئة إلا تأثيراً طفيفاً، لا يزيد عن ال (10%) من ال (140) درجة، وان التعليم والتدريب عند الجنين أو غيره، ليسا لازمين لإظهار أثره، فكم من الجهلاء غير المتعلمين أو المثقفين، يبدو ذكاؤهم ملحوظاً دون الحاجة إلى دراسة جامعية عليا، أو الحصول على درجة الدكتوراة فيها، أو الى تربية حديثة في المدارس ذات الأصالة العصرية أو النموذجية، أو ذات الشهادات واللغات الأجنبية المتعددة الأنماط، أو بتلقي الدروس الخصوصية مع أمهر المعلمين أو الاستعانة بالملخصات الخارجية... الخ، فالطالب ذكي ، سواء درس في مدارس قرية بسيطة ، أو درس في أرقى المدارس ، وكذلك الغبي غبي، ولو درس في أحسن المدارس الحديثة، تجهيزاً وتعليمياً وتقنياً.
| |
|