موضوع: قرأـ لك - شجرة الرشراش السبت أغسطس 16, 2008 6:20 pm
قرأت لك - شجرة الرشراش
كانت حِسِنْ المرأة الاصيلة تعيش مع زوجها الغريب عن قبيلتها عيشة بسيطة، وكانت راضية بما قسم الله لها لان الحب جمع ما بينهما. ويذهب الزوج في رحلة طالت كثيرا طلبا للرزق ولم يوفق، واعتقد اهل زوجته انه تُوفي.. ولان الاعراب لا يتركون النساء بدون عائل.. واذ طال البعاد زوّج الاهل ابنتهم حِسِن لشيخ معروف.. وانتقلت لبيته.. ولكنها كانت دائما تردد: ''نادى المنادي باسم محمد فزيت واني عاسو واقع'' وقبل ان نتابع هذه القصة الشعبية البدوية الاردنية نقول ان مؤلفة هذا الكتاب (اغانينا مثل نبع الميه) هي الكاتبة عبلة حمارنة وقد نُشر كتابها في العام 2001 عن دار ازمنة في عمان. وتكملة للقصة السابقة تتابع المؤلفة قائلة: ويرجع الزوج الاول محمد من رحلته الطويلة وحين رأى الديار خالية صار يجوب العربان بحثا عنها او عن دليل يخبره عما جرى في غيابه. وفي احدى جولاته المستمرة على من حوله من مضارب العربان يدخل منزل الشيخ زوجها ويسمع صوت زوجته حِسِن تردد هذا البيت ''نادى المنادي باسم محمد فزيت واني عاسو النار واقع'' فقد كانت تردد هذا الكلام كلما سمعت عن ضيف قادم لتتأكد منه وهكذا دخل محمد منزل زوجها الشيخ الذي اكرمه وقدم له ما لذ وطاب ولكنه لم يذق شيئا ويبدأ بالبكاء لان صوت حِسِن يرن في اذنه فقد تأكد بمشاعره بأنه قد وصل مكان زوجته حِسِن. وحين يراه الشيخ يبكي يخاطب زوجته حِسِن بهذه الابيات: بكى ضيفنا يا حِسِن من فرقة النيا ولا ادري يا حِسِن ويش بكاه وان كان مظيوما جلىّ الله ضيمه وان كان فقريا انا عليّ غناه فاجابته زوجته: ''انا اعرف انه هذا الغريب محمد ياللي هنا اللي هناك فداه'' فرد زوجها في الحال (وهذا الموقف يدل على الاصالة) بقوله: ''مُحرّم عليّ البيت واللي تحوفه والهجن يا اللي هاجعات حداه'' وامر العبيد بتحميل جميع ما في البيت مما يلزمها، وامر بالنياق والحلال والمال وودعهما بنفس عزيزة حين شعر ان زوجته لا تزال مولعة بزوجها الاول، وان الظروف القاهرة فرضت عليها ذلك.. وعادت مع زوجها واولادها معززة مكرمة بعد ان تم عقد الزواج الثاني على زوجها الاول. شجرة الرشراش اما القصة البدوية الثانية في هذا الكتاب فهي: كانت احدى بنات القبائل المعروفة متزوجة لشخص شريف ولكنه (غريب) عن اهلها واسمه (شكر) وحين ارادوا الرحيل لم يطاوعهم قلبهم ان يتركوها ويرحلوا.. ففكروا كثيرا بالامر ثم وجدوا الحل: لقد كانت بالقرب من منازلهم شجرة رشراش وهي معروفة لدى الجميع في الوصف عند ملاقاة احدهم للاخر وكان زوجها كثير الخروج للصيد ومغرم به.. قال له اخوتها: نحن يا شكر سنرحل ونقيم عند شجرة الرشراش التي تعرفها.. ونريد ان نستضيف اختنا.. وثق شكر بكلامهم وكان حين يتجول اثناء الصيد يطل على المرباع من بعيد فيرش شجرة الرشراش ويتأكد انهم هناك.. اما اخوتها فقد طلبوا من رجالهم ورعيانهم ان يحملوا شجرة الرشراش ويبعدوا بها مسافة لا بأس بها ثم يثبتونها بالارض وينزلوا حولها.. وتكرر ذلك الامر عدة مرات حتى اكتشف وزوجها (شكر ابو محمد) الحيلة!! فراح يتبعهم حتى اشرف على منزل اخيها الشيخ ونزل به وعاتبهم بهذه الابيات: يا شجرة الرشراش لارشك ندى ولارشك من غيوم السما ارشاش اخذت عقل الشريف ابو محمد وخليته من دون الرجال بلاش وان كان ما يراه الضعن بأم محمد لا عاش قليك يا شريف لا عاش فسمعته زوجته من الرواق فبكت واجابته بنفس القافية تقول: يا شكر عاود لبلادك وانثني واللي ريحه ببلاده ببلاد الغربة ما يرباش والخوخ والرمان على امه ربي ومن دون امه يا شكر ما يرباش ودعتك حمدي واخوها محمد ولا عاش قلبي يا شريف لا عاش وما ان سمع زوجها شكر ما اجابته حتى ركب ذلوله (جمله) وعاد من حيث اتى الى اهله واولاده وعشيرته لينسى ما جرى معه من عذاب وفراق. قران العجايز كانت احدى العجائز تملك قطيعا من الماعز في احدى المغاور.. وفي نهاية شهر شباط في يوم مشمس قالت العجوز بعد ان اخرجت اغنامها من المغارة ''راح شباط وشب شباط ودسينا في ذيله مئة مخباط ولا اخذ منا عنق ولا ام عناق'' فسمعها شهر شباط وغضب من كلامها واستجار بجاره شهر اذار قائلا: يا عمي يا اذار يا ابن عمي: ثلاثتك مع اربعة مني خلي هالعجوز مع غنمها تالي الليل تقرعي. وبعد ساعات تلبدت السماء بالغيوم وامطرت مطرا غزيرا لمدة اسبوع وطاف السيل وجرف اغنام العجوز ونظرت الى السيل وقالت (يا سيل يا سيل خذهن على مهلهن.. معاشير لا يرمن بهمهن).. لكن السيل جرف الغنم مع العجوز!! لهذا سُمي قران الاقتران اربعة من اذار وثلاثة من شباط واسمها الان (المستقرضات).