أخذت شهرتها من فنجان صغير بيد مع صحن صغير، واعتبرت فناجين القهوة التركية الأكثر شهرة في زخرفتها، وفي احتوائها على قهوة ثقيلة غامقة،يميزها الوجه الذي يظهر على السطح وهو عبارة عن بقايا البن غير المصفي . ولم تعد القهوة التركية مجرد مشروب ساخن منشط فحسب في تركيا، إنما هي فن وتاريخ ونمط حياة، كذلك هي تقاليد تعود إلى عهد العثمانيين. والقهوة التركية، التي بلغ صيتها مشارق الأرض ومغربها حتى أصبحت شيئا ضروريا لا غنى عنه في مختلف أنحاء العالم، بدأت قبل مئات السنين وبالتحديد في عهد السلطان «سليمان القانوني» حين أرسلها له والي اليمن آنذاك، فولع بها السلطان وأفراد أسرته وحاشيته، وصارت تقدم في المناسبات المهمة ولضيوف السلطان، ومنذ حينها بدأ الأتراك بالتفنن في طحنها وإعدادها بطرق مختلفة، تميزت بلونها البني الجميل والرغوة الذهبية الساحرة ورائحتها الزكية، وبقى الأحفاد على عهد أجدادهم حتى يومنا هذا . ويقول بولنت تبتشام، مدير مطحنة «محمد أفندي» المشهورة في إسطنبول، إن أجداده وبالتحديد «محمد أفندي» والذي كان يعمل قهوجيا في القصر العثماني أتقن فن إعداد القهوة في القصر ومن ثم علمها لأفراد أسرته ثم انتقلت لأحفاده الذين بدأوا يتجولون في الشوارع والأزقة التركية في بادئ الأمر ليبيعوها حتى وصل بهم الحال بعد ذلك لإنشاء كبرى المقاهي في تركيا ليستمر فنهم في طحن وإعداد القهوة حتى يومنا هذا، لتنتقل بعد ذلك إلى العالم عبر الرحلات التجارية القديمة والحديثة لتمسى أجمل هدية يقدمها الأتراك للعالم. والقهوة التركية التي غزت العالم بفضل طعمها وجودتها، لا يخلو شارع أو زقاق في تركيا من مقهى تقدم فيه ، التي يبدأ الناس صباحهم وأعمالهم باحتسائها كذلك تعتبر ركنا أساسيا في الحفلات الليلية والسهرات، كذلك أصبحت في العالم رمزا للضيافة والكرم، فإذا شرب الضيف قهوته، فذلك يعني أن سؤاله مجاب، وطلبه مقضي. وللتركيات قصة خاصة مع القهوة, حيث اعتدن على قراءة مستقبلهن بعد احتسائها، كما أن هناك طقوسا خاصة بالنسبة لأخريات يضعن خواتمهن على الفنجان ويضمرن الخطبة أو الزواج. ولأهمية القهوة التركية انشات وزارة الثقافة التركية متحفا خاصا جمعت فيه معظم أدوات السلاطين العثمانيين وغيرهم، والتي كانت تستخدم في إعداد القهوة داخل القصور التي تملأ أرجاء تركيا وخصوصا العثمانية منها،والمتحف امتلأ بأرقى وأثمن وأقدم الأدوات التي تستخدم في إعداد القهوة كذلك الفناجين المرصعة بالذهب والفضة ناهيك عن السجاجيد الذهبية التي كانت توضع عليها القهوة أثناء تقديمها للضيوف. ومن خلال هذه الأدوات الثمينة يكتشف الزائر بأن العصر الذهبي للقهوة كان في بلاط السلاطين العثمانيين. ويقول مدير المتحف طلعت شاكاريا «إن الهدف من إقامة هذا المتحف هو تعريف الناس بالقهوة التركية وعادات وتقاليد وطقوس شربها».