موضوع: نقاط لغوية في سورة يوسف الأحد يوليو 11, 2010 11:22 am
نقاط لغوية في سورة يوسف
د. كامل جميل ولويل
قال سبحانه في سورة يوسف: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)، لماذا سميت أحسن القصص؟ لم يبيّن القرآن السبب، ولكننا أهل اللغة العربية نستطيع أن نعرف السبب من سياق القصص، إنَّ قصص القرآن مترابطة الفكر والمعنى، ولها بداية ونهاية، ولها أهداف محددة تلتقي جميعها في انقاذ الإنسان في خضم هذه الحياة الواسعة، ثم انقاذه في الآخرة من شدائد لا يقدر عليها، بل هي عذاب أليم لا يعرف حدود ألمها أحد، إنقاذه في الدنيا بارشاده لحياة آمنة مطمئنة تتمتع فيها ببركات السماء، وفي الحياة الأبدية بفتح الأبواب أمامه ليدخل الجنة شاباً قوياً منعماً مرضيّاً؛ ولذلك سميت تلك القصص أحسن القصص، وقد اقترن هذا الوصف بقصة يوسف (عليه السلام) لأنها القصة الوحيدة التي بدأت من هنا، واستمرت مسلسلةً حتى انتهت بتأويل رؤيا يوسف وهو على العرش. هذه نقطة، وفي التوقف عند الآية التالية نقطة أُخرى، قال سبحانه: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) -106، كيف يؤمنون بالله ويشركون وقد آمنوا؟ أول ملاحظة على صياغة هذه الآية وجود حرف (الباء)، تقول الآية يؤمن أكثرهم بالله، جاء الحرف (الباء) بعد الإيمان، والباء تفيد الالتصاق ولذلك كان الإيمان موجوداً، وانه سبحانه شهد لهم بوجود الإيمان، ولكن الآية تحذف حرف الباء مع الشرك فتقول (مشركون) ولم تقل (مشركون به)، إذن الشرك غير ملتصق بشيء محدد معين، بل هو شرك يذهب هنا وهناك في أمور هذه الحياة العديدة، فهم يرون للأصنام أثراً في رزقهم وسلامة أبنائهم، ونزول الغيث عليهم، وحفظ منزلتهم بين القبائل بوجود هذه الأصنام، كل هذا شرك، ونستطيع أن نقرأ الآية بحذف الأداة (ما) والأداة (إلا) فنقرأ الآية أو قل العبارة (يؤمن أكثرهم مشركين)، فالجملة الأساسية يؤمن أكثرهم، وكلمة (مشركين) حال، أي فضلة في الكلام تصف حالاً ينقلب، وهذا غير مقبول عند رب العالمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر! قالوا وما هو؟ قال: الرياء)، فالرياء حال من حالات الشرك الأصغر، وهذه الحالات ما أكثرها، قال سبحانه: (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله؟).
الأحد يوليو 11, 2010 11:22 am