موضوع: نظرة إلى واقع الطب البديل الخميس يناير 01, 2009 9:12 pm
نظرة الى واقع الطب البديل
د. محمود عبدالعزيز الزعبي - صار الطب البديل صناعة البليون دولار في عالم اليوم، وفي الولايات المتحدة، هذه المدرسة من التطبيب بدون عقاقير، والتي يطلق عليها كذلك اسم الطب ''التكميلي'' او ''غير التقليدي'' تنظر - فيما يزعم المروجون لها - الى العقل والجسد باعتبارهما منظومة متكاملة، بما يعني ان كلاً منهما يؤثر في الآخر، وتعتمد على التزامك تجاه البقاء بصحة جيدة او على الرعاية الذاتية. ولكن ما هو ذاك التفاعل بين العقل والجسد الذي يزعم ممارسو الطب البديل انهم يعملون على توازنه؟ بداية، تقوم العلاجات البديلة على الفرض بأن العقل والجسد يرتبطان معاً بدرجة تتجاوز بكثير الافتراضات السابقة، وان الصحة الجسمانية والوجدانية ترتبطان معاً ارتباطاً وثيقاً. ففي مجتمع اليوم الذي تملؤه الضغوط والتوترات تتأثر الصحة ويتأثر العقل وكذلك النفس، ويظهر ذلك على هيئة فتور بالمشاعر، اكتئاب، آلام، او صداع، انفلات الاعصاب وعدم القدرة على التركيز، وربما اضطرابات الدورة الشهرية وفقدان الرغبة الجنسية، واعراض القولون العصبي وغير ذلك، اما اذا نظرنا للأمر من زاوية الساعات الضائعة نتيجة لحالات الغياب عن العمل، وتقلص الانتاجية، وتعويضات العاملين، فاننا نجد ان الضغط والتوتر العصبي يكلف الصناعة الاميركية اكثر من 300 بليون دولار سنوياً. ويصل عدد الزيارات التي يقوم بها المرضى لعيادات الاطباء نتيجة لشكاوى متعلقة بالضغط العصبي، وزيادة نشاط الكورتيزول الى تسع من كل عشر زيارات، وذلك طبقاً لاحصائيات رابطة علماء النفس الاميركيين. وبرغم ان رد فعل كل شخص تجاه منغصات الحياة ومسببات الضغط العصبي يتفاوت، الا ان كثيرين يعتقدون ان العلاجات البديلة يمكنها ان تعيد اليك السيطرة على جسدك وصحتك وان الفعالية الذاتية امر ضروري للبقاء بصحة جيدة. وخلال العقود الأربعة الماضية، ذاعت شهرة الطب البديل وصار الآن يضم بين جنباته سلسلة واسعة التنوع من المناهج غير التقليدية التي تهدف الى الصحة والاستشفاء، بعضها، مثل اليوجا والعلاج بالأعشاب، تعود اصولها الى حقب تاريخية بعيدة من التقاليد الآسيوية القديمة، وهناك اساليب اخرى مثل العلاج بالفنون او الاستماع بانتباه الى اسطوانة ليزر مسجل عليها مقطوعة ''ويند هام هيل'' في الوقت الذي قد يذهب شخص الى طبيب تقليدي ثم لا تتمكن الاختبارات العملية من التحقق من المرض الذي اعترى بدنه مثلما يحدث من الارهاق المزمن او من آلالام العضلية الليفية، وهذا المرض الذي تشبه اعراضه اعراض التهاب المفاصل، يصيب اكثر من عشرة ملايين اميركي - اغلبهم من النساء - بأعراض آلام في العضلات العميقة، وارهاق لا ينتهي، وعدم القدرة على النوم بعمق، واكتئاب، ولا يوجد أي اختبار معملي قادر على تشخيصه. وبرغم ان العلاج متاح للتعامل مع الأعراض الظاهرة الا انه لا يوجد في الوقت الحالي أي بشائر للشفاء منه بشكل قاطع، ولعله لا يدهشنا ان نعلم ان كثيراً من الاطباء التقليديين يشعرون انه اذا كان للمرض اعراض مبهمة - وبخاصة اذا صاحبها تفاقم في تدهور الحالة النفسية - وليس من الممكن تحديده بدقة علمياً، فان المرجح انه ليس مرضاً حقيقاً من النوع الذي تعترف به الكتب الطبية، ومن ثمّ، فان أي شكل من أشكال التدخل بالرعاية الصحية يحاول التعامل مع تلك الاعراض دون تشخيص محدد، يُطلق عليه اسم طب بديل، ولعل الطب المعاصر بتركيزه على كل جهاز من اجهزة الجسم بمعزل عن باقي الاجهزة، غاب عن ناظريه حقيقة ان الانسان اكبر بكثير من مجرد مجموع الاجزاء الحيوية المكونة له. ان الايمان بالطب البديل ليس بالشيء المستحدث، فقد منح ارسطو مصداقية لعلاج العقل / والجسد بنصيحته التي وجهها لغيره من الأطباء: ''تماماً مثلما انك لا تحاول علاج العينين دون الرأس، ولا الرأس بدون الجسد، فانه لا ينبغي عليك ان تعالج الجسد بدون الروح''، ولكن ما هو ذاك التفاعل بين العقل والجسد الذي يزعم ممارسو الطب البديل انهم يعملون على توازنه؟ بداية، تقوم العلاجات البديلة على الفرض بأن العقل والجسد يرتبطان معاً بدرجة تتجاوز بكثير الافتراضات السابقة، وان الصحة الجسمانية والوجدانية ترتبطان معاً ارتباطاً وثيقاً. هل مللت من الرعاية الطبية التي تشبه ''سلق البيض'' والتي يقضي فيها الاطباء زمناً متوسطه 10 دقائق مع كل مريض؟. ان الملايين من الناس يبحثون عن طريق طبيعية وفعالة للوقاية والعلاج من الأمراض، باستعمال اساليب ليس بالضرورة ان تكون قائمة على اساس علمي، مثل التدليك بالزيوت الاساسية او وضع السوار النحاسي لتخفيف آلام التهاب المفاصل، يمكن اذا تم ترخيص هذا وتركه يثبت الحاجة اليه، اعطاء الفرصة لوضعه على المحك.
الخميس يناير 01, 2009 9:12 pm