موضوع: علي مصطفى مشرفة... أينشتاين العرب الأحد سبتمبر 28, 2008 7:57 pm
علي مصطفى مشرفة .. انشتاين العرب
عمر هلسة - جرت العادة في الأوساط الأكاديمية على تلقيبه بآينشتاين العرب، والحقيقة أنه لو توفرت لهذه العقلية الفذة الإمكانيات الحقيقية في مجال البحث العلمي لاستطاع أن يضع بصمة مؤثرة لا تقل عما وضعه كبار علماء الطبيعة في العالم، إنه الدكتور علي مصطفى مشرفه أستاذ الرياضيات التطبيقية في جامعة القاهرة في الثلاثينيات من القرن العشرين، وأول عميد مصري لكلية العلوم بتلك الجامعة والأستاذ والمعلم لجيل من العلماء والباحثين الجادين. ولد مشرفه في سنة 1898 في مدينة دمياط الساحلية بمصر، وعاش فيها جزء من حياته ومن ثم ارتحل إلى القاهرة مع أسرته حتى تخرج من معهد المعلمين سنة 1917، ولكن طموحه العلمي دفعه للسفر إلى بريطانيا ليكون أول مصري يحصل على الدكتوراه في العلوم من كنجز كوليج سنة 1923، وقفل عائدا بعد ذلك إلى مصر ليعمل أستاذا في كلية العلوم ويكون أصغر المدرسين بتلك الجامعة العريقة، وفي سنة 1936 أصبح وهو في الثامنة والثلاثين من عمره عميدا لكلية العلوم. لولا تفوقه الدراسي ما كان مشرفه سيتمكن من متابعة دراسته فإفلاس والده ومن ثم وفاته، جعله مسئولا عن عائلته وأشقائه، ولكن ترتيبه الدراسي في المقدمة مكنه من مواصلة التعليم ف يتلك الظروف الصعبة، ورفض مشرفه وهو الحاصل على الترتيب الثاني في امتحان البكالوريا أن يلتحق بكلية الطب أو الهندسة، وفضل دار المعلمين التي ابتعثته لمتابعة دراسته في جامعة توتنهام ومن ثم كنجز كولج في بريطانيا، وكاد مشرفه أن يقطع دراسته ليشارك في ثورة 1919، ولكن موقف صديقه محمود فهمي النقراشي الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء أثناه، ووضح له النقراشي أن مصر تحتاجه عالما أكثر من مناضلا. حاول مشرفه أن يرسي نظاما تعليميا ناجحا وفاعلا في جامعة القاهرة، ويذكر أنه كان يؤكد مقولته خير للكلية أن تخرج عالمًا واحدًا كاملاً.. من أن تخرج كثيرين أنصاف علماء لذلك سخر إمكانيات كليته في دعم الطلبة المتفوقين وتوفير الظروف الملائمة لتفوقهم العلمي. تأثر مشرفه بنظرية النسبية لألبرت آينشتاين وعمل كأحد مساعديه لفترة من الزمن، وكان أول من نقل نظريته للعربية وشرحها لطلبته، وأيضا كان من أوائل العلماء الذين درسوا تفتت الذرات وفهم آلية توليد الطاقة من الانشطار النووي، وتمنى ألا تستخدم هذه التقنية في الحروب ولكن الأمريكيين استخدموها في الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك واصل مناهضته للاستخدام العسكري للطاقة النووية، وكان مشرفة إلى ذلك من أوائل من شاركوا في أبحاث الفضاء من خلال دراساته الفيزيائية في علم المقذوفات والميكانيكا. اهتم مشرفة بالترجمة بالإضافة إلى إبداعه العلمي المتنوع في حقول الرياضيات والفيزياء، فألف في الميكانيكا والديناميكا والتكنولوجيا النووية، وآمن أيضا بالعمل المؤسسي فأنشأ مع زملائه الجمعية المصرية للعلوم الرياضية و الطبيعية و المجمع المصري للثقافة العلمية. عرض على مشرفه التدريس في الجامعات البريطانية والألمانية ولكنه رفض وفضل البقاء في مصر بين طلبته،وحصل على لقب الباشاوية من الملك فاروق تقديرا على دوره في دعم العلوم ومؤلفاته المهمة، وتوفي مشرفه في ظروف غامضة في مطلع سنة 1950 ورثاه العالم الألماني آينشتاين قائلا: لا أصدق أن مشرفة قد مات ، انه ما زال حيا بيننا من خلال أبحاثه .