موضوع: كسوة الكعبة المشرفة .. تاريخ وإبداع فني الخميس نوفمبر 19, 2009 6:28 pm
كســوة الكعبة المشرفة .. تاريخ وإبداع فني
وليد سليمان - كسوة الكعبة او ثوبها الاسود الجميل المزخرف هدية مباركة كانت قديما تصاحب ركب الحجيج وقد استن هذه العادة الحميدة والمهيبة الملك الصالح نجم الدين بن ايوب وذلك بعد ان تم نقل الخلافة العباسية الى مصر. ورجوعا للماضي القديم جدا فقد اوضحت بعض مصادر التاريخ ان سيدنا اسماعيل ابن سيدنا ابراهيم هو اول من كسا الكعبة المشرفة بينما مصادر اخرى قديمة تشير الى ان عدنان جد الرسول الابعد محمد صلى الله عليه وسلم هو اول من كسا الكعبة لكن الثابت تاريخيا ان اول من كسا الكعبة كسوة كاملة هو تبع ابي كرب احد ملوك حمير قبل الهجرة بعدد من السنين تقدر باكثر من 200 عام. وفي عهد قصي بن كلاب فرض على قبائل قريش رفادة كسوة الكعبة سنويا بجمع المال من كل قبيلة كل حسب مقدرتها حتى جاء ابن المغيرة المخزومي وكان من اثرياء قريش فقال أنا اكسو الكعبة وحدي سنة وجميع قريش سنة وظل على ذلك حتى مات وكانت الكعبة تكسى قبل الاسلام في يوم عاشوراء ثم صارت تكسى في يوم النحر .
الكسوة في الدولة الاسلامية
وبعد فتح مكة المكرمة في العام 9 للهجرة كسا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب (الاقمشة اليمانية) وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين . وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب اصبحت الكعبة تكسى بالقماش المصري المعروف بـ (القباطي) وهو قماش ابيض رقيق كان يتم صنعه في مصر وبالذات في مدينة الفيوم . اما في عهد الخليفة معاوية بن ابي سفيان فقط كسيت الكعبة بكسوتين في العام الواحد كسوة في يوم عاشوراء والاخرى في اخر شهر رمضان وذلك استعدادا لعيد الفطر السعيد كما ان معاوية هو ايضا كان اول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب. هذا وقد اهتم خلفاء الدولة العباسية اهتماما كبيرا بكسوة الكعبة حتى انها كانت تكسى في بعض السنوات ثلاثة مرات في السنة وكانت الكسوة تصنع من اجود انواع الحرير والديباج الاحمر والابيض والقماش الابيض القباطي وفي عهد الخليفة المأمون كانت الكعبة تكسى ثلاث مرات في السنة ففي يوم التروية كانت تكسى بالديباج الاحمر وفي اول شهر رجب كانت تكسى بالقباطي وفي عيد الفطر تكسى بالديباج الابيض واستمر اهتمام العباسيين بكسوة الكعبة الى ان بدأت الدولة العباسية بالضعف فكانت الكسوة تأتي من بعض ملوك الهند وفارس واليمن ومصر حتى اختصت مصر بكسوة الكعبة .
نسج الكسوة في مصر
في عهد السلطان بيبرس زمن الدولة المملوكية اصبحت كسوة الكعبة ترسل من مصر الى مكة المكرمة حيث كان المماليك يرون ان هذا شرف لا يجب ان ينازعهم فيه احد حتى ولو وصل الامر الى حد القتال ! فقد اراد ملك اليمن المجاهد في العام 751 هـ ان ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن فلما علم بذلك امير مكة اخبر المصريين فقبضوا عليه وارسل مصفد اليدين بالاغلال الى القاهرة واستمرت مصر تتشرف بصناعة كسوة الكعبة لفترة طويلة منذ سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية فقد اهتم السلطان سليم الاول العثماني بذلك وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية الشريفة وكسوة مقام سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام . اما في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني فقد اضاف الى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قرى اخرى - غير قرية بيسوس وابو الغيث - لتصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسع قرى مصرية وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة العظيمة وظلت ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها امير الحج معه في قافلة الحج المصري. وفي عهد محمد باشا توقفت مصر عن ارسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين الوهابيين في الاراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية عام 1222 هجري الموافق 1807 ميلادي ولكن اعادت مصر ارسال الكسوة في العام 1228 هجري الى مكة وكانت مصر قد اسست دارا لصناعة كسوة الكعبة في حي الخرنفش بالقاهرة عام 1233 هجري وهو حي عريق وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن وتحتفظ باخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها واستمر العمل في ذلك حتى عام 1962 اذ توقفت مصر عن ارسال الكسوة عندما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها .
وفي ايامنا الحاضرة
في العام 1926 اصدر الملك عبد العزيز ال سعود امرا ملكيا بتشييد مصنع ام القرى الخاص بصناعة الكسوة وجلب له ابرع الفنيين والعمال المهرة وبعد حوالي ثلاثين سنة صدر مرسوم بتجديد المصنع واستمر انتاجة حتى عام 1977 حيث تم افتتاح المصنع الجديد للكسوة في ام الجود والذي ما زال مستمرا الى الان في تصنيع الكسوة المشرفة وجرت العادة مؤخرا على ان يتم تغيير كسوة الكعبة سنويا وذلك خلال موسم الحج اما الكسوة التي يتم ازالتها من الكعبة فتقطع الى قطع صغيرة ويتم اهداؤها الى شخصيات اسلامية وفي العام 1982 قامت المملكة العربية السعودية باهداء قطعة منها الى الامم المتحدة التي تقوم بعرضها في قاعة الاستقبالات
صفات الكسوة
تصنع الكسوة من الحرير الطبيعي الخالص الذي يتم صبغه باللون الاسود ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا وفي الثلث الأعلى من هذا الارتفاع يوجد حزام الكسوة بعرض 95 سم وبطول 47 مترا مكتوب عليه ايات قرانية مختلفة بخط الثلث المركب ويطرز الحزام بتطريز بارز مغطى باسلاك فضية مطلية بماء الذهب.
الخميس نوفمبر 19, 2009 6:28 pm