لمسة أمل
لمسة أمل
لمسة أمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسة أمل


 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





البلد : محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي Jo10
نقاط : 200490
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي Empty
مُساهمةموضوع: محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي   محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي Icon_minitimeالأحد سبتمبر 13, 2009 5:21 pm



محمد أحمد المهدي.. ظل الثورة العالي

محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي 24145110

سامح محاريق - يحاول بعض المؤرخين أن يظهروا الثورة المهدية كحركة اجتماعية تقدمية، وإن يكن ذلك يحمل جانبا من الحقيقة إلا أن ما لا يمكن إغفاله أنها كانت ثورة إسلامية قامت بين القبائل العربية القاطنة في السودان، وأن المحرك الأساسي للثورة كان باتجاه تأسيس دولة إسلامية موحدة على الأرض السودانية كخطوة مرحلية لإقامة دولة متسعة للخلافة الإسلامية يتصور أن حدودها كانت طموحة لدرجة تخطي القارة الإفريقية.
الثورة المهدية الإسلامية حملت أيضا خصوصية سودانية تعلقت بأوضاع سائدة في الممالك والإمارات السودانية التي أخذت شكل الدولة بعد الفتح أو الغزو المصري سنة 1820 ولو يواجه الجيش المصري الذي سعى لتحقيق أهداف متعددة لحاكمها الطموح محمد علي باشا لكثير من المقاومة سوى في بعض الحواضر القوية في دنقة وكردفان والأوبئة والأمراض التي كثيرا ما أعاقت تقدم المصريين، وتمكن الفتح المصري من تحقيق أهدافه التي تمثلت أساسا في:
1. السيطرة على الثروات المعدنية والزراعية الموجودة في السودان.
2. تجنيد أبناء السودان في جيش محمد علي الذي امتدت تطلعاته التوسعية إلى العديد من الدول المجاورة لمصر وبعض الممتلكات المهمة للإمبراطورية العثمانية.
3. توسيع السيطرة المصرية وفتح طريق للتجارة مع افريقيا الأمر الذي يزيد من ايرادات الدولة المصرية.
4. القضاء على التهديد الذي كان يمثله بعض المماليك الذين هربوا إلى السودان بعد مذبحة القلعة التي قام بها محمد علي سنة 1811 وقضى على سيطرة المماليك على مقاليد الأمور في مصر.
5. الوقوف أمام المطامع الاستعمارية التي بدأت تهدد مصر من الجنوب وخاصة بدعم الدول الأوروبية للحبشة لتحويل مجرى نهر النيل.
التقدم المصري تمكن من تأسيس السودان حول عاصمة مركزية قوية هي الخرطوم التي أسسها المصريون سنة 1826 في موقع استراتيجي عند التقاء النيلين الأزرق والأبيض، وأصبحت السودان موقعا للمنافسة بين المصريين والإنجليز الذين دخلوا إلى جنوب السودان وعملوا على إعادة تركيبته السكانية بصورة بقيت مؤثرة ومقلقة حتى الوقت الحاضر، ووجدوا كذلك تجاوبا على التعاون في استغلال الثروات السودانية مع صعود الخديوي اسماعيل الذي عين الضابط البريطاني تشارلز جوردون حاكما عاما للسودان سنة 1870.
في وسط هذه الأوضاع وتكالب القوى الاستعمارية على استغلال ثروات السودان وصلت الحالة الملمة بالقبائل السودانية العربية والإفريقية على السواء إلى درجة مزرية، ولكن ذلك كان وضعا عاما في كل المستعمرات الإفريقية في القرن التاسع عشر، فما الذي حرك ثورة بحجم الثورة المهدية في تلك المرحلة من التاريخ بينما كانت بقية شعوب افريقيا السوداء بعيدة عن أي فعل ثوري وقانعة بالمعاملة الاستعلائية المتغطرسة من القوى المستعمرة.
أتت الحركة المهدية الدينية لتستثمر النزعة الدينية القوية لدى السودانيين وخاصة في القبائل العربية التي تستوطن الشمال السوداني، ولكن هذه النزعة عادة لم تكن منظمة عدا أنها كانت مشوبة بكثير من التأثيرات البدعية التي تبتعد عن جوهر الدين الصحيح وتحيد به عن مقاصده الحقيقية، كما لم يخلو الأمر من تأثر المعتقد الديني لدى أهالي السودان بالمعتقدات الأفريقية المختلطة بالوثنية، ولكن الواضح من المنقولات العديدة عن المناطق الإفريقية المسلمة في السودان وجنوب الصحراء الكبرى أن تشوقا كبيرا للإسلام كان عنصرا حاسما في الحياة الاجتماعية، ودلالة ذلك نجاح الدعاة والمتصوفين في نشر مبادئهم وأفكارهم في تلك المناطق التي لم تعرف سوى الإيمان العفوي البعيد عن المجادلة والتزيد.
