لمسة أمل
لمسة أمل
لمسة أمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسة أمل


 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عبد الرحمن الكواكبي .. مفكرا وثائرا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





البلد : عبد الرحمن الكواكبي  .. مفكرا وثائرا Jo10
نقاط : 198110
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

عبد الرحمن الكواكبي  .. مفكرا وثائرا Empty
مُساهمةموضوع: عبد الرحمن الكواكبي .. مفكرا وثائرا   عبد الرحمن الكواكبي  .. مفكرا وثائرا Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 02, 2009 3:15 pm



عبد الرحمن الكواكبي .. مفكرا وثائرا

عبد الرحمن الكواكبي  .. مفكرا وثائرا 24011810

سامح محاريق - لم يكن دور الكواكبي ينحصر في الريادة الفكرية في مجال التنظير لفكرة الحرية ومحاربة مظاهر الإستبداد الشائعة بين الأمم الشرقية، فدوره تجاوز العمل الفكري الصرف ليمثل نموذجا متقدما للناشط السياسي الذي يحمل فكره ويسعى لوضعه في حيز التنفيذ، لم يكن يحمل كثيرا من الأوهام حول فكره ويرى أن الفعل هو الحلقة المفقودة في مسيرة الإصلاح، ليس الفعل على طريقة الحركات السلفية التي ناضلت لتصحيح الأوضاع القائمة بالوصول إلى السلطة دون أن تمتلك رؤية واضحة أو برنامجا قابلا للتطبيق للخطوة التالية، فالوهابيون في الجزيرة العربية والسنوسيون في المغرب العربي والمهديون في السودان خرجوا من مجتمعات تفتقر للوعي الحضاري اللازم لتحقيق التجديد والتحديث، وكانت هذه الحركات تعتمد أيضا على الكاريزما الشخصية لقادتها، بما لم يكن ليكفل حصانة تحول دون الإنسياق في الممارسة الاستبدادية والتفرد بالسلطة والضيق بالآخر واقصائه، وهو ما حدث فعلا في بعض التجارب السلفية التي ظهرت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكانت هذه التجارب ماثلة في فكر الكواكبي مع تجارب أخرى وقعت في الدول الأوروبية، وكان يعمل على إيجاد صيغة عربية إسلامية لبناء الدولة التي توفر الاستقرار لمواطنيها في أجواء من الحرية والمشاركة.
ولد الكواكبي في مدينة حلب بشمال سوريا سنة 1854 م في عائلة تنتمي جملة وتفصيلا إلى نخبة المدينة، ففي عائلة الكواكبي كانت تتوارث نقابة الأشراف الهاشميين، وكانت العائلة تدير المدرسة الكواكبية التي تعني بتعليم القرآن والشريعة واللغة العربية وجانب من العلوم الدنيوية على النمط الأزهري في مدينة حلب التي كانت في تلك المرحلة العاصمة التجارية والصناعية في منطقة الشام، وفي هذه المدرسة تلقي عبد الرحمن الكواكبي دروسه الأولى، وتميزت حلب عن غيرها من المدن العربية بوجود المطبعة في مرحلة مبكرة بما مكنها من إنتاج العديد من الكتب التراثية المهمة ضمتها مكتبة المدرسة التي قضى فيها الكواكبي وقتا كبيرا بعد تحصيله للدروس الأساسية من مشاهير علماء حلب، ولتأهيله للحاق بسلك العمل الحكومي في الدولة العثمانية والوصول إلى المناصب المهمة اهتم والده بتعليمه اللغة التركية والفارسية، كما درس كتب التاريخ وقوانين الدولة العثمانية، فوجود أبناء عائلة الكواكبي العربية الأصيلة التي عاشت جانبا من تاريخها في إقليم أذربيجان ضمن بنية السلطة العثمانية لم يكن شيئا جديدا، فطالما سعى العثمانيون لاسترضاء الأسر الدينية الكبيرة والعريقة بهذه المناصب لتعزيز شرعيتها خاصة في الأقاليم النشطة مثل حلب.
