موضوع: تشارلي تشابلين عذاب الطفولة وعبقرية الشباب الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:07 pm
تشارلي تشابلين عذاب الطفولة وعبقرية الشباب
محمود الزواوي - تشارلي تشابلين هو أعظم وأشهر فنان كوميدي في تاريخ السينما. وقد أصبح بفضل شخصية «المتشرد» التي ابتكرها وطورها في العام 1914 أكثر شخصية معروفة في تاريخ السينما. ووصف المؤرخ والناقد السينمائي الأميركي ديفيد تومسون تشارلي تشابلين بأنه صاحب أشهر «صورة» في القرن العشرين. وقال برنارد شو «إنه العبقري الوحيد الذي طورته السينما». كان تشارلي تشابلين فنانا متعدد المواهب. فقد كان ممثلا كوميديا قديرا، ومخرجا ومنتجا وكاتبا سينمائيا، وكان يقوم بمونتاج أفلامه ويؤلف موسيقاها التصويرية ويلحن أغانيها. تحفل حياة تشارلي تشابلين بالمفارقات. ومن هذه المفارقات أن أعظم ممثل كوميدي في التاريخ كان يطمح لأن يصبح ممثلا دراميا وأنه أصيب بالذهول حين شاهد أول أفلامه الكوميدية «كسب العيش» (1914) ولم يرض عنه وكاد أن يلغي عقده السينمائي، ولكنه غيّر رأيه بعد النجاح الكبير الذي حققه الفيلم في دور السينما. ومن هذه المفارقات أن تشارلي تشابلين، الذي أصبح واحدا من أكثر نجوم هوليوود ثراء، نشأ في أسرة معوزة وهام هو وأخوه الأكبر سيدني على وجهيهما في شوارع لندن قبل أن يأويهما ملجأ للأطفال بسبب إصابة والدته بنوبات الجنون المتكررة التي قضت بسببها معظم حياتها في مستشفيات الأمراض العقلية. وكانت والدته تلجأ إلى رهن بعض ملابسه لإعالة الأسرة. أما والده فقد هجر الأسرة حين كان تشارلي في سن الواحدة وتوفي متأثرا بالإدمان على المشروبات الكحولية حين كان تشارلي في سن الثانية عشرة. بدأ تشارلي تشابلين مشواره الفني في سن الخامسة حين استدعي للغناء على المسرح بدلا من والدته التي فقدت صوتها أثناء الغناء. وفي سن الثامنة انضم إلى فرقة راقصة للأطفال، ثم انتقل إلى العمل في مسارح لندن قبل أن ينضم إلى فرقة مسرحية قامت بجولة في الولايات المتحدة في العام 1910، وعادت الفرقة إليها في العام 1912 حيث قرر البقاء وتحول خلال عامين إلى أشهر ممثل كوميدي في هوليوود بعد حياة كفاح تقاسم خلالها غرفة متواضعة مع صديقه الممثل الكوميدي ستان لوريل الذي اشتهر فيما بعد كعضو الثنائي الكوميدي الشهير لوريل وهاردي. ومن المفارقات أن تشارلي تشابلين حافظ على حياة التقشف في هوليوود بعد أن جمع ثروة هائلة وعاش لعدة سنوات في غرفة فندق متواضعة. ومما قاله تشارلي تشابلين «إن أكثر ما أخشاه ويثير حزني هو أن اعتاد على حياة الترف». من المفارقات الكثيرة الأخرى في حياة تشارلي تشابلين أن الفضائح والنزاعات طاردته طوال حياته. فقد اتهمه البريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى حين كان يعيش في هوليوود بالجبن والتهرب من الخدمة العسكرية. وأحيطت علاقاته النسائية بالفضائح والشائعات. ومما عزز ذلك أنه كان ميالا إلى معاشرة شابات أصغر منه بكثير. وكان فارق السن الكبير واضحا في زيجاته الأربع، حيث كان سنه أكثر من ضعف سن زوجته الثانية وأكثر من ثلاثة أضعاف سن زوجته الرابعة والأخيرة أونا أونيل ابنة المؤلف المسرحي الشهير يوجين أونيل الذي تبرأ منها بعد زواجها من تشابلين حين كانت في سن السابعة عشرة في حين كان تشابلين في سن الرابعة والخمسين، وأنجبت له ثمانية أولاد وبنات. كما رفعت شابة في الثانية والعشرين دعوى على تشارلي تشابلين قبل زواجه من أونا أونيل بعدة أشهر وادعت أنها حامل منه. وحكمت عليه المحكمة بدفع نفقة للطفل حتى سن الحادية والعشرين. وتعرض تشارلي تشابلين، الذي لم يطلب التجنس بالجنسية الأميركية على مدى 40 عاما، ايضا, لمشاكل سياسية في الولايات المتحدة، حيث أثار شكوك مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ولجنة النشاطات المعادية لأميركا في مجلس النواب الأميركي، خلال موجة الهستيريا المعادية للشيوعية في الولايات المتحدة، واتهم ببث الدعاية الشيوعية في أفلامه. وقد أثار ذلك غضبه وأصابه باكتئاب، ونتيجة لتلك الضغوط رحل مع أسرته إلى سويسرا في العام 1952 وقطع عهدا بألا يعود إلى الولايات المتحدة، إلا أنه عاد إليها في العام 1972 ليتسلم جائزة أوسكار فخرية تقديرا لإنجازاته السينمائية لمدى الحياة. يشار إلى أن تشارلي تشابلين ولد قبل أربعة أيام من مولد الزعيم الألماني أدولف هتلر الذي كان يظن خطأ أن تشارلي تشابلين يهودي، وكان يحتقره لهذا السبب. ومما زاد غضب هتلر عليه تقديمه له بصورة سلبية ساخرة في فيلم «ملك في نيويورك» (1940) الذي منع عرضه في ألمانيا. ومن المفارقات أن هتلر أطلق شاربه تقليدا لشارب شخصية المتشرد التي ابتكرها تشابلين في أفلامه، اعتقادا منه بأن ذلك سيكسبه شعبية واسعة على غرار شعبية تشارلي تشابلين. ومن المفارقات الكثيرة الأخرى في حياة تشارلي تشابلين أنه اشترك في مسابقة لمقلدي شخصية «المتشرد»، وفاز بالمرتبة الثالثة. وكان آخر فيلم أخرجه تشارلي تشابلين هو فيلم «كونتيسا من هونغ كونغ» (1967) الذي جمع بين النجمين السينمائيين مارلون براندو وصوفيا لورين، وهو الفيلم الوحيد الذي أخرجه من دون أن يظهر فيه، وفيلمه الوحيد الذي فشل على شباك التذاكر. ومما قاله مارلون براندو إن تشارلي تشابلين هو أكثر شخص سادي قابله في حياته، في حين قال تشابلين إن العمل مع براندو مستحيل. ومن المفارقات المتعلقة بتشارلي تشابلين أن جثمان الفنان الذي أضحك العالم سرق من قبره في سويسرا بعد مضي أكثر من شهرين على وفاته. ورفضت أسرته دفع فدية للخاطفين. وعثر رجال الشرطة على التابوت الذي يحتوي على الجثمان بعد أكثر من ثلاثة أشهر. وألقي القبض على الخاطفين، وهما مهاجران من بولندا والمجر، وحكم عليهما بالسجن.
الثلاثاء فبراير 09, 2010 8:07 pm