لمسة أمل
لمسة أمل
لمسة أمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسة أمل


 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





البلد : المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل Jo10
نقاط : 200490
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل Empty
مُساهمةموضوع: المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل   المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل Icon_minitimeالأحد أغسطس 22, 2010 3:12 pm



المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل



سامح محاريق - يشترك الشاعر الشنفرى الأزدي مع الصحابي الجليل المقداد بن عمرو في الخطوط العريضة لجزء مهم من حياتهما، تفصلهما بضعة عقود كانت كافية لتحويل الشنفرى إلى صعلوك وقاطع طريق ورجل خارج عن القانون، بينما أصبح المقداد واحدا من الصحابة المقربين للنبي الكريم، من الصف الأول من الصحابة تحديدا، فبينما خرج الشنفرى عن قبيلة فهم التي نشأ فيها بعد أن أدرك دورهم في مقتل أبيه، لم يكن أمامه سوى توظيف شجاعته وإقدامه في الانتقام، عدم اكتراثه بالحياة كان كلمة السر في حياته التي انتهت بصورة تراجيدية، بطبيعة الحال لا تخلو سيرته من الوقوع في غواية الأساطير، ولكنه في التوصيف الدقيق المنشق الذي لم يستطع سوى أن يدخل في حلقة مفرغة من الموت العبثي.
قصة المقداد تبدأ منذ اليوم الذي أجلت قبيلته بهراء والده عمرو بن ثعلبة عن أراضيها بعد أن فتك بمجموعة من أقربائه، ليلوذ الأب بقبيلة كندة اليمنية ويتزوج من إحدى بناتها ليولد له المقداد، وتتكرر نفس الحادثة مع الإبن الذي رفض وضعه الدوني في كندة، ينتقم لكرامته، ويهجر كندة إلى مكة، بالنسبة له لم تكن أمامه خيارات كثيرة فليس يتقن شيئا أكثر من القتال، ولا يمكنه سوى أن يكون في صف الرجال المرتزقين بالقوة والبأس، تحالف مع الأسود بن عبد يغوث ليتبناه ويصبح اسمه من يومها المقداد بن الأسود، أمر طبيعي في ذلك المجتمع، أراد الأسود أن يضمن الولاء المطلق لحليفه القادم من اليمن، أن يزداد بوجوده قوة في قريش، ومكانة بين سادتها، فلم يكن الأسود من الأثرياء الكبار، أو أصحاب المكارم، إنه الرجل الذي حقق النفوذ من خلال قوته وجبروته.
لم يكن للمقداد دور واضح، يبدو أن سيده وضعه لحالات الطوارئ، أحد الرجال الذين يمكن أن يعول عليهم إذا اهتزت مكانته في قريش، أو دخلت قريش في حالة حرب ليعزز من مكتسباته بين السادة الكبار، وهذه الحالة من الوقت جعلت المقداد يتصل بالنبي الكريم غير مرة مع بدايات الرسالة الإسلامية، طبيعة المقداد قربته من الرسول، فالمقداد في قناعته الداخلية أن حالته كطريد يرث ثاراته وثارات والده تجعله شخصا يعيش خارج نفسه، يتقمص شخصية الذراع الأيمن لطاغية ويكون في نفسه مشروع طاغية، بينما في حقيقته كانت روحه تضطرم بالفروسية، بالرغبة في التخلص من الوزر الذي ألصق به، في التوقف عن المضي في الطريق الدموي الذي مشاه قبله الشنفرى وغيره من فتاك العرب، يريد حياة جديدة.
أتى إسلامه مبكرا، ولكنه كشأن المستضعفين في قريش أخفاه، فالحلف الذي يربطه بالأسود يربض على صدره، والصدام يعني أن ينعت بالخيانة فيضطر لترك قريش إلى غير مكان، فليس في قبائل العرب متسع له، ولكنه مع ذلك لم يتراجع حين دخلت الدعوة مرحلة الجهر، فكان من السبعة الأوائل الذين أعلنوا اسلامهم على رؤوس الأشهاد، نال نصيبه من اضطهاد قريش وإن لم يكن بذات الدرجة التي رزح تحتها الموالي والعبيد، ولكن قريش وصلت للمرحلة الأخيرة قبيل الهجرة إلى طريق اللا عودة في العداء مع الإسلام، ولم تعد ثمة حصانة لأحد، كان قرارها باغتيال النبي النقطة النهائية في شططها، ولذلك بادر المسلمون ومن ضمنهم المقداد ليهاجروا تباعا إلى المدينة.
بالقرب من الرسول مضت أيام المقداد، لم يكن حتى يوم بدر صاحب موقع كبير، فهو من طائفة لا تكاد تمثل أحدا من المهاجرين أو الأنصار، ولكن لحظته المناسبة لم تكن بعيدة، جعله الإسلام حتى لحظة بدر يفلت من مصائره كطريد بين العرب، أعاد له النبي اعتباره كأحد المنبوذين التقليديين بين القبائل العربية، ولكن في بدر كان بانتظاره أن يكون أول من عدا به فرس في سبيل الله في حملة استطلاعية للمسلمين قبيل بدر، اللحظة الحاسمة في التاريخ الإسلامي جعلت المقداد يعيد تغيير بوصلة الثورة في نفسه، فمعظم المقربين له أتوا من صفوف المستضعفين الذين لم يكن القتال ضمن أولويات حياتهم، وفي المواجهة جيش قرشي من الفرسان المعدودين الذين صنعوا الحماية لقريش التي كانت في موضع خطر دائم أمام القبائل الطامحة للسيطرة على مكة المكرمة، العاصمة الدينية والاقتصادية في الجزيرة العربية.
قلة كانوا من طراز المقداد، وفي ساعة الحسم والرسول يشاور أصحابه كانت كلمات أبو بكر وعمر تميل إلى خوض المعركة، ولكن آراء أخرى ربما كانت مع العودة والإنكفاء للمدينة بعيدا عن هذه المواجهة الصعبة والخطيرة، الرسول كان قائدا ميدانيا والصف الأول من الصحابة كان بجانبه، الهزيمة تعني عمليا نهاية الإسلام، ففي مجتمع المدينة لم تكن الأمور استقرت تماما، والمنافقون واليهود متأهبون للفشل المرتقب، في هذه اللحظات الصعبة كانت كلمات المقداد هي الفيصل ((يا رسول الله..امض لما أراك الله, فنحن معك..والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون..بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون..!!والذي بعثك بالحق, لو سرت بنا إلى برك العماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. ولنقاتلن عن يمينك وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك حتى يفتح الله لك))
إنها اللحظة التاريخية في حياة المقداد، تلك التي جعلته يجد نفسه، الموقف الذي بث روحا جديدة بين المسلمين، روح بدر، لم يكن للمقداد شيء يخسره، إنه الشاب الذي أفلت بعمره لأكثر من مرة، تحمل من أجل الحياة نفيه وغربته واستلابه، ولكنه ينقلب في بدر فالموت لم يعد مجانيا بالنسبة له، لم يعد مقلقا أو ثقيل الوطأة على روحه، لم يعد النهاية، لم تعد ثورته عبثية، وإنما كانت ثورة للحق، لم تعد الكرامة مسألة شخصية، وإنما أسلوبا للحياة.



منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أطلق المارد الذي بداخلك -عمرو خالد
» جمال الدين الأفغاني .. رجل الثورة والإصلاح
» محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة أمل  :: المنتديات الأدبية :: شخصيات وروايات-
انتقل الى: