حمام مأدبا التركي : طقوس نظافة ورجوع إلى أصالة التراث
كاتب الموضوع
رسالة
البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
موضوع: حمام مأدبا التركي : طقوس نظافة ورجوع إلى أصالة التراث الإثنين يوليو 21, 2008 3:47 pm
حمام مادبا التركي: طقوس نظافة ورجوع إلى أصالة التراث
واجهة الحمام التركي الذي افتتح اخيرا في مادبا-(من المصدر)
أحمد الشوابكة مادبا- أنشئ حمام مادبا التركي حديثاً على طراز الفن المعماري للحمامات الدمشقية والمغربية التي انتشرت في منتصف القرن المنصرم إبان الحكم العثماني للبلاد العربية. ويعد الحمام أحد الركائز السياحية الهامة التي تسهم بشكل في مكوث السائحين فترة أطول لأهمية موقعه الذي يتوسط الشارع السياحي الرابط بين مسجد المغفور له الحسين بن طلال وكنيسة الخارطة "جورجيس" الأشهر في العالم والتي يأتيها السياح من مختلف بقاع العالم للاطلاع على محتواها الفسيفسائي الفني الراقي والذي اشتهرت به مدينة مادبا. وينقل الحمام الصورة الحية، لـ"زفة العريس على الطريقة الشامية وتسمى العراضة"، إذ تقام حفلة التلبيسة الخاصة بالعريس وسط الحمام ويتم فيها ارتداء ثيابه الجديدة، بعد حلق ذقنه، ويعطر وسط رفاقه الذين يهتفون بعبارات وأهازيج وعراضة مثل "صلوا على محمد...مكحول العين... ونير وغضير... وعادينا... وهيه". وثمة رسومات تعرض في واجهة الحمام الأمامية، لمناطق تاريخية وسياحية منها فسيفساء مادبا وجبل نبو وحمامات ماعين وقلعة مكاور والبتراء والبحر الميت وقصر الحلابات ومقاطع للصحراء الأردنية، إذ رسمت باللون الزيتي بإتقان. فيما تبرز في صالة الجلوس الداخلية "البراني" رسومات من مادة العجمي كعنصر أساسي في الديكورات الداخلية وتلويناتها، كما حوت أقوالاً مأثورة مصممة بـ"الفن العجمي"، الذي ازدهر في العصر الأموي عصر الاستقرار الاجتماعي والسياسي والتطور العلمي والديني، ويزين الصالة باب مدينة مادبا التاريخي وعدد من نوافذها، بلمسات المبدع المادبي حسين الفاعوري، الذي استوحى رسوماته من امهر أساتذته الفنانين في مدينة دمشق حيث يزين بيوت الدمشقيين. والحمام التركي يسهم في تجديد حيوية المرء المستخدم لمياهه البخارية التي تسهم في فتح مسامات الجلد وتقشير الجلد الميت بليفة خاصة تساعد في التخلص من الأوساخ والشوائب،كما تعطي نضارة للبشرة، بحسب صاحب الحمام والعامل الرئيسي فيه الشاب معتز الصوابحة الذي امتهن مهنة التكيس وتدرب عليها ومارسها منذ عشرة أعوام. ويقول إن الحمامات التركية المنتشرة في الشرق الأوسط والبلدان العربية منذ زمن طويل تساعد في تنشيط الجسم وتجديد شباب الجلد وحيويته والمحافظة على صحته وسلامته ونضارته. ويتضمن الحمام عددا من الخطوات كالتبخير، أي التعرض لبخار الماء بهدف فتح مسامات الجلد وتقشير الجلد الميت بليفة استحمام خاصة ثم تدليك الجسم لتحسين الدورة الدموية في الطبقة الخارجية من بشرة الجلد وهو ما يساعد في التخلص من الأوساخ والشوائب،وفقا لما قال الصوابحة، إذ إن الجلد يحتاج أن يتنفس أيضا فهو يمتص الرطوبة ويطرح الفضلات فإذا ما انسدت المسامات، فإن السموم ستتراكم داخل الجسم لذا فإن التخلص من مثل هذه السموم هو ما يعيد للبشرة ألقها ولمعانها الطبيعي ويجعلها أكثر شبابا لمدة أطول كما يساعد في تخفيف بعض الحالات المرضية بدءا من الكآبة وحتى التهاب المفاصل. وقال الصوابحة "أدخلنا بعض التعديلات الحديثة كالانتظار في غرفة ساونا وبخار خاصة(الجاكوزي) مملوءة بالشموع المعطرة مع شرب الشاي والاستماع لموسيقى هادئة بحيث يتم أثناء ذلك فتح مسامات الجلد،ثم يستلقي الشخص على طاولة مسطحة من الرخام للخضوع لعملية تقشير الجلد الميت وتسمى التكييس،لأنها تجرى بواسطة كيس خاص مصنوع من ألياف طبيعية موجودة في المغرب وتركيا ومصر وسورية ويستخدم لتنشيط الدورة الدموية في الجسم وفتح الشعيرات الدموية وإزالة السموم المتراكمة على سطح الجلد". ويشير إلى أن عملية التكييس"تكون مؤلمة في بادئ الأمر ولكن عند الاعتياد عليها تصبح ممتعة، فتزيد طاقة الجسم وتنظف الجلد وتجعل الإنسان يشعر بأنه أخف وأنشط"، منبهاً إلى أن الحمام التركي يفيد السيدات الباحثات عن الاسترخاء والنضارة وتخفيف مشاعر التوتر والتهاب المفاصل وحتى الكآبة. يمتلئ الحمام بالزبائن،إذ يذهب المادبيون إليه من فترة إلى أخرى، حيث يصلون إلى الحمام جماعة بعد أن يكونوا قد تواعدوا على الذهاب بعد الانتهاء من أعمالهم المسائية، فيجتمعون في البرّاني(الجزء الأول من الحمّام)،وبعد استراحة قصيرة يدخلون إلى الجواني(القسم الداخلي من الحمّام) حيث يجلسون في الحمام التركي(البخار)، وبعد فترة جلوس في الحمام التركي بين الخمس دقائق والربع ساعة ينتقلون إلى يديّ المكيّس حيث يقوم بتكييسهم بكيس الحمام الخشن،ثم بعد ذلك يأتي المدلّك فيقوم بالتدليك والمساج لفقرات الظهر والرقبة ولوحيّ الكتفين وأصابع القدمين واليدين ثم الرجلين والذراعين، ومن ثم الانتقال إلى الوسطاني (وهو الجزء الأوسط من الحمّام) حيث يتليف المستحم بليفة فولكلورية جميلة، ثم يغتسل ويرغي الشامبو الجميل أو صابون الغار على رأسه، وبعد ذلك يأخذ دوشا بماء فاتر أميل للبرودة، وبعد ذلك يناوله شغّيل الحمام المناشف وينشّفه ويلفه بالمناشف ويمضي المستحم إلى البرّاني فيجلس مع أصدقائه يشربون الشاي أو الزهورات أو القهوة. ونظراً للإقبال المتزايد من قبل السائحات الأجنبيات والعربيات اللواتي يزرن مدينة مادبا، فقد تم تخصيص ثلاثة أيام بالأسبوع للنساء وذلك بالتنسيق مع مكاتب السياحة، وبإدارة زوجة الصوابحة التي امتهنت التكيس منذ ما يزيد على عشر سنوات وفقاً لما ذكرت "ثمة إقبال واضح من قبل الفتيات". ويعمل في الحمام شقيقه بسام الذي تتلمذ على امتهان التكييس، حتى أصبح يقوم بكافة مراحل الحمام، الذي بلغت تكلفته ما يزيد عن 70 ألف دينار إذ قدمت الوكالة الأميركية للتمنية usaid ما نسبته 30 بالمئة من المبلغ في سبيل دعم هذا المشروع السياحي،وفقاً للصوابحة. ولأهمية إقامة هذا المشروع السياحي في مادبا، والتي تشهد حالياً تطويراً في المنتج السياحي، فقد ساهم مركز تعزيز الإنتاجية "إرادة" بعمل جدولة كاملة لهذا المشروع، بحسب مدير فرعها المهندس سهم الطراونة الذي أكد أن هذا المشروع من المشاريع التي يتوجب دعمها لأهميتها التراثية والسياحية.
منقول
حمام مأدبا التركي : طقوس نظافة ورجوع إلى أصالة التراث