تدرج الكواكبي بعد إنهائه للدراسة في سلك القضاء فعمل رئيسا للكتاب في محكمة شرعية وقاض شرعي، ثم حظي بمنصب رئيس البلدية، وسعى الكواكبي للكتابة في الصحافة السورية التي كانت تصدر باللغة التركية، ومن صحيفة الفرات التي حظيت بانتشار واسع يتخطى سوريا والعراق نحو مصر بدأت مسيرته مع الكتابة الصحفية، ونتيجة لتعنت الجريدة مع مقالاته الناقدة ليس فقط لفساد الحكام الإداريين في الدولة العثمانية ولكن القوانين التي تقف وراءهم وتتيح لهم ذلك المجال للتضييق على المواطنين، واستمرت معاناته مع هذه الأوضاع المختلة وهو يعمل في التجارة، فكانت استقامته وموقعه الاجتماعي تجعله يرفض أن ينخرط في تلك المنظومة من الممارسات الفاسدة لخدمة مصالحه، بعد تجربة الفرات المحدودة أسس الكواكبي أول صحيفة عربية تصدر في الشام وهي صحيفة الشهباء، وكانت هذه التجربة البداية الفعلية لمتاعبه مع السلطة العثمانية، وكان الوالي عارف باشا واحدا من ألد الأعداء للكواكبي الذي فتح الشبهاء للانتقادات اللاذعة تجاه سياسته وممارساته، وأوغر الوالي المسؤولين في أسطنبول وروج لاتهام الكواكبي بالتعامل مع دول أجنبية ومحاولة الانفصال بحلب، وبقي الكواكبي يبذل جهوده ليحاكم في غير ولاية حلب، حيث كان حكم الإعدام جاهزا من قبل سلطاتها، ونتيجة لمكانته تمكن من الوقوف أمام المحكمة في بيروت ليحصل على البراءة.
كما اصطدم مع كبار التجار في حلب بعد أن رفض الطلب الذي تقدم به أحد أثرياء المدينة الكبار ''أبو الهدى الصيادي'' للانتساب إلى نقابة الأشراف مما تسبب في دخوله في معركة غير متكافئة معه تسببت في خسارة الكواكبي لمبالغ طائلة في ذلك الوقت نتيجة نفوذ الصيادي بين التجار.
بعد أن أجهضت تجربة الشهباء أصدر الكواكبي جريدة أخرى وهي الاعتدال، ولكن اسمه في حد ذاته مثل مشكلة بالنسبة للسلطات، فتوقفت الاعتدال، ليتفرغ الكواكبي لدراسة القانون ويعمل في اللجان القانونية في المدينة، ويتفرغ أيضا للعمل في المحاماة من خلال مكتبه في حلب الذي جعله مقصدا لأصحاب الحاجات من الفقراء والمستضعفين، وكان يعمل على تسيير حاجاتهم والترافع عنهم دون مقابل مادي في الغالب، ولكن المضايقات المتتابعة من العثمانيين دفعته إلى الرحيل عن حلب ليضمي في أرجاء العالم الإسلامي متنقلا ليس رغبة في السفر،ولكن للإطلاع على أحوال المسلمين والتعرف على ظروفهم، فانتقل إلى الهند والصين وأفريقيا واستقر به المقام أخيرا في مصر، ليحظى بفرصة للحياة بعيدا عن مركزية السلطة العثمانية ولكن ذلك لم يدم طويلا، فتوفي متأثرا بالسم الذي دس له في فنجان القهوة سنة 1902، ليرحل بعد حياة قصيرة ولكن بعد أن سجل بحروف من نور في كتاب التاريخ العربي والإسلامي.
لم يخلف الكواكبي الكثير من الكتب، وذلك يعود إلى كثرة مشاغله وأسفاره، ولكن كتابه ''طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد'' حظي بشهرة استثنائية وتحول لعمل مرجعي لتوصيف قضية الاستبداد السياسي في العالم العربي، ويقدم نظريته في ضرورة الحرية كأحد شروط النهوض الحضاري في العالم الإسلامي، وما يستلزمه ذلك من المساواة وإعمال العدل في التعامل مع الرعية، وفند الكواكبي في كتابه المهم التذرع بالدين لشرعنة الاستبداد وفرضه على الناس، وقام بمراجعة شاملة للنصوص المؤسسة في الإسلام ليخلص لبرائة الإسلام من التوظيف لمصلحة السلطة، وكذلك وضح العلاقة العكسية بين الاستبداد والعلم، وهو يوضح لسلوك المستبد مع مختلف أنواع العلوم والآداب ويوضح الاعتبارات التي تدفعه لدعم بعض العلوم والوقوف في وجه علوم أخرى.
((المستبد لا يخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوم اللسان وأكثرها هزل وهذيان يضيع به الزمان، نعم؛ لا يخاف علم اللغة إذا لم يكن وراء اللسان حكمة حماس تعقد الألوية، أو سحر بيان يحل عقد الجيوش؛ لأنه يعرف أن الزمان ضنين بأن تلد الأمهات كثيرا من أمثال: الكميت وحسان أو مونتيسكيو وشيللر.
وكذلك لا يخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد، المختصة ما بين الإنسان وربه، لاعتقاده أنها لا ترفع غباوة ولا تزيل غشاوة، إنما يتلهى بها المتهوسون للعلم، حتى إذا ضاع فيها عمرهم، وامتلأتها أدمغتهم، وأخذ منهم الغرور، فصاروا لا يرون علما غير علمهم، فحينئذ يأمن المستبد منهم كما يؤمن شر السكران إذا خمر. على أنه إذا نبغ منهم البعض ونالوا حرمة بين العوام لا يعدم المستبد وسيلة لاستخدامها في تأييد أمره ومجاراة هواه في مقابلة أنه يضحك عليهم بشيء من التعظيم، ويسد أفواههم بلقيمات من مائدة الاستبداد؛ وكذلك لا يخاف من العلوم الصناعية محضا؛ لأن أهلها يكونون مسالمين صغار النفوس، صغار الهمم، يشتريها المستبد بقليل من المال والإعزاز، ولا يخاف من الماديين، لأن أكثرهم مبتلون بإيثار النفس، ولا من الرياضيين؛ لأن غالبهم قصار النظر.
ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية، والفلسفة العقلية، وحقوق الأمم وطبائع الاجتماع، والسياسة المدنية، والتاريخ المفصل، والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النفوس، وتوسع العقول، وتعرف الإنسان ما هي حقوقه وكم هو مغبون فيها، وكيف الطلب، وكيف النوال، وكيف الحفظ.))
يبدي الكواكبي معرفة بعلوم الاجتماع والسياسة في نقده لطبائع المستبد وسلوكياته، ويعرف الأثر الذي تخلفه الحرية على معتنقيها في مواجهة الظلم والاستبداد، ويفضح الكواكبي العلاقة بين الاستبداد والمال، وهو يؤشر لأهمية المال وكيف يوظفه المستبدون في توطيد حكمهم.
((الاستبداد لو كان رجلا وأراد أن يحتسب وينتسب لقال: أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وبنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة، ووطني الخراب، أما ديني وشرفي فالمال المال المال.))
ويوثق الكواكبي لدور العقل في الإسلام كسلطة بجانب سلطة التوحيد، وهو ينتقد دعاوى الاستبداد التي يسوقها المستبدون في الحفاظ على الاستقرار والأمن، ويسعى لقراءة ما وراء النص والتأمل في فلسفة العبادات والممارسات الدينية بعيدا عن المنهج التقريري الذي رسخه النهج الاستبدادي.
(( أن الناظر في القرآن حق النظر يرى أنه لا يكلف الإنسان قط بالإذعان لشيء فوق العقل، بل يحذره وينهاه من الإيمان اتباعا لرأي الغير أو تقليدا للآباء. ويراه طافحا بالتنبيه إلى أعمال الإنسان فكره ونظره في هذه الكائنات وعظيم انتظامها، ثم الاستدلال بذلك إلى أن لهذه الكائنات صانعا أبدعها من العدم، ثم الانتقال إلى معرفة الصفات التي يستلزم العقل أن يكون هذا الصانع متصفا بها، أو منزها عنها، ثم يرى القرآن يعلم الإنسان بعض أعمال وأحكام وأوامر ونواهي كلها لا تبلع المائة عددا، وكلها بسيطة معقولة، إلا قليلا من الأمور التعبدية التي شرعت لتكون شعارا يعرف به المسلم أخاه، أو يستطلع من خلال قيامه بها أو تهاونه فيها أخلاقه، فيستدل مثلا بالتكاسل عن الصلاة على فقد النشاط، وبترك الصوم على عدم الصبر، وبالسكر على غلبة النفس والعقل ونحو ذلك.))
نحن أمام شخصية كبيرة استطاعت أن تشرح الاستبداد وتنتقده وتعريه من الحجج الزائفة التي يعمل على تبنيها وإدخالها في ذهن الرعية كمسألة يقينية لا مجال للخلاص منها، ولا يسعى الكواكبي للمناورة أو الالتفاف في نقده للاستبداد ولكنه يواجه بفروسية ونبل، فالكواكبي لم يكن كبعض مفكري التنوير الذين سعوا لعقد صفقات مع السلطة أو حتى آمنوا بإمكانية الإصلاح من داخل مؤسسة الاستبداد، فالقضية لم تكن لدى الكواكبي تغييرا طفيفا أو شكليا، أو رهانا على شخصية الحاكم الذي يمكن أن تسقط كل إصلاحاته بمجرد غيابه عن الساحة طالما أن المؤسسة نفسها تنتفخ بالفساد وتوابعه، إن الإصلاح عند الكواكبي ليس مطلبا يقدم للسلطة لتنظر فيه وتقيمه، ولكنه رسالة موجهة للرعية تستنهضهم للعمل على المطالبة بحقوقهم وانتزاع حريتهم، فالحرية ليست منحة ولكنها حق يجب لتحصيله أن تبذل التضحيات الكثيرة، وهو يرفض المهادنة مع المستبد الذي لا يجد في سبيل تحقيقه لمطامعه المختلفة أي غضاضة في استخدام الوسائل التي لا تتصف بالأخلاقية حتى لو كانت في توظيف الدين للوصول إلى غاياتهم وخدمة مصالحه الشخصية..


منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عبد الرحمن الكواكبي .. مفكرا وثائرا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة أمل  :: المنتديات الأدبية :: شخصيات وروايات-
انتقل الى: