موضوع: الحــــــس المتزامن ! السبت مارس 10, 2012 11:10 am
الحـــــس المتزامـــــن !
سُجلت في القرن الماضي حالات كثيرة ربط بها الناس بين حواسهم!. إن هذه الظاهرة سميت «الحس المتزامن»، مع أنها قد تبدو ظاهرة غريبة بالنسبة إلى الأشخاص غير الموهوبين بهذه القدرة على الربط بين الحواس المختلفة، يصرّ علماء الحس المتزامن على أن الأصوات المنطوقة والرموز التي تمثّلها ترتبط في فكر البعض بألوان معيّنة، وأن كل نوتة موسيقية مرتبطة بلون خاص بها. ليست القدرة على الربط بين الحواس موجودة لدى جميع الأشخاص، يوافق معظم الناس على أن الأصوات العالية «أفتح» من الأصوات الخافتة، أي تذكرهم بألوان أفتح من تلك التي تذكرهم بها الأصوات الخافتة، وأن الأصوات المنخفضة النبرة تستحضر إلى ذهنهم أشياء كبيرة الحجم في حين أن الأصوات العالية النبرة تذكّرهم بأشياء صغيرة. يعتبر كل من شارل سبينس وآن-سيلفي كريسينيل من جامعة أوكسفورد أنه ثمة علاقة مشابهة قائمة بين حاستي السمع والشم. = تجارب حسية. أرادت الآنسة كريسينيل والدكتور سبينس معرفة ما إذا كان من الممكن الربط بين رائحة ما وبين نبرة صوت معيّنة أو حتى صوت آلة موسيقية محددة. لمعرفة ذلك، طلب الباحثان من 30 شخصاً اشتمام 20 رائحة مختلفة، بدءاً برائحة التفاح مروراً برائحة البنفسج وانتهاء برائحة دخان الخشب المحروق. بعد اشتمام كل عيّنة بعمق، تعيّن على المتطوعين اختيار من بين 52 صوتاً مختلف النبرة، بما فيه أصوات البيانو وآلة النفخ وآلة وترية وآلة نفخ موسيقية نحاسية، الصوت الأقرب إلى الرائحة التي اشتمّوها. جاءت نتائج الدراسة التي من المتوقع أن تنشر في هذا الشهر في مجلةChemical Senses، مثيرة للاهتمام. اكتشف الباحثان في بادئ الأمر أن المتطوّعين لم يجدوا طلب الباحثيْن، القاضي بالربط بين الرائحة والصوت، طلباً سخيفاً بل منطقياً. ثانياً، وجد الباحثان أنه ثمة اجماعاً بارزاً بين المتطوّعين. ذاك أن الروائح الحلوة والحامضة كانت تدفعهم إلى اختيار الأصوات العالية النبرة، في حين أن روائح الدخان والخشب كانت تدفعهم إلى اختيار الأصوات المنخفضة النبرة. في المقابل، كانت رائحتا العلّيق والتوت البرّي تستحضران إلى ذهن المتطوّعين صوت البيانو، وكانت رائحة الفانيلا مقرونة بصوت البيانو وبصوت آلة النفخ، في حين كانت رائحة المسك تستحضر إلى ذهنهم صوت آلة نفخ نحاسية. صحيح أن العلم لم يتوصل بعد إلى معرفة السبب الذي يجعل الناس يستخدمون حواسهم الموسيقية بهذه الطريقة لتقييم الروائح، إلا أنه لم يعد يعتبر كما في السابق أن كل حاسة تعمل بمعزل عن الحواس الأخرى. في هذا السياق، يقول الدكتور سبينس وكريسينيل إن الناس يعيشون اليوم في عالم متعدّد الحواس وإن دماغهم يجمع من دون كلل أو ملل معلومات من مختلف المصادر لفهم معنى ما يجري حولها.
حاسة التذوّق مرتبطة بحاسة السمع أظهرت دراسات أجريت على أدمغة الفئران أن أجزاء أدمغتهم المسؤولة عن حاسة الشم تتفاعل أيضاً مع الأصوات. تبيّن أيضاً أن حاسة التذوّق مرتبطة بحاسة السمع. في دراسة سابقة، وجد الباحثان أن الطعمين الحلو والحامض، على غرار الروائح، يستحضران إلى الذهن الأصوات العالية النبرة، في حين أن الطعم المرّ يستحضر الأصوات المنخفضة النبرة. لكن اليوم، توصل الباحثان إلى ما هو أعمق من ذلك. في دراسة تنشر هذا العام، بيّن سبينس وكريسينيل وزملاؤهما كيف أنه يمكن للأصوات والآلات المستخدمة في الموسيقى الخلفية التأثير على طعم المأكولات. في هذه التجربة، أُعطي كل متطوّع أربع قطع من حلوى التوفي. في الوقت الذي كان فيه المتطوّعون يتناولون قطعتين من التوفي، تم تشغيل موسيقى حزينة ومنخفضة النبرة صادرة عن آلات نفخ نحاسية.و أثناء تناولهم القطعتين الأخريين تم تشغيل موسيقى لآلة البيانو عالية النبرة. وجد المتطوّعون أن حلوى التوفي التي تناولوها على وقع موسيقى منخفضة النبرة كانت أكثر مرارةً من حلوى التوفي التي تناولوها على وقع موسيقى عالية النبرة. لا شك في أن قطع التوفي كانت نفسها في شتى الحالات؛ إنما طعم الموسيقى هو الذي اختلف!