البلد : نقاط : 200030 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: شيء من اللغة - أكل أم إفترس السبت سبتمبر 06, 2008 5:45 pm | |
|
شيء من اللغــة - أكــل أم افـــترس
د. كامل جميل ولويل - يقول أهل الايمان ان القرآن اشتمل على افصح العبارات وادق الاساليب ولا يستطيع احد ان يستبدل به ما هو أفصح منه، وقال من جحد وأنكر: ان القرآن اشتمل على اساليب ليست جيدة ولفظ ليس جيدا، وقد كان لثلاثة من البلاغين آراء تدل على منتهى الدقة في اللفظ والتركيب، وقد عبر الطرفان عن ارائهما بما يلي: الفئة الاولى تقول: لا نسلم لكم ما ادعيتموه من ان العبارات الواقعة في القرآن انما وقعت في افصح وجوه البيان واحسنها لوجود اشياء منها بغير هذا الوصف عند اصحاب اللغة واهل المعرفة بها كقوله ''فأكله الذئب'' سورة يوسف 17، وانما يستعمل مثل هذا في فعل السباع (الافتراس) يقال افترسه السبع، وهذا هو الفصيح في معناه، وانما الاكل شيء عام لا يختص به نوع من الحيوان دون نوع. ورد البلاغون الخطابي والجرجاني والرماني: ان انكار اللفظ الفصيح والبلاغة الشاملة فيما وصفتاه لا يصدر الا عن جهالة او عناد، جهالة في اللغة او عناد في العقيدة، وليس في تأولهم في تلك الايات التي اعترضوا عليها الا الاوهام. فأما قوله تعالى ''فأكله الذئب'' فان الافتراس معناه عند السباع والوحوش الكاسرة القتل فحسب، ومعنى كلمة (الفَرس)'' دق العُنُق، والقوم أي ابناء سيدنا يعقوب (ع) ادعوا على الذئب انه أكله أَكْلاً وأتى على جميع أجزائه، وأعضائه، فلم يترك مَفْصلاً ولا عظماً ولاشحماً ولا لحماً، لانهم خافوا مطالبة ابيهم اياهم ان يأتوا بدليل يثبت صحة ما ذكروه، فادعوا فيه الاكل حتى يزيلوا عن انفسهم المطالبة، فلو قالوا (الفَرْس) لاخطؤوا لان الفَرْس يترك آثاراً وذكر هؤلاء البلاغون مثلا دارجا عند العرب، قالوا (تقول العرب'' أكل الذئب الشاة فما ترك منها تاموراً، أي لم يترك منها شيئا، لا دما ولا قلبا ولا حبةً، ذلك مثلهم ان الذئب الذي أكل الشاة كأنه ابتعلها ابتلاعا فلم يترك اثرا. وقال الشاعر العربي: إنَّ قومي لم تأكلهم الضَبُعُ وفي السيرة ورد حديث عن عتبة بن ابي لهب الذي أذى رسول الله (ص) أذىً شديدا دعا عليه الرسول (ص) بقوله ''اللهم سلط على عتبه كلب من كلابك'' وفي رحلة عتبة الى الشام رأى في الليل اسداً يطوف بين رجال القافلة ومتاعهم فقال (أكلني السبع) وقد حدث ما قاله عتبة: ان للغتنا فنونها وفصاحتها.
منقول
| |
|