البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين الأربعاء فبراير 11, 2009 9:19 pm | |
|
*§¦§ فاطمـــــة بنت محمد سيدة نساء العالمين §¦§*
هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم
القرشية ، أبوها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم الأنبياء
والمرسلين ووالدتها خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية ، ولقبها
الزهراء والبتول، والصديقة والمباركة والطاهرة والراضية والمرضية
وكنيتها أم الحسن وأم الحسين ، وكان يطلق عليها أم النبي صلى الله
عليه وسلم ، أو أم أبيها لأنها عاشت مع والدها الرسول صلى الله
عليه وسلم بعد موت والدتها تراعي أمره وتشد من أزره ، وزوجها
هو أمير المؤمنين وفارس الإسلام علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي
كرم الله وجهه ، وابناها هما الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
رضوان الله عليهم أجمعين .
ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها في مكة المكرمة قبل البعثة
النبوية بخمس سنوات ، وكانت أصغر أخواتها بعد زينب ورقية
وأم كلثوم رضي الله عنهن ، وكانت فرحة خديجة رضي الله عنها
اكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح أبيها ، وقد استبشر
الرسول صلى الله عليه وسلم بمولدها فهي النسمة الطاهرة التي
سيجعل الله نسله منها .
عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت :
( كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه الناس
وجها برسول الله صلى الله عليه وسلم )
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت :
( ما رأيت أحدا من خلق الله أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم
من فاطمة )
ترعرعت فاطمة في بيت النبوة الرحيم ، والتوجيه النبوي الرشيد ،
وبذلك نشأت على العفة وعزة النفس وحسن الخلق ، متخذه أباها
رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لها والقدوة الحسنة
في جميع تصرفاتها.
وقد مرت السيدة فاطمة رضي الله عنها بأحداث كثيرة ومتشابكة
وقاسية وذلك منذ نعومة أظفارها حيث شهدت وفاة أمها رضي الله
عنها ، ومن ثم أختها رقية رضي الله عنها ، وتلتها في السنة الثامنة
للهجرة أختها زينب رضي الله عنها ، وفي السنة التاسعة أختها
أم كلثوم رضي الله عنها .
*§¦§ بدء الدعوة إلى الله §¦§*
لما بلغت الخامسة من عمرها بُعث والدها رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فتفتحت عيناها على الإسلام ، وشاهدت بداياته
الأولى وانتشاره بين قومها رويدا رويدا ، وكانت تتبع أباها
أحيانا وهو يسعى إلى أندية قريش ومحافلها يبشر بالإسلام
ويدعو له وترى ما يلقاه من ظلمهم وأذاهم الشيء الكثير، وكان
أقسى ما رأته فاطمة رضي الله عنها عندما ألقى سفيه مكة عقبة
بن أبي معيط الأذى على رأس أبيها صلى الله عليه وسلم وهو ساجد
يصلي في ساحة الكعبة ويبقى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدا
إلى أن تتقدم فاطمة وتلقي عنه القذر.
وكان من أشد ما قاسته من آلام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد
الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب ،
وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات ، فلم يكن المشركون يتركون طعاما
يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه ، حتى أصاب التعب بني هاشم واضطروا
إلى أكل الأوراق والجلود ، وكان لا يصل إليهم شيئا إلا مستخفيا، ومن
كان يريد أن يصل قريبا له من قريش كان يصله سرا.
وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة رضي الله عنها فبقيت طوال
حياتها تعاني من ضعف البنية ، ولكنه زادها إيمانا ونضجا .
وما كادت تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها
خديجة رضي الله عنها فامتلأت نفسها حزنا وألما ، ووجدت
نفسها أمام مسؤوليات ضخمه نحو أبيها النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهو يمر بظروف قاسية خاصة بعد وفاة خديجة رضي الله عنها
وعمه أبى طالب.
فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث في صبر ،
ووقفت إلى جانب أبيها لتقدم له العوض عن أمها الغاليه واكرم
الزوجات ولذلك كانت تكنى بأم أبيها.
وشهدت بعد وفاة والدتها رحمها الله، زواج والدها الرسول
صلى الله عليه وسلم من السيدة سودة بنت زمعة ، التي احتضنتها
مع أخواتها بكل حب وحنان ، ولما بلغت الثامنة عشر من عمرها ،
هاجرت مع أختها أم كلثوم والسيدة سودة رضي الله عنهن إلى
المدينة المنورة ، وهناك استقر بها المقام في بيت النبوة الجديد ،
بجوار المسجد النبوي الشريف ..
*§¦§ زواجها رضي الله عنها §¦§*
في أواخر السنة الثانية للهجرة ، وكان عمرها نحو عشرين عاما
خطبها أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب، وعبدالرحمن بن عوف
رضي الله عنهم ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردهم بلطف .
ثم خطبها ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فتهلل له
وجه النبي صلى الله عليه وسلم ووافق على زواجهما ، وكان
مهرها أربعمائة وثمانين درهما ، وأوصى النبي عليا رضي الله عنه
أن يجعل ثلثيهما في الطيب وثلثهما في المتاع ، وخصص لهما
الرسول حجرة خلف بيت السيدة عائشة رضي الله عنها من جهة الشمال
مقابل باب جبريل ، وكان فيه خوخة على بيت النبي صلى الله عليه
وسلم يطل منها عليهما ، فجهزها والدها صلى الله عليه وسلم بجهاز
متواضع ، حيث فرشها بالرمل الناعم ، وفيه من الأثاث :
فراش ووسائد حشوها ليف ، وجلد شاة للجلوس عليه ، ورحى يد ،
ومنخلا ، ومنشفة ، وقدحا ، وقربة صغيرة لتبريد الماء وحصيرا ،
وقد اتخذت لها في بيتها محرابا لصلاتها وتهجدها .
وقد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما "
لم تكن حياة فاطمة رضي الله عنها في بيت زوجها مترفة ولا ناعمة
بل كانت حياة بسيطة متواضعة ، ليس لها خادم يخدمها ، وتعمل بيديها
كافة شؤون بيتها ، فتطحن وتعجن ، وتخدم بيتها وزوجها ، قال
علي رضي الله عنه :
( لقد تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه
بالليل ونجلس عليه بالنهار، ومالي ولها خادم غيرها ، ولما زوجها
رسول الله بي بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحائين
وسقاء وجرتين ، فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها ،واستقت
بالقربة بنحرها . )
وخيمت السعادة على بيت فاطمة رضي الله عنها عندما وضعت طفلها
الأول في السنة الثالثة من الهجرة ففرح به النبي صلى الله عليه وسلم
فرحا كبيرا فتلا الآذان على مسمعه ، ثم حنكه بنفسه وسماه الحسن ،
فصنع عقيقة في يوم سابعه ، وحلق شعره وتصدق بزنة شعره فضة .
وكان الحسن رضي الله عنه أشبه خلق الله برسول الله صلى الله عليه
وسلم في وجهه ، وما أن بلغ الحسن رضي الله عنه من العمر عاما حتى
ولد بعده الحسين رضي الله عنه في شهر شعبان سنة أربع من الهجرة ،
وتفتح قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبطيه ( الحسن والحسين ) ،
فغمرهما بكل ما امتلأ به قلبه من حب وحنان وكان صلى الله عليه وسلم
يقول : " اللهم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما "
وتتابع الثمر المبارك فولدت رضي الله عنها في العام الخامس للهجرة
طفلة اسماها جدها صلى الله عليه وسلم ( زينب ) ، وبعد عامين من مولد
زينب وضعت طفلة أخرى اختار لها الرسول صلى الله عليه وسلم اسم
( أم كلثوم ) .
وبذلك آثر الله فاطمة بالنعمة الكبرى ، فحصر في ولدها ذرية نبيه
صلى الله عليه وسلم ، وحفظ بها أفضل سلالات البشرية .
*§¦§ حب رسول الله لها §¦§*
لقد بلغ من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي
الله عنها أنه لا يخرج من المدينة حتى يكون آخر عهده بها رؤية فاطمة
رضي الله عنها فإذا عاد من سفره بدأ بالمسجد فيصلي ركعتين ، ثم
يأتي فاطمة رضي الله عنها، ثم يأتي أزواجه ، وقد قال صلى الله عليه
وسلم :
" إنما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني "
ولم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراها تلبس الحلي وأمرها
ببيعها والتصدق بثمنها ، وما ذلك إلا لأنها بضعة منه وأنه يريدها مثل
أعلى في الزهد والصبر والتقشف كما كان هو صلى الله عليه وسلم ،
ولتتبوأ بجدارة منزلة سيدة نساء العالمين يوم القيامة.
*§¦§ فضلها رضي الله عنها §¦§*
لقد كانت رضي الله عنها البضعة الطاهرة المباركة والأبنة البارة
والزوجة المخلصة المتفانية والأم الرؤوم الحانية ، والمجاهدة الصابرة
والنموذج العالي للمرأة المسلمة ، كانت صوامة قوامة تكثر من قراءة
القرآن الكريم وتديم الذكر ، وتهتم بأمر المسلمين وأحوالهم .
وكان لها رضي الله عنها مشاركات في أحداث المسلمين العامة مثل :
حضور الحرب ، وبيعة النساء ، والمباهلة مع وفد نصارى نجران ،
وكانت تجاذب أباها وزوجها الشؤون الخارجية للمسلمين.
وقد ورد في فضلها عدة أحاديث نبوية شريفة ، منها ما رواه
أبو هريرة رضي الله عنه وغيره من الصحابة ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال :
" خير نساء العالمين أربع :
مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة وفاطمة "
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر فاطمة رضي الله عنها
أنها سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ، وعنها أيضا
أنها قالت :
( ما رأيت أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها )
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إنما فاطمة بضعة مني )
وكانت رضي الله عنها أشبه الناس به صلى الله عليه وسلم ،
وكان صلى الله عليه وسلم إذا رجع من سفر أو غزاة بدأ بالمسجد
فصلى فيه ، ثم أتى بيت فاطمة رضي الله عنها فسلم عليها ، ثم يأتي
أزواجه ، وللسيدة فاطمة رضي الله عنها ذكر في كتب الحديث فقد
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثا ، وروى لها
الترمذي وابن ماجه وأبو داود ، وروى عنها زوجها علي رضي الله عنه
وابناها الحسن والحسين رضي الله عنهما وعائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها وآخرون .
وشهدت مع والدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر وفتح مكة
وأقامت فيها بضعة شهور ثم عادت إلى المدينة ، كما شهدت معه صلى
الله عليه وسلم حجة الوداع حيث لم يلبث بعدها طويلا حتى داهمه المرض
صلى الله عليه وسلم
*§¦§ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم §¦§*
لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، وأرسى قواعد
الإسلام وأدى الأمانة ونصح الأمة وأكمل الله الدين .
حان وقت الرحيل عن الدنيا الفانية ، وأخذت طلائع التوديع للحياة تظهر
على ملامح الرسول صلى الله عليه وسلم وتتضح من خلال عباراته
وأفعاله .
فقد اعتكف في رمضان في السنة العاشرة عشرين يوما ، بينما كان
لا يعتكف إلا عشرة أيام ، وكان يدارسه جبريل عليه السلام مرتين
وما قاله لمعاذ رضي الله عنه :
"يا معاذ انك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا "
وما قاله في خطبة الوداع :
" أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا "
وكان بداية مرضه صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع في اليوم
التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11هجرية وكان يوم الاثنين
وقد كان يصلي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض أحد عشر
يوما وجميع أيام المرض كانت ثلاثة عشر يوما .
وما أن سمعت فاطمة رضي الله عنها بمرضه حتى هرعت لتوها لتطمئن
عليه ، وهو عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، فلما رآها هش
للقائها وقال : "مرحبا بابنتي "
فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها شيئا فبكت ، ثم اسر لها
شيئا فضحكت.
قالت عائشة رضي الله عنها قلت ما رأيت ضحكا اقرب من بكاء ،
وقلت : ( أي شيء أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ )
قالت رضي الله عنها : (ما كنت لأفشي سره )
فلما قبض سألتها فقالت رضي الله عنها :
( قال ان جبريل كان يأتيني كل عام فيعارضني بالقرآن مرة وأنه
أتاني العام فعارضني مرتين ، ولا أظن إلا أجلي قد حضر ، فاتقي
واصبري ، فانه نعم السلف أنا لك )
قالت فبكيت بكائي الذي رأيت ، فلما رأى جزعي سارني الثانية ،
فقال :
" يا فاطمة ، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ؟
وانك أول أهلي لحاقا بي ؟ " فضحكت .
ورأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من
الكرب الشديد الذي يتغشاه ، فقالت :
( وأكرب أباه )
فقال صلى الله عليه وسلم لها :
" ليس على أبيك كرب بعد اليوم يا فاطمة "
ولما حضرت النبي الوفاة ، بكت فاطمة رضي الله عنها حتى سمع
النبي صلى الله عليه وسلم صوتها فقال صلى الله عليه وسلم :
" لا تبكي يا بنية ، قولي إذا مت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فان
لكل إنسان بها من كل مصيبة معوضة "
قالت فاطمة رضي الله عنها : ( ومنك يا رسول الله ؟ )
قال صلى الله عليه وسلم : " ومني "
ولما مات الرسول صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها :
( يا أبتاه أجاب ربا ، يا أبتاه في جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى
جبريل ننعاه )
فلما دفن الرسول صلى الله عليه وسلم قالت رضي الله عنها :
( يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب ؟ )
وبكت رضي الله عنها أم أبيها ، وبكى المسلمون جميعا نبيهم ورسولهم
محمد صلى الله عليه وسلم وذكروا قول الله تعالى :
(( إنك ميت وإنهم ميتون ))
*§¦§ حادثة فدك والإرث §¦§*
ولما كان اليوم الذي توفي فيه رسول صلى الله عليه وسلم بويع
لأبي بكر رضي الله عنه في ذلك اليوم ، فلما كان من الغد جاءت
فاطمة إلى أبي بكر رضي الله عنه ومعها علي كرم الله وجهه ،
فقالت رضي الله عنها :
( ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي )
فقال رضي الله عنه :
( أمن الرثة أومن العقد ؟ )
قالت : فدك قرية كان للنبي صلى الله عليه وسلم نصفها و خيبر
وصدقاته بالمدينة أرثها كما يرثك بناتك إذا مت )
فقال أبو بكر رضي الله عنه :
( أبوك والله خير مني ، وأنت والله خير من بناتي ، وقد قال
رسول الله: لا نورث ، ما تركنا صدقة (يعني هذه الأموال القائمة )
فيعلمن أن أباك أعطاكها، فو الله لئن قلت نعم لأقبلن قولك )
قالت رضي الله عنها :
( قد أخبرتك ما عندي )
فقال لفاطمة وعلي والعباس رضي الله عنهم :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"لا نورث ما تركناه صدقة " )
وفي رواية أخرى عن عروة ابن الزبيرعن عائشة رضي الله عنهما
أن فاطمة رضي الله عنها أرسلت إلى أبى بكر تسأله ميراثها من
النبي صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه
وسلم تطلب صدقة رسول الله التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس
خيبر فقال أبو بكر :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث ما تركناه فهو صدقة
إنما يأكل آل محمد من هذا المال (يعني مال الله ) ليس لهم أن يزيدوا
على المأكل " وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي صلى الله عليه
وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولست تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملت به ، فإني أخشى
إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ ، فتشهد علي ثم قال : إنا عرفناك يا
أبا بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول صلى الله عليه وسلم
أحب إلي أن أصل من قرابتي وأوسع منه )
والحكمة من ذلك أن الله تعالى صان الأنبياء أن يورثوا دنيا ، لئلا يكون
ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم بأنهم طلبوا دنيا وورثوها لورثتهم ،
ثم إن من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه ، ومنهم عائشة
بنت أبي بكر رضي الله عنها وقد حرمت نصيبها بهذا الحديث النبوي ،
ولو جرى أبو بكر مع ميله الفطري لأحب أن ترث ابنته.
وطابت نفس فاطمة رضي الله عنه بما كان من قضاء أبي بكر رضي
الله عنه ، وأن الأنبياء لا يورثون مالا وعاشت زاهدة راضية حتى
وافاها الأجل ، فكانت أول اللاحقين بأبيها من أهل بيته كما بشرها بذلك ،
فطابت بالبشرى وعلمت أن الآخرة خير من الأولى وأبقى.
*§¦§ وفاتها رضي الله عنها §¦§*
أوصت رضي الله عنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بثلاث وصايا
في حديث دار بينهما قبل وفاتها.
وقالت رضي الله عنها : ( يا ابن عم ، انه قد نعيت إلي نفسي ، وإنني لا أرى
حالي إلا لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي )
فقال كرم الله وجهه :
( أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم )
فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت ، فقالت رضي الله عنها :
( يا ابن العم ما عهدتني كاذبة ولا خائفة ، ولا خالفتك منذ عاشرتني )
فقال رضي الله عنه : ( معاذ الله ! أنت أعلم بالله تعالى ، وأبر واتقى وأكرم
وأشد خوفا من الله تعالى ، وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمر لابد منه ،
والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل فقدك ،
فإنا لله وإنا إليه راجعون )
وكانت وصيتها رضي الله عنها :
أولا : أن يتزوج بأمامة بنت العاص بن الربيع رضي الله عنها ، بنت
أختها زينب رضي الله عنها ، وفي اختيارها لأمامة رضي الله عنها
قالت : ( أنها تكون لولدي مثلي في حنوتي ورؤومتي )
وأمامه رضي الله عنها هي التي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يحملها في الصلاة .
ثانيا : أن يتخذ لها نعشا وصفته له ، وكانت التي أشارت عليها بهذا النعش
أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وذلك لشدة حياءها رضي الله عنها
فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عيها الثوب فيصفها ،
ووصفه أن يأتى بسرير ثم بجرائد تشد على قوائمه ، ثم يغطى بثوب .
ثالثا : أن تدفن ليلا بالبقيع .
لم يطل مرضها رضي الله عنها الذي توفيت فيه ، ولم يطل مقامها في
الدنيا كثيرا بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وتوفيت وهي بنت
تسع وعشرين سنة .
وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها صلى الله عليه
وسلم الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحاقا به وقيل لبثت بعد وفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة اشهر وفي رواية أخرى ستة اشهر.
وقد نفذ علي كرم الله وجهه وصيتها ، فحملها في نعش كما وصفته له
ودفنت بالبقيع ليلا ، وهي أول من حملت في نعش وأول من لحقت بالنبي
صلى الله عليه وسلم من أهله.
حملت فاطمة رضي الله عنها بين دموع العيون وأحزان القلوب ، وصلى
عليها علي كرم الله وجهه ونزل في قبرها ، فضم ثرى الطيبة الطاهرة
فاطمة رضي الله عنها كما ضم جثمان أبيها المصطفى صلى الله عليه
وسلم وأخواتها الثلاث : زينب ، ورقيــة وأم كلثوم رضي الله عنهن .
منقول للأمانه
| |
|