مثل السودان طيلة تاريخه أرضا خصبة وثرية وممتلئة بالغموض مما دفع قدماء المصريين إلى تسميته بأرض الله أو أرض الأرواح، وكانت السودان ومنذ الألف الرابعة قبل الميلاد مرتبطة بمصر الفرعونية واعتنق سكانه من الزنوج الديانة المصرية القديمة، ومن السودان خرجت واحدة من الأسر الفرعونية الحاكمة في القرن الثامن قبل الميلاد.
مع بداية دخول الإسلام إلى شمال افريقيا اعتنقت بعض القبائل السودانية الدين الإسلامي ولكن السودان لم تتحول إلى بلد مسلم إلا في عهد الملك الظاهر بيبرس الذي دعم قبائل الفونج المسلمة للتوسع في مختلف مناطق السودان وتحويلها من المسيحية والوثنية إلى الإسلام، وتم تأسيس اتفاق لحكم السودان بين الفونج والعرب تصبح فيه مناصب الإمارة التي تطورت إلى سلطنة في دارفور وكردفان في الفونج بينما المناصب الوزارية والإدارية في يد العرب، وبقي هذا التقسيم قائما حتى دخول المصريين الذين عينوا ولاة من قبلهم وأصبحت السودان تتبع إداريا لمصر وللسلطنة العثمانية اسميا.
بدأ الاهتمام بأحوال السودان من عهد الخديوي عباس الذي أرسل رفاعة الطهطاوي لتأسيس أول مدرسة هناك سنة 1853 وأنشأ بعض المراكز الطبية ولكنه فتح الطريق أيضا أمام الأوروبيين ومنحهم امتيازات في السودان من أهمها التهاون أمام نشاط البعثات التبشيرية في المنطقة، وفي عهد الخديوي سعيد بدأ الاهتمام بتحسين النظام الإداري في السودان وتحسين البنية التحتية وكذلك محاربة تجارة الرق التي كان يديرها القناصل الأوروبيين في تلك المنطقة، وتزايد التعاون مع الإنجليز في عهد اسماعيل الثاني حتى صدر قرار بتعيين غوردون حكمدارا للسودان سنة 1877 الذي اضطربت الأمور في عهده نتيجة لسوء الإدارة حتى استيقظت السودان وجميع الدول المستفيدة منه على لحظة الحقيقة مع الثورة المهدية.
كان المجتمع السوداني في المناطق الكبيرة التي يتألف منها السودان (النوبة وكردفان والفور وغيرها) مجتمعا رعويا وزراعيا في الأساس، وأدى الوجود المصري إلى ظهور شكل جنيني لطبقة وسطى من الكتبة والموظفين الحكوميين، مع بقاء الشكل التقليدي للطبقة العليا المكونة من المشايخ والحكام والأمراء المحليين بالإضافة إلى بعض المناصب المرتبطة بالوجود المصري والبريطاني في السودان، وكانت هناك مصالح غير معلنة بالإبقاء على الأوضاع على ما هي عليه في السودان، فنتج عن ذلك وجود طبقة واسعة من الفقراء والمستضعفين الذين واجهوا ندرة الموارد الاقتصادية أمام عمليات الاستيلاء المنظم على الإمكانيات المتوفرة في السودان، وكذلك شيوع الرق الذي وقف حائلا أمام كثير من أبناء السودان لتحسين أمورهم المعيشية.
في دراسة مهمة عن الثورة المهدية أعدها الباحث السودان تاج السر عثمان اعتمادا على مصادر متعددة من أهمها كتاب تاريخ السودان لنعوم شقير، أن أسباب الثورة المهدية تتلخص في التالي:
1. الظلم والعنف الذي وقع على أهل السودان من قبل الدول التي تتنافس على السيطرة عليه، وليس أدل على ذلك من التنكيل الذي شهده السودانيون على يد جيش الفتح المصري والذي قتل عشرات الآلاف من السودانيين في أعمال انتقامية واسعة.
2. تجارة الرقيق والتي تفاقمت أثناء الحكم التركي المصري للسودان.
3. الضرائب الباهظة التي وقعت على السودانيين بالإضافة إلى عدم استفادتهم من ثروات بلادهم.
بالإضافة إلى هذه الأسباب الموضوعية لا يمكن إغفال الدور الذي اضطلعت به شخصية الإمام المهدي الكاريزمية بين السودانيين، ووجود مقدمات في المجتمع السوداني من خلال ثورات وانتفاضات متعددة قمعتها السلطة المصرية التركية، فالحركة المهدية لم تنشأ من فراغ فقبلها مجموعة من التحركات الشعبية التي دللت على وجود الوعي بضرورة التغيير عند السودانيين، وكانت هذه الثورات متعددة ومتتابعة بالصورة التي أنذرت بجاهزية الأوضاع في السودان للتفجر.
