موضوع: مؤتة .. بوابة الفتح الإسلامي الأربعاء يناير 21, 2009 4:24 pm
مؤتة .. بوابة الفتح الإسلامي
منذ الالتفاتة الأولى إلى الأردن تجد نفسك أياً كنت مسكوناً بوقاره ، وناهضاً لتنسج من خيوط فجر تاريخه نشيدك النبيل ، تاريخ قدَمَ رجالات فجروا حتى نسغ النخيل ليشرب الوطن.. فيا وطني الممتد من القلب للقلب الرابض دوماً تحت الأهداب .. اسمح لي أن أحادث فترات تاريخك الشجاع ليبقى في ذاكرة الأبناء يزاحمون به الأيام والسنين بحثاً ودراسة ليبقى الوطن شكلاً يفرح به التاريخ وتعتز به الأجيال.. من هنا.. من فيلادلفيا.. من مدينة الماضي البعيد حيث أقام فيها إنسانها الأول أنصاباً ضخمة مكرساً بها وجوده عندما سكنوها بيوتاً حجرية وأحاطوها بالأسوار حتى تطورت فأصبحت تحصينات تدل على أن هذا الإنسان وصل لدرجة متقدمة في التقدم في التحصن ، كان ذلك في الألف السادس قبل الميلاد وقبل الاهتداء إلى صنع الفخار .. ومذ ذلك الوقت بدأت الجماعات البشرية تتطور إلى أن أصبحت المدينة حاضرة هذه المنطقة وعرفت باسم عمّون سنة 1200قبل الميلاد . امتدت مملكة ربة عمون بين ثلاثة أنهار هي آرنون الزرقاء شمالاً ويبوق الموجب جنوباً . والأردن غرباً. وتشمل حسب بعض الروايات عشرين مدينة . اكتسبت المدينة أهميتها الاقتصادية بسبب ثروتها المائية والزراعية فقد أقحمت في التاريخ السياسي عندما تعرضت للغزو الإسرائيلي والآشوري والبابلي ، والفارسي واليوناني والروماني إلى أن دخلت في الحكم الإسلامي على يد القائد العربي يزيد بن أبي سفيان وما يجب ذكره أن التسمية السامية القديمة عادت إلى المدينة أي عمان بدلا من فيلادلفيا .. من هنا .. من تاريخ هذا الوطن وعبقرية مكانه سأنطلق إن شاء الله إلى باقي مدن المملكة لأتناول بعض أشيائه كأسواقه العتيقة ومبانيه وناسه .. لأروي بعضا من قصص أهلها وحكاياتهم التي تتصل بجميع طبقات سكانها ومستوياتهم الاجتماعية وغيرها .. من ثنايا الهضاب وبوادي الطبيعة الأردنية نتنسم عبق التاريخ الزاخر بحضارات جمة عبر متحف مفتوح على أرض المملكة الأردنية الهاشمية . ومن سير التاريخ تتألق الذاكرة بمواقعها .. هنا عبر خرير مياه عِفرا تسبيحا وتكبيرا لأول شهيد في بلاد الشام فروة بن عمرو الجذاميّ أحد عمال الروم على أرض البلقاء . بلغ سراة المسلمين سلم لربى أعظمي مقامي أسلم فكان مصيره الصلب والقتل على مياه عِفرا شمال الطفيلة .. وفي العام السابع الهجري قدمت وفود جذامه أهل الشهيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ودخلوا الإسلام . ترسم مؤتة على أرض الأردن بوابة الفتح الإسلامي في السنة الثامنة للهجرة .. والمزار في بلادنا يزار .. طيب الثرى بطيب الشهادة للصحابة زيد بن حارثة ،وعبدالله بن رواحه، وجعفر بن أبي طالب ،وتبقى مؤتة عزيمة حق بالرد على قتلة رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل الحارث بن عُمير الأزديّ لتنطلق دعوة لا اله إلا الله محمد رسول الله إلى أرجاء المعمورة . في أعماق الأردن استشراف لإطلالة مشرقة .. طبقة فحل حافظة تاريخية إسلامية تشدو بالتكبير والتهليل صداحةً بأنفاس شهداء معركة فحْلْ ليسجل عام 13 للهجرة انتصاراً إسلاميا بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح على الاستبداد الروميّ . وتشرق الشمس على سهول اليرموك الممتدة على هذا الثرى بأنوار الحق .. حق الأمة بالذود عن الحمى ونشر الرسالة المحمدية، فإذا بالأمة تعدُ لجحافل الروم وتمد لهم مدا.. وتدور رحى المعركة في السنة الخامسة عشرة هجرية وينعم المسلمون بنصر الله حتى تتنفس الأمة اشراقة فتوحاتها إلى بلاد الشام . جمال الأرض يزهر على غورنا شِماله وجنوبه بمقامات الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم. أمثال أبي عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة ، وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصقاع المعمورة و..ضرار بن الازور و في بلدة وقّاص مقام عامر بن أبي وقاص ..رحماك ربي على هذه الأنفس الطيبة إلى يوم الدين. تزدان ارض المملكة الأردنية الهاشمية ببركة المقامات لعدد من أنبياء الله عليهم السلام... من على احد مطلات مرتفعات السلط يقع مقام النبي يوشع . ومن بطون وديان المدينة تطل على مقام النبي شعيب (والنبي أيوب) والنبي جادور ومن ربى البتراء ترى مقام النبي هارون وعبر الطرقات تشاهد العديد من المقامات المهيبة. ومن شمائخ التاريخ وسمات أرست أنماط مجد أموي ... محكاة حضارية نشهدها في أعلى القلاع وفي صحون الصحراء... فن رفيع سجله المكان من منظور معماري تجلى بناؤه بزخرفات جذبت بواباتها وأعمدتها برونق النفس العربي ... فبدا السوق الأموي ومرافقة وظهر المسكوك الأموي كعملة متداولة ... هذه هي الأفاريز الأموية تتألق بقبابها .. قصورا على قلعة عمان العاصمة الأردنية . وتتجلى الحضارة العربية الأموية بما دُقَ على مداميكها من خط عربي وُشحت بحركات أحيت المكان وأبرزت للخط معانيه وأنواعه ..هنا ..اقرأ وتمعن بمطالع أركان الجدران وافخر بذكرى أمتك. وفي صحون البادية ثراء وثروة حضرية تعزز عِزها بقصور وحمامات طاب مسكنها وسُر سكانها.. قُصير عمرة فسحة ترفيهية لحمام أموي رابض مع سيمفونية الصمت بهذا المكان البديع .. لنقرأ من إيقاع التشكيل الجدراني المزخرف بفن الفريسكو صوراً تروي حكاية مجتمع أموي أبرز فناناً وأكرم بناءً وصور حداداً وبارك رساماً أعرب بلغة الرسم عن معنى الألوان ليكشف عن خصائص النفس بفطرتها العربية . وعلى هذا المكان المسجىّ عبرَ البادية الأردنية تسرح المعالم الحضارية الأموية .. فحمام الصرح وقصر الحلابات أريحية عمرانية في الذوق والجمال العمراني .. البعد الذي هنا بعدٌ مدنيٌ راق في عملية التزويد والتوريد المائي للحمامات بحرارتها وبرودتها عبر مساربها الجانبية والسفلية . قصر المشتى .. قصر الحرانة .. قصر طوبه .. منارات أموية وضاءة في أعماق الصحراء ومحطات مؤنسة للطرق التجارية وقوافلها مع رحلات الشتاء والصيف من بلاد الشام إلى الحجاز والعكس كذلك . قال تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر . تعبر المساجد الأموية عن التكامل المكاني للوجود الأموي على أرض المملكة الأردنية الهاشمية .. هنا على ثرى الفدين .. مدينة المفرق .. وهناك على مشارف نهر الأردن في طبقة فحل .. تعزيز للمنتصر وللمكان.. تجديد في ذاكرته مع هدير مياه وادي شجوه وادي الأمويين وذكرى دولتهم . ومن تراب الأرض ورذاذ الماء جبة حصيلتها منظومة فخارية تحكي عن أدوات حياته تقرأ عنها طبيعة وطبائع .. طبيعة المكان بزهوه وطيره وأنعامه .. تقلب في صفحات فخارية عن مفردات وطبائع عربية لترى بصمات المدينة والمدنية الأموية زاهية المطالع . ومن نسمات التاريخ العربي ذكرى المكان من أرض الحميمة هذا الموقع إطلالة .. إطلالة انطلقت منها الدولة العباسية .. التنظيم السياسي والعسكري مرحلة تتطلب البعد عن عيون الأعداء.. موقع اختاره الأمراء العباسيون في انطلاقة دولتهم لتبقى اللبنة الأولى في تأسيس الدولة العباسية التي امتد حكمها على مدى خمسة قرون .
الأربعاء يناير 21, 2009 4:24 pm