البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: أصلاتُك تأمرك أن نترك عبادتنا ؟ السبت أبريل 28, 2012 7:27 am | |
|
أصلاتُك تأمرك أن نترك عبادتنا؟
د.كامل جميل ولويل - إنّ الإعراب ركن من أركان المعاني، وإذا حولناه الى عبارات تقليدية جوفاء فإننا نهدم ركناً مهماً، ما أبعد الإعراب عن جهد المتنطعين واللفظيين والشكليين، قال السيوطي في أحد كتبه: لقد ألفتُ كتاباً في المسألة التالية: ضربي زيداً قائماً، وذكر السيوطي مئات الأوجه في إعرابها الشكلي، دون أن يكون لذلك أثر في المعنى! لِمَ هذا التكلف؟ إنك إذا صافحت صديقك بتكلف يمقتك الناس، فكيف تشغل عقولهم بتقديرات إعرابية متكلفة لا تقدم للمعاني شيئاً، إن للسيوطي جهداً في معرفة إعراب بعض الآيات، يعطينا اليقين بأن الإعراب الحق الصحيح يفتح الطريق أمام فهم الأفكار والمعاني التي نبحث فيها، ما أجود هذه الآية التي تصف الانسان بأنه كائن متحول الظروف لا يستقر على حال واحد، قال تعالى «لتركبن طبقاً عن طبق». نريد أن نفهم الآية الكريمة الواردة في سورة هود باستخدام الإعراب الصحيح، قال سبحانه «قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبدُ آباؤنا او أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد» الآية 87، إن قوم شعيب يعترضون عليه ويلومونه على دعوته لهم بان يتركوا آلهتهم التي اعتادوا عليها، وقد وقع بعد هذا سؤالهم عن أفعالهم في أموالهم، كيف تعرب عبارة «او أن نفعل في أموالنا ما نشاء»؟ هل نعطف او ان نفعل على ان نترك؟ ظاهر الآية والصياغة دفعت بعض النحويين واللغويين أن يقول: سألوا شعيب هل صلاتك تأمرك ان نترك عبادة الآباء، وهل صلاتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، عطفوا أن نفعل على ان نترك، وهذا الإعراب يدل على شيء خاطئ في المعاني، فإن شعيباً عليه الصلاة والسلام جاء لينهى عن عبادة الأصنام ولينهى عن التصرف الخاطئ بالأموال، ولا سيما في الكيل والوزن، فالعطف هنا يأتي لبيان حكم الشريعة في المال كما في العبادة، إذاً: العبارة او ان نفعل معطوفة على (ما)، فيكون النهي هنا ذا اتجاهين: أولهما أن الصلاة تأمر بترك الآلهة وترك الفِعل كما يشاءون في الاموال، فشكراً لعمل الإعراب في بيان المعاني، ومعنى الآية الان كما أوحى به الإعراب، يا قومي اتركوا ما أنتم فيه من عبادة خاطئة، ومن إهدار للمال او التصرف غير اللائق به، فنفوسكم مخطئة في العبادة والإنفاق. ونقف موقفاً اخر مع الجملة الاسمية في آية الحج، إنه سبحانه لم يأمر في الحج كما أمر في الصلاة والزكاة، كانت الأفعال: وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة، تدل على النهوض بالفعل، وهو شيء متكرر، وأمّا الحج فانه مرة في الحياة كلها، ولذلك يتراخى المؤمن في أدائها، هذا العام نحج او بعد عامين او ما شابه ذلك، فنزلت الآية بصيغة الجملة الاسمية وهي التي تدل على الاستمرار والثبات، إنه وجه حق ثابت ودائم في ذمم المؤمنين، لقد فُضلت صيغة الخبر على صيغة افعل للتحقيق الدائم، إنه لسان عربي شريف.
| |
|