ولسنا في صدد تعداد هذه الثورات أو التعرض لها تفصيلا والغرض من الإشارة إلى تلك المرحلة هو التعبير عن حالة الغضب التي كانت تعتمل في السودان قبل الثورة المهدية، والتي يخلص الباحث من خلال استعراضها إلى نتيجة مفادها أن الثورة المهدية هي حاصل تطور تاريخي ، وهي عملية وحاصل تراكم كمي لانتفاضات وثورات جزئية ظلت مستمرة ضد الحكم التركي - المصري حتى تم تتويجها بالثورة المهدية ، كثورة أو انتفاضة شاملة ضد النظام.
هذه الفكرة على أهميتها لا يمكن أن تقلل من دور الإمام المهدي في تحريك الجماهير السودانية وحثها على الثورة، فأحد نظريات تفسير التاريخ تعتمد على الرجال الكبار من طراز المهدي الذين يستطيعون ببصيرة ثاقبة أن يوظفوا المزايا الاستثنائية التي يمتلكونها من أجل التغيير، وكان المهدي واحدا من هؤلاء، ولعل التعرض للثورة المهدية لا يمكن أن يكون كاملا أو ناجزا دون التقديم لشخصية زعيمها وقائدها والعنصر المحوري في نجاحها محمد أحمد المهدي.
ولد المهدي حوالي سنة 1844 ميلادية في قرية لبب التابعة لمدنية دنقله في شمال السودان، وكانت أسرته واحدة من الأسر التي تنتهي بنسبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعموما فقد أسميت لبب بجزيرة الأشراف لوجود الأسر العلوية فيها، وكان والده فقيها وعالما فأتاح له ذلك فرصة تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وبعد أن اجتاز مرحلة الطفولة التحق بمهنة عائلته المتوارثة في صناعة السفن، وذلك يفسر الميل إلى العمل المنتج في شخصية المهدي وفهمه لطبيعة تحقيق التقدم الاقتصادي الذي كان له دور لاحق في ثورته وتحولها إلى دولة بدخولها إلى الخرطوم بعد ذلك بسنوات.
انقطع المهدي للعلوم الشرعية والتحصيل الديني والتحق بالطريقة الصوفية السمانية الشائعة في السودان وحقق في مراتبها ترق سريع ولد أمامه العديد من العدوات والخصومات.
بدأ المهدي في التواصل مع الناس ودعوتهم إلى الثورة في السبعينيات من القرن التاسع عشر في إقليم كردفان، وكانت دعوته سرية وأطلق على الذين التحقوا بها لقب الأنصار، وأمام المعطيات التي رتبتها الأوضاع الداخلية في السودان أصبحت الثورة على الوجود التركي المصري والتحالفات القائمة مع الغرب هدفا معلنا بالنسبة للمهدي الذي اجتمعت حوله أعداد غفيرة من الأنصار من المزارعين والرعاة البسطاء الذين تزودوا بسلاح بسيط وآمنوا بدعوة المهدي التي نادت بالتمسك بالدين والثورة على الظلم والاستبداد.
إن التزام المهدي الديني بصحيح الدين كان سببا أساسيا في اشتعال الصراع بينه وبين شيخه في الطريقة السمانية محمد شريف نور الدائم، خاصة بعد أن أعلن المهدي غضبه من الشيخ لسماحه للنساء بتقبيل يديه وسماعه للغناء والعزف، وبعد فترة وجيزة أعلن المهدي للمقربين منه أنه المهدي المنتظر وأرسل إلى زعماء القبائل والمشايخ رسائله لمبايعته ولكنه لم يحظى بالبيعة سوى على المستوى الشعبي في إقليم كردفان في بادئ الأمر، وأمام تصاعد الالتفاف حول المهدي جهزت الخرطوم جيشا صغيرا للقضاء عليه وعلى أتباعه في جزيرة أبا، وكانت المفاجأة أن جيش المهدي هو الذي بادر بالهجوم على القوات الحكومية وحقق انتصارا كبيرا بأسلحته البسيطة متزامنا مع ذكرى معركة بدر الكبرى في 17 رمضان مما كان له كبير الأثر في نفس أتباع المهدي من البسطاء والفقراء.


منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محمد أحمد المهدي .. ظل الثورة العالي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشاهير من التاريخ - أحمد بن بيللا +أحمد بن يحيى الإمام + أحمد بن الحسن البكر
» الظل العالي
» المقداد بن عمرو .. الثورة في رجل
» ظهور المهدي وإسمه ونسبه وسبب ظهوره وصفته
» جمال الدين الأفغاني .. رجل الثورة والإصلاح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة أمل  :: المنتديات الأدبية :: شخصيات وروايات-
انتقل الى: