البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: عبد الرحمن بن أبي بكر .. الثبات على الموقف والإخلاص للحق الأحد أغسطس 29, 2010 8:45 pm | |
|
عبد الرحمن بن أبي بكر .. الثبات على الموقف والإخلاص للحق
خلف أبو بكر الصديق وراءه أسرته والتحق بالنبي الكريم في رحلة الهجرة إلى يثرب، وكان أكبر أبنائه عبد الكعبة فتيا لكنه لم يدخل الإسلام، فلم يكن الشخص الذي يحركه شيء سوى قناعاته الشخصية، حتى لو كان الدين الذي اختاره والده وكان في طليعة المؤمنين به، ورغم بقائه على دين قريش الوثني إلا أن ذلك لم يكن من منطلق هذا ما وجدنا عليه آباءنا، وإنما هذا ما أراه وأنا مستعد لأن أموت من أجله، لم يكن عقله في ذلك الوقت يمكن أن يستوعب الرسالة الإسلامية، كما أن الأثر العاطفي لوجوده في قريش ومع أقرانه من أبنائها عامل محرك أساسي لموقفه المتعنت من الإسلام والمناصر للتقاليد القبلية السائدة، وفي سنوات قليلة يعبر عبد الكعبة إلى مرحلة الشباب ليكون واحدا من أبرز شباب قريش، بطبيعة الحال وفق المعايير الأساسية للتصنيف وهي الفروسية والقدرة القتالية، ولعل إتقانه لذلك جعله يعوض ما ينقصه من انتماء للأجنحة القوية في القبيلة وأيضا الثراء المادي، ولكن وجوده المعنوي أيضا كان ذا أهمية كبيرة بالنسبة لأعداء الإسلام، فهو ابن الرجل الأقرب للنبي منذ بداية الدعوة، يبث ذلك الطمأنينة في قلوب السادة من ثبات أبنائهم على تقاليدهم بعد أن خرج الكثيرون. يتواجه عبد الكعبة للمرة الأولى مع المسلمين في معركة بدر، بينما كان والده قريبا من النبي، لم يكن دوره كبيرا ولكن موقفه تجاه الإسلام أخذ ينحى لمزيد من التشدد والعصبية، ظهر ذلك في أحد وإن يكن الوضع مختلفا تماما، فدوره في أحد كان مركزيا بالنسبة لجيش قريش، فهو على رأس الرماة كما أنه بين فرسان الصف الأول الذين خرجوا ليطرحوا تحدي المبارزة، الأمر الذي دفع والده إلى الخروج لمبارزته لولا أن نهاه الرسول عن ذلك، فمهما يكن من أمر فإن قريشا طالما شنعت على الإسلام بأنه يفرق بين الرجل وأبيه والمرأة وزوجها، عدا أن الرسول كان مطلا على تلك الشخصية الصعبة المراس لابن أقرب أصحابه، وأيضا شقيق زوجته، إنه في المعسكر الآخر يلعب دورا محوريا في الهزيمة التي لحقت بالمسلمين، وعلى ذلك فإن بقاءه في ذلك المكان لم يكن ليطول كثيرا. لعل التوقيت في إسلامه يعد عاملا حاسما في تفهم شخصيته، فهو لم يسلم بعد فتح مكة كنتيجة لانتصار الإسلام بصورة نهائية وحاسمة، فلو أنه واجه تلك اللحظات لم يكن ليذهب للإسلام وقوفا على مبدئه، وإنما جاء إسلامه بعد صلح الحديبية، في فترة شهدت تهدئة بين قريش والمسلمين، فترة مكنته من مراجعة مواقفه وأفكاره، إن التغيرات الهائلة التي طرأت على مجتمع مكة في الفترة بين الهجرة والفتح كانت كافية لإسقاط العديد من المفاهيم المكرسة، خلخلة المجتمع بحيث تظهر تناقضاته وتنكشف الأكاذيب التي طالما توارت وراء الإدعاءات بالقرابة والسيادة، لذلك أتى التحول في أفكار عبد الرحمن الإسم الذي اكتسبه بعد الإسلام ولم يكن تحولا في شخصيته، فهو دائما لا يرضى بأنصاف المواقف أو الحلول المؤقتة، رجل من عينة صعبة تحول دون توليه القيادة ولكنها بالتأكيد تجعله دائما في موقع الثقة، شخصية أقرب ما تكون إلى البراء بن مالك وسعيد بن زيد من صحابة الرسول، وبذلك بدأت مسيرته مع الإسلام التي تواصلت مع الرسول حتى أيامه الأخيرة، ومع والده ومن ثم الخليفة عمر بن الخطاب الذي استطاع أن يوظف شخصية عبد الله بن أبي بكر في مكانها السليم.
منقول
| |
|