البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: قرحة عنق الرحم الخميس يونيو 09, 2011 11:41 am | |
|
قرحة عنق الرحم
د. كميل موسى فرام - أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية - استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
الخوف من المرض ومضاعفاته يمثل فترة الاستنفار القصوى بفصول العمر، خصوصا الشك بدخول عربة المرض اللعين الذي لا يرحم، خيار بين مصيرين أحسنهما مر فهاجس الخوف يقصر العمر على حساب السعاد والتعامل مع ابليس – حتى من قبيل الهزار – أمر يؤرق بأحسن الحالات فما بالك لو كان الموقف جدي للتنفيذ؟ المرض عموما يدخل بدون استئذان، يحلق بمنطاد ليعكر هدوء ربيع العمر، لا يحترم العمر أو الجنس، يحول حياة العائلة لمخلوط جمر ورماد، قد يؤذي ببطء، فهو كابوس حياتي قد احتل مساحة عمرية بذكره وفعله السيء، والمؤسف أن العديد من رياح الأمراض يصنف بفصل الأمراض السرطانية لاجتهاد متسرع نحتاج لجهود ووقت لاثبات العكس دون أن نضمن نتيجة الاطمئنان. عنق الرحم يشكل مصطلح قرحة عنق الرحم تشخيصا شعبيا سائدا، نجح باحتلال مكانة حياتية ملفعة بالحزن، يحتاج لوقفة وتوضيح بدون اتهام حيث أنه أحد المصطلحات الطبية التشخيصية الغابرة ذات المردود المادي السخي بالشق العلاجي، تحدث نتيجة نزوح خلايا نسيج الغلاف الطبيعي المبطن لجزء عنق الرحم الداخلي ليسكن ويغلف ظاهريا جزء من نسيج عنق الرحم الخارجي، فيمثل بصورة تشخيصية ذات لون وردي شفاف لامع، ومردود ذلك أصلاً لاختلاف الأصل التكويني بين خلايا النسيج المبطن لعنق الرحم بشقيه الداخلي والخارجي، تشخيص صعب يشكل قنبلة صحية كفيلة بتغير مسار القضبان لعربة قطار العمر لارتباط ذهني خاطىء باعتبار قرحة عنق الرحم اسم مرادف وبديل لسرطان عنق الرحم أو مرحلة التكوين الأولى له، عربة عمرية متهالكة قد فقدت صوابها عن قضبان المسير نتيجة توزيع إرث اجتماعي وعلمي رث لمعلومات انتهت صلاحيتها بالتقادم أو نتيجة تجفيف منابع ترويتها من بئر الأوهام الذي يغلف صفحات العمر التالية خصوصا مع الانتشار العشوائي لمصادر المعلومات الاجتهادية عبر صفحات المواقع بدون الضوابط العلمية، موقف مصيري صعب يتطلب بذل كل الجهود والإنفاق بسخاء للابتعاد عن مدى المرض القاتل أو حتى التحليق بأجوائه بل واستنشاق غباره اللعين لمناعة تهدم المعنويات بعد أن يصنف الضيف القادم بمسألة الوقت لإعلان مرحلة المعاناة وحتمية النهاية بغير توقيت بانضمام قسري لجمعية الرحمة. سحر الاستروجين الواقع التشخيصي بواقعه نتيجة تأثيرية لهرمون السحر والجمال «الاستروجين» في فتيات مرحلة العمر الانجابي خلال الحمل، وهؤلاء اللواتي يستخدمن حبوب منع الحمل لأي سبب، وقد يكون ذلك نتيجة ولادات متكررة قد صاحبها تغيرات فسيولوجية بعنق الرحم، لأخلص القول بكلام حاسم لا يحتاج لتفسير بغير حروفه أن قرحة عنق الرحم لا تمثل عرضا مرضيا ويمكن مشاهدتها أثناء الفحص الروتيني بنساء يتمتعن بدرجة صحية كاملة، حيث أن الطبيعية التشريحية والنسيجية بشفافية طبقتها المنظورة مبطنة بشبكة من القنوات الدموية التي تعطيها اللون الوردي الشفاف، لأكرر ان قرحة عنق الرحم واقع حميد ولا يمثل أي صورة أو درجة أو مرحلة من أشكال المرض اللعين اسما وتأثيراً، وأتمنى رفع اسمه من قائمة الأمراض لعدم توافر الشروط. لا توجد أعراض شكوى للتشخيص كما أنه ليس احتمالا واردا لأية علامة مرضية، حيث أن غالبية الحالات تشخص بالفحص النسائي بواسطة منظار المهبل لأي سبب آخر، وهو ليس جزء من متلازمة مرضية خاصة لكن ذلك لا يمنع