احتفل نيلسون مانديلا بعيد ميلاده التسعين امس الجمعة كرجل دولة يلقى احتراما على نطاق واسع لكن جنوب افريقيا تواجه عددا من المشاكل التي تمثل تحديا للحلم الذي يجسده لامة متجانسة متعددة الاطياف. ويلقى مانديلا الذي سجن 27 عاما لكنه سامح سجانيه السابقين اشادة كمثال ساطع للقدرة على التسامح والمصالحة. ابتسامته وروح المرح التي يتمتع بها جعلته شخصية دولية محبوبة لها وزنها. وهو نادر بين الزعماء الافارقة بموافقته على التخلي عن السلطة بسرعة بعد فترة ولاية واحدة فقط عقب انتهاء حقبة التمييز العنصري في عام 1994 . وهو يسمو فوق الاجناس والاراء في جنوب افريقيا نفسها وتبجله جميع فئات المجتمع بمن فيهم البيض الذي حارب من اجل الاطاحة بحكمهم. غير ان عيد ميلاده يأتي في وقت تشهد فيه بلاده أزمة في عهد سلفه ثابو مبيكي الذي يتعرض لانتقادات واسعة لفشله في مكافحة الايدز والفقر وتعاني البلاد من أزمة سلطة كبيرة وجرائم عنف وكارثة في زيمبابوي الدولة المجاورة لبلاده. وفي وصف الاشادة التي لقيها مبيكي عندما أصبح رئيسا كتب بارني متومبوثي رئيس تحرير صحيفة فاينانشال ميل هذا الاسبوع يقول '' مانديلا وحد البلاد. ومبيكي أشاع الفرقة.. من المحزن ان ارى ان /الرئيس/ الحالي يحقر ميراثه''. يقول بعض المحللين ان فكرة ان مانديلا كان يمثل عصرا ذهبيا من الامل خذلته البلاد الان غير صحيحة. وقال البروفسور ستيفن فريدمان بجامعة رودس ''المرة الاولى التي سمعت فيها قول أحد الصحفيين ان حلم مانديلا تحطم كانت في بداية عام 1995 . انها جزء من ردة الفعل التلقائية ازاء هذا النوع من المواقف''. لكن ليس هناك شك في ان فورة حكم مانديلا تبخرت. كثير من مواطني جنوب افريقيا وخاصة الاكثر تعليما غادروا جنوب افريقيا الى دول اخرى ويتحدث اخرون عن عمل نفس الشيء. وقالت صحيفة ذا ميل اند جارديان الاسبوعية ان تقريرا بحثيا فوضت به الحكومة أظهر ان 36 في المئة من السكان لم يعد لديهم التزام نحو البلاد وان 29 في المئة يفكرون في الهجرة. وتعاني جنوب افريقيا من نوع من أسوأ جرائم العنف خارج منطقة حرب وخاصة في منطقة جوتينج حول جوهانسبرج. وتعاني البلاد من أكبر نسبة اصابة بمرض نقص المناعة المكتسب /الايدز/ في العالم. وتتهم نقابات العمال والجناح اليساري داخل حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم مبيكي بانتهاج سياسات في مصلحة رجال الاعمال أدت الى تأخير ثمار حكم السود للفئات الفقيرة. ويبلغ معدل البطالة نحو 23 في المئة. ويتعرض النمو في أكبر اقتصاد في افريقيا للخطر بسبب أزمة في الطاقة حرمت مناجم البلاتين والذهب الحيوية من الكهرباء وتهدد باذكاء الاضطرابات بين نقابات العمال والمستوطنات الفقيرة.
وقال مهتمون ''مانديلا كان مهتما بالناس وتجاهل السياسة''. اما كبير الاساقفة ديزموند توتو صديق مانديلا وزميله في الفوز بجائزة نوبل للسلام فقال في مقال نشرته احدى الصحف بمناسبة عيد ميلاد الزعيم الافريقي ''لدينا نعمة سابغة في الشخص الذي جعلنا نؤمن بأن الامة المتعددة الاطياف هي امة قابلة للحياة''. رويترز