البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: قرأت لك .. فريدة .. ملكة مصر الثلاثاء يناير 31, 2012 9:47 am | |
|
قرأت لك .. فريدة.. ملكة مصر
كانت ملكة في فنها.. وفنانة في ملكها، وكانت تزعجها الاصوات العالية والكلمات النابية والموسيقى الرخيصة والاغنيات القبيحة والالوان الصاخبة.. تحب النظام والدقة والانضباط الى حد الوسوسة.. تحب الموسيقا الكلاسيكية والالوان الهادئة والادب والاحتشام. انها (الملكة فريدة) من اواخر الملكات المصريات التي جلست على عرش مصر ثم اختارت بكل طواعية ان تخلع بيديها تاج المجد والعز والثراء في سبيل كبريائها اذ انها استمرت زوجة وملكة لزوجها (الملك فاروق) مدة (10) سنوات ثم طلبت الطلاق بعد ان انجبت له ثلاث اميرات هن: فريال وفوزية وفادية. وهذا الكتاب والذي جاء بعنوان (الملكة فريدة وأنا - سيرة ذاتية لم تكتبها ملكة مصر) والصادر في مطلع هذا العام للمؤلفة (د. لوتس عبدالكريم) عن سلسلة كتاب اليوم المصرية.. نقرأ هذا الملخص السريع من مقدمة الكتاب كما يلي: ''الملكة فريدة اسمها الحقيقي هو (صافيناز يوسف ذو الفقار) من مواليد الاسكندرية عام 1921، وكان والدها يحمل لقب (باشا) خلف اسمه.. اما والدتها فكانت وصيفة الملكة نازلي ام الملك فاروق، وقد تلقت صافيناز تعليمها في مدرسة نوتردام دي سليمون بالاسكندرية التي امضت بها ثماني سنوات.. وذات يوم اصطحبتها امها الى القصر حيث تعرفت يومها على شقيقات الملك فاروق، ومن هنا كانت نقطة التحول في حياتها، فقد خطبها الملك فاروق في العام 1937 وكان عمرها (16) سنة وتزوجها عندما بلغت 17 عاما. وكما غير الملك فاروق الوسيم مجرى حياة صافيناز يوسف ذو الفقار فقد غير ايضا اسمها ليوافق تقاليد العائلة الملكية بأن تبدأ اسماء افرادها بحرف (الفاء) فغير اسم الملكة الصغيرة ليصبح (فريدة) بدلا من صافيناز وبدأت حياتها معه بأيام وليال اشبه بليالي الف ليلة وليلة.. ذاقت في الايام والشهور الاولى اجمل طعم للسعادة ثم ما لبثت ان بدأت سنوات العذاب وليالي الضنى والاكتئاب، فما ان انتهى شهر العسل حتى فوجئت الملكة وهي في عز احساسها بالسعادة وامتلائها بالفخر والكبرياء باعتبارها الملكة التي تتربع على عرش الملك في القصر.. بأنها فقدت هذه المكانة في قلب فاروق.. وان قلب الملك الوسيم ملئ بالنزيلات الجميلات من مختلف الانواع والالوان والاشكال. وبدأ الفصل الاخر من فصول هذه الحكاية عندما قررت الملكة الطلاق بعد سنوات من التحمل والصبر ولوعة القلب الذي اشعلته الغيرة القاتلة. واثار طلب الملكة فريدة دهشة الجميع، فكيف يهون عليها العرش وكيف تنزل بنفسها من فوق هذا المقعد الذي تتطلع اليه كل جميلات مصر؟! خاصة ان الملك فاروق كان متمسكا بها رغم كل مغامراته وطلب من الكثيرين التوسط له عندها بالعدول عن قرارها.. ولكن دون جدوى. والطلب الغريب الذي طلبه الملك فاروق من شيخ الازهر يومذاك كان ان يوضع شرط في وثيقة الطلاق ينص على عدم امكان زواجها من احد بعده!! ورفض شيخ الازهر ذلك.. وقال: ان حقها في الزواج بعد الطلاق قائم.. واخيرا تم الطلاق. ومع الانفصال والوحدة والمعاناة بدأت الملكة فريدة صلة قديمة بينها وبين فن الرسم في (فيلا الهرم) منزلها الكبير فقد حاولت ان تشغل نفسها ببعض الهوايات فتعلمت هواية التفصيل من الكتب واجادتها لدرجة باتت معها تصنع ملابسها بنفسها، وحاولت ان تشغل نفسها بالقراءة وبزيارة والديها بالزمالك لكن كل ذلك لم يشف غليلها وواصلت بحثها عن مخرج جديد. واتاحت لها وحدتها فرصة التأمل فبيتها يطل على حقول الفلاحين المجاورة، ووجدت ضالتها هناك في يوم مشرق ونظرت الى اللوحات على جدران منفاها الاختياري واشرق شيء في وجدانها سرعان ما كبر وكبر وتجسد في صورة فرشاة والوان استعادت عوالم طفولتها.. فجاءت بقطعة قماش ابيض وشدتها على اللوحة ووقفت تتأمل: ''هذه حياتي صفحة بيضاء وعليّ ان اوقع عليها تفاصيل محنتي ومعاناتي واحلامي الخاصة.. دموعي وآهاتي ورغباتي وآمالي.. لأشكل دنياي بيدي ولتمسح فرشاتي الدموع عن عيني وتخفف الالم عن قلبي''. كانت فريدة تعيش قرب اهرام الجيزة عام (1954) لا يفصلها عنها سوى المزارع والحقول.. فرسمت الحصاد والعمل في الحقل كما رسمت الاهرامات والفلاحين ونهر النيل العظيم والنخيل والصحراء والقرى والصعايدة. وقد قررت ان تختار ايضا كبرياء الصمت أي ان لا تقول أي كلمة واحدة ضد زوجها السابق الملك فاروق سواء بعد طلاقها او حتى بعد خروجه من مصر!! بل انها كانت تمنع المحيطين بها من ترديد ما يعرفونه عن اخطاء فاروق وخطاياه قائلة لهم: ''لا تنسوا انه والد بناتي والاساءة اليه هي اساءة اليهن''. وتذكر الملكة فريدة لصديقتها الدكتورة لوتس عبدالكريم مؤلفة هذا الكتاب ما يلي: ''ان الرسم كان علاجا لي، فلولا الفن لانتحرت منذ زمن طويل''. واشارت د. لوتس الى ان الملكة فريدة كانت ذكية ومثقفة ولماحة مزجت ارستقراطية عائلتها الراقية بحبها لطبقات الشعب، وظلت لاخر نفس في حياتها تعشق بلدها وتوصي به من خلال علاقاتها مع كبار كُتاب مصر مثل مصطفى امين وانيس منصور واحمد بهاء الدين وصلاح منتصر. وكانت قد تنقلت للعيش في عدة دول منها لبنان وسويسرا وباريس الا انها استقرت اخيرا في مصر حيث لم تستطع التأقلم مع كل بلاد الغربة كما كانت تقول.. ثم توفيت في العام 1989 في القاهرة ودفنت فيها حيث كانت في اواخر ايامها صاحبة نزعة صوفية عميقة وزهد وتجرد وايمان راسخ بالله خالق المعجزات.
منقول
| |
|