من حدوث التهاب موضعي بالمهبل بصورة إفرازات مرضية، فيختلط واقع التشخيص بتهمة اصابة عنق الرحم بقرحة تستدعي سرعة العلاج. بعض السيدات قد تشكو من نزيف مهبلي بعد ممارسة اللقاء الزوجي نتيجة الاحتكاك المباشر بعنق الرحم، شكوى مرضية لا تحمل أبعادا صحية ولا تستدعي العلاج حيث أن وسائل العلاج المستخدمة تفتقر لضمان الشفاء فواقع الأمر لا يحتاج علاجا إلا من باب المجاملة الانثوية. من طرق العلاج اللجوء لكوي عنق الرحم بالتبريد وغيره يمثل حلقة دائرية تفتقر للبداية أو النهاية، وإعادة الكوي أو الغسيل يمثل إصرارا على عناد الصواب ونتائجه ليست بدرجة الطموح خصوصا إذا كان التشخيص نتيجة صدفة تقييم لسبب آخر وبدون شكوى مرضية، إضافة لمحدودية النتائج لحالات الشكوى الافرازية أو شكوى الدم المهبلي المرتبط بالحياة الزوجية، وأجتهد شخصيا بنصيحة طبية أن الخطوة الأهم بخارطة العلاج تتمثل بمسحة عنق الرحم السنوية بدون أن يكون هناك ارتباط بين المسحة كخطوة مسحية ووجود قرحة بعنق الرحم، بل وحذاري من اعتبار القرحة كمسبب رئيسي يتيم للنزيف المرافق للجماع واعتماد خطة علاجية لعلاج القرحة وكويها أو غسلها بينما هناك خلل صحي مدمر ينخر بجدران الصحة ببطء يهمل التعامل معه بالتوقيت المناسب جهلا أو خوفا وتسمية القرحة كممثل للواقع المرضي وشماعة للشكوى على أمل ظهور مارد الأحلام لتحقيق أمنية ماتت قبل أن تولد. مذكرا أنه لا تعارض بين علاج أي عارض مهبلي بوجود القرحة مدار البحث، باعتبارها واقعا طبيعيا ضمن منظومة التطور النسيجي بتأثير الموازنة الهرمونية، ولن تتسبب بمضاعف مؤسف يتغذى بالندم في قادم الأيام. أحمر أرجواني تشخص قرحة عنق الرحم عن طريق إدخال المنظار النسائي حيث هناك عدة درجات يمكن تصنيفها فمنها القرحة البسيطة وتبدو هذه القرحة حمراء اللون بينما يكون عنق الرحم الطبيعي أحمر خفيف (أرجواني) وتظهر الإفرازات المخاطية أو المخاطية الصديدية خارجة من فتحة عنق الرحم، وهناك القرحة اللحمية وهي عبارة عن مرحلة متقدمة من القرحة البسيطة وفيها تظهر ثنيات عديدة مع القرحة إضافة للقرحة الغددية وهي عبارة عن مرحلة متقدمة جداً حيث تتجمع الإفرازات بين الثنيات وبالتالي يحصل انتفاخ وتبدو القرحة ومعها حوصلات (2-15 ملم) تعرف بإسم حوصلات نوبوث وقد يتطور الأمر فتكبر الحوصلات لتتدلى من عنق الرحم وبذلك تتكون الزوائد اللحمية لعنق الرحم. لا يوجد أي ارتباط بين القرحة وفشل حدوث الحمل أو حدوث الاجهاض، فالنسبة الأكبر تشخص لدى النساء أصحاب الخصوبة العالية والتي تستخدم حبوب منع الحمل لتنظيم الانجاب، والقرحة بذاتها لا تعتبر سببا مانعا لممارسة الحياة الزوجية إلا تحت زاوية البحث عن حجج الهروب والتهرب من استحقاقات عائلية أو عقوبة غير معلنة لتثبيط العزيمة. يوم سعيد لا يوجد رصيد بسنوات العمر يمكننا استخدامه لضرورة، فأحلى الأيام هو اليوم الذي نعيشه بفرح وسعادة، ننزع من صفحاته أمجادا قد انتهت أحداثها، غير مؤجلين للغد القادم نتيجة نصيحة أو حجامة الأيام، فقمة التصرف لمن ينشد السكينة أن يعيش يومه ويخطط لغده بمداد تجارب الأمس، فالنصف الجميل من مجتمعنا يملك القدرة على التكيف، وحرام علينا أن نستخدم حبوب التنغيص بقرحة عنق الرحم وأمثالها لإثارة زلزال عائلي وبركان حياتي مدمر لأنانية الكسب بكوي القرحة وغسل محيطها بالتكرار، مذكرا رمز الجمال بحكمة أن الأمس هو شيك تم سحبه من رصيد سنوات العمر، والغد هو شيك مؤجل برسم التحصيل، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة، لذلك اصرفيها بحكمة وللحديث بقية!
